الدوحة- بزنس كلاس:
ساهم الحصار الذي فرضته 3 دول خليجية على دولة قطر، في إبراز حاجة زيادة الجهود اللازمة لتطبيق أهداف برنامج الأمن الغذائي الذي يفضي إلى الاعتماد على المنتج الزراعي المحلي. كما ساهم الحصار في إحداث حراك بين المستثمرين في القطاع الزراعي المحلي الساعين لتعظيم إنتاجهم الكفيل بتلبية حاجة السوق، على أن ذلك يتطلب المزيد من دعم المزارع المختصة بإنتاج الخضراوات الرئيسية التي لا تخلو مائدة من مكوناتها.
ويوجد في دولة قطر عدد كبير من المزارع التي تنتج الخضراوات الطازجة الأساسية على مدار العام، بسبب الاعتماد على أساليب الزراعة الحديثة التي تعتمد على المحميات والزراعة المائية، ومن بينها تلك المعروفة بـ «المزرعة العالمية» الموجودة بأم صلال محمد.
وفي حديث مع صاحب المزرعة رجل الأعمال علي الكعبي، من أجل تقديم وصفة جديدة للنهوض بهذا القطاع في ظل الأزمة الحالية، على اعتبار أنه أحد أهم الخبراء في هذا المجال، ويمثل قطر في العديد من المحافل الخارجية المتعلقة بالقطاع الزراعي.
يؤكد الكعبي أن الأزمة الحالية مع الدول الخليجية الثلاث، والحصار المفروض على دولة قطر، يجب أن نأخذه في الإطار الصحيح، ونقول: «رب ضارة نافعة»، وخاصة فيما يتعلق بالقطاع الزراعي.
وقال: «وصفة النهوض بهذا القطاع متوافرة لدى مسؤولي وزارة البلدية والبيئة منذ فترة طويلة والجميع يسير عليها، والفترة الأخيرة شهدت نهضة كبيرة في هذا القطاع، ولكن الجديد الذي حدث هو أن هذه الخطة سيتم الإسراع بها، من أجل تحقيق أفضل النتائج في أقرب وقت ممكن».
وشدد على أن الخطة الموضوعة منذ فترة تعتمد بشكل أساسي تحقيق رؤية قطر 2030، والتي تركز بشكل كبير على الاقتصاد المتنوع، ومشاركة القطاع الخاص في تحقيق هذا التنوع. ويعتبر القطاع الزراعي أحد أهم القطاعات المهمة التي يتم التركيز عليها لتحقيق هذه الرؤية.
وأشار إلى أنه لا يوافق على التوسع في إنشاء المزارع خلال الفترة المقبلة، من أجل زيادة الإنتاج. وقال: «ما لدينا من مزارع يكفي للسوق المحلي، ولكن في حالة استغلال المزارع الموجودة بالفعل أفضل استغلال، حيث هناك خطة للحكومة بتقنين سكن العمال والمخازن في الكثير من الأماكن، وهي أصلاً مزارع وعددها كبير للغاية، ولذلك يجب إعادة استغلالها من جديدة لتقف جنباً إلى جنب مع المزارع المنتجة والموجودة بالفعل».
وشدد على أن قطر تتمتع بوجود العديد من المزارع المنتجة، وهناك أيضاً مزارع ليست منتجه، ولذلك بدلاً من إنشاء مزارع جديدة أخصص ربع ميزانية هذه الفكرة، ويتم البدء في تطوير المزارع غير المنتجة، وأدعم المزارعين بها بشكل كبير، ستكون التنجية في النهاية أفضل بكثير من إنشاء مزارع جديدة، تحتاج إلى تكلفة عالية، خاصة وأن هذه المزارع تحتاج بنية أساسية، وهي أيضاً مكلفة، ولذلك يجب العمل على ما هو موجود، هذا أفضل.
كما أكد على أن دعم المساحات الموجودة بالفعل يجب أن يكون بشروط قاسية على المزارعين، من خلال الرقابة، ووضع معايير صارمة حتى تكون هذه المزارع منتجة بعد التطوير، وإذا لم يحدث ذلك مثلاً بعد 12 شهراً يتم سحب المساحات من المزارعين، وهكذا.
ولفت علي الكعبي إلى موضوع مهم للغاية، لا أحد يثيره في وسائل الإعلام، وهو يتعلق بدعم البذور والأسمدة بسبب ارتفاع أسعارها، حيث يؤكد على ضرورة أن تتم زيادة الميزانية المخصصة للبذور والأسمدة لدعم المزارع القطرية بشكل كبير في عملية تخفيض التكلفة للمنتجات الزراعية.
