بعيداً عن الجانب المظلم للحرب العالمية الثانية (1939-1945)، الذي أغرق العالم في بحر من الدماء والدمار، إذ قتل أكثر من 60 مليون شخص، والتي شارك فيها الغالبية من دول العالم، كانت لهذه الحرب جوانب مضيئة، وذلك بفضل الاختراعات العلمية التي غيرت مفهