مجالُ التنمية البشريّة هو مجالٌ يعمل منذ نشأته على تعزيز مكوّنات المجتمع المدني، المادية والمعرفية; وفق مؤشرات نوعيّة تعمل كدليل مرجعي لمقاييس التنمية البشريّة; والتي فيها تم تقييم معايير التنمية من خلال ثلاثة مؤشرات نوعيّة، (توزيع الدخل وجودة التعليم ومتوسط العمر الصحي المتوقع).
كما أنها تقدّم مؤشرات لثلاثة متغيّرات تؤثر على واقع التنمية البشرية وهي معنية بدراسة (توزيع الدخل، ونوعية التعليم، والعمر المتوقع بصحة جيّدة); ولذلك نجد أن محركات التنمية البشرية تعمل على دراسة جميع المتغيرات المؤثرة على مساقات التنمية البشرية المعنية بالنوعية; والتي تندرج تحت (القطاع الصحي، والقطاع التعليمي، المتقاطع مع التعقيد القائم، والقطاع الاقتصادي المؤثر على مستوى رفاهية المُجتمع المدني).
كوفيد-19
منذ مرور العالم بالجائحة تبيّن للحكومات عدم قدرة النماذج السائدة على إدارة التعقيدات المطروحة بفاعلية للنهوض بالتنمية المُستدامة; وفي هذا السياق تمّ اعتبار سياسة الحوكمة المفتوحة القائمة على المعرفة الرقميّة أنها تعمل على تحسين مستوى الشفافية في مجالات الإدارة وتخدم عنصرين أساسيين; أحدهما معني بإعادة بناء المجتمع وتحسين أدائه بشكل أفضل وضمان إمكانية تحقيق أهداف التنمية المُستدامة; خلاف ما تمّ خلال العقد الماضي، الذي كان يدور حول تنظيم الآلية التنسيقية بشكل كلاسيكي للعلاقات الحكومية بين الحكومات والمواطنين في الدول العربية والتي كانت تشكل ضغوطًا اجتماعيّة واقتصاديّة على المواطن والدولة.
على الرغم من الجهود المبذولة على مسار التنمية المستدامة والاكتفاء الذاتي، فإنه لا تزال التوقعات تجوب المنطقة الرماديّة بالنسبة للدول العربيّة; وهذا بسبب الركود العالمي الناجم عن تفشّي الجائحة، والتغيُّرات المترتبة عن تدابير التكيُّف مع انخفاض أسعار النفط والمواد الخام; إضافةً إلى الصراعات الإقليميّة، والتي من خلالها تشكلت فجوة رقميّة فاقمت أوجه عدم المساواة في تأثير الجائحة، فالعديد من الآليات المستخدمة عملت على مواجهة الجائحة عن طريق التحوّل إلى مناهج وأساليب تستخدم الإنترنت، والتي من خلالها تم بشكل فرضي استبعاد الأشخاص، الذين لا يستطيعون الوصول إلى الإنترنت، عند استخدام هذه الآليات، وبالتالي أصبحوا أكثر عرضة لتأثير الجائحة وتداعياتها الاقتصاديّة.
وبما أن نهج الحكومة المفتوحة يرتكز بشكل أساسي على المكوّن التكنولوجي الرقمي، فإن مفهوم الأمية في وقتنا الحاضر تحوّل من مفهوم معني بالأمية المعرفيّة إلى مفهوم مؤثر على الإطارين الاجتماعي والاقتصادي الذي يعمل على تقييم العناصر الرئيسية للفجوة الرقميّة والحكومة المفتوحة في المنطقة العربية وهي الأمية الرقميّة، ولا بد أن تتضمن مساقات بحثيّة تعمل على تتبع أبعادها ومؤثراتها المجتمعيّة، وبذلك تسهل علينا عملية تتبع المعايير المؤثرة على التنمية المستدامة والبحث في أنماط النجاح والعلاقة بينها، وهي بذلك تتيح لنا قياس التقدّم في مجال التنمية البشريّة وسدّ الفجوة الرقميّة.
في الختام :
تبيّن من النتائج المعلنة للعديد من الأبحاث العلمية المعنيّة بالتنمية البشريّة; التي قامت على تقييم مستوى المعايير المعنيّة برقمنة الخدمات المقدّمة للعميل المستهدف والمرتبطة بمحركات التنمية البشريّة; أنها قدمت تقدمًا استثنائيًا واضحًا في مجال الحوكمة الرقميّة، الذي أصبح بابًا جديدًا للاستثمار في بناء قدرات قطاعَي الصحة والتعليم; وتنويع الاقتصاد، واعتماد سياسات الاقتصاد الكلي لتحسين مستوى الصحة والتعليم; لا سيما السياسات التي تحقق نموًا اقتصاديًا شاملًا من خلال الانتقال إلى اقتصاد قائم على المعرفة; بالتوازي مع الجهود المبذولة لتحسين النظم المُستخدمة وتعزيز المُشاركة والمُساءلة وسيادة القانون; والنهج الأنسب للنهوض بالتنمية البشريّة بشكل معني بالتطوير النوعي في الخدمات والآليّات المُستخدَمة.