وتحدث أيضاً عن موضوع آخر لا يقل أهمية وفقاً لوجهة نظره، حيث طالب بضرورة فتح المجال لتراخيص المعامل الصغيرة الخاصة بالزراعة. وقال: «على سبيل المثل توجد في المزارع القطرية ماكينة 4م × 4م لإنشاء الصناديق الصغيرة التي تتم فيها تعبية المنتجات، وهذه الماكينة لو تم توفيرها محلياً دون الاعتماد عليها من الخارج ستوفر الكثير للمزارع القطرية، هذا بالإضافة إلى المواد الأولية التي تدخل في الصناعة، مثل المواد الكيماوية، حيث لابد من فتح المجال أمام المواد الأولية داخل المزرعة بدلاً من الذهاب إلى المنطقة الصناعية للحصول عليها».
واستطرد في هذه الجزئية مؤكداً على أنه لو تم السماح بإمكانية التغليف داخل المزارع القطرية بفتح خط إنتاج العبوات داخل كل مزرعة سيوفر الكثير لأصحاب المزارع، ويساعد على زيادة الإنتاج بشكل يومي، وهو ما يصب في النهاية لمصلحة القطاع الزراعي بشكل عام».
وأكد على ضرورة منح المزارع الترخيص للحصول على أي مواد أولية تدخل في نطاق الزراعة، وقال: «الجميع يعلم أن هذه المواد مكلفة، ولذلك إذا قمنا بتصنيعها داخلياً ستوفر الكثير على أصحاب المزارع، وهو ما يعكس نتائج إيجابية بعد ذلك».
التسويق
وعن التسويق وما يحتاجه القطاع الزراعي القطري في هذا الشأن، أعلن الكعبي أن موضوع التسويق مهم جداً، ولابد من تدخل الدولة بكل ثقلها فيه، من أجل المنتج المحلي. وقال: «يجب أن تكون هناك قرارات مثل التي في سلطنة عمان، حيث إن المنتج المحلي له الأولوية في كل مجمعات سلطنة عمان، وبالفعل نحن هنا في قطر بدأنا في هذا الطريق خلال الفترة الأخيرة، من خلال التعاون مع الميرة بعرض المنتجات المميزة في مكان معروف داخل المجمعات الخاصة بالميرة، ولكن هذا لا يكفي، ويجب أن يشمل باقي المجمعات التجارية الأخرى، خاصة وأن المنتج المحلي مميز ولا توجد به مبيدات، بالإضافة إلى أن سعره مناسب جداً، لكونه لا يتحمل تكلفة نقل باهظة مثل التي تأتي من الدول الخارجية عن طريق البر أو البحر أو الجو».
وعن رأيه في كيفية تشجيع المزارع المحلية المنتجة على الزراعة في الصيف دون توقف، من أجل سد الحاجة المتزايدة خلال هذه الفترة، قال علي الكعبي: «هذا الموضوع أصبح يشغل اهتمام الكثيرين من أصحاب المزارع خلال هذه الفترة، ولذلك لابد أن تكون هناك مواقف داعمة لتشجيع المزارع على ذلك، ويمكن على سبيل المثال دعم الكهرباء داخل المزارع خلال الفترة من شهر يونيو إلى أكتوبر من كل عام، خاصة وأن الجميع يدرك أن الزراعة في الصيف تكون في البيوت المحمية، وهي تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، وبالتالي إذا تم دعم المزارعين خلال هذه الفترة فمن الممكن أن تتسع رقعة الزراعة في الصيف».
واختتم الكعبي حديثه، مؤكداً على موضوع مهم للغاية، وهو ضرورة التركيز على الأصناف الرئيسية داخل المزارع القطرية، حيث قال: «يجب التركيز على زراعة الأصناف الرئيسية داخل المزارع القطرية، من أجل إحداث حالة من الاكتفاء الذاتي للسوق المحلي منها، وهي: الطماطم، والخيار، والفلفل بجميع أنواعه، والباذنجان بجميع ألوانه، وأن تكون زراعة الورقيات والمفلوف في المرتبة الثانية، والبطاطس والبصل يمكن استيرادها من دول آسيا، حيث لا تتأثر إذا ظلت في البحر لشهور حتى تصل إلى قطر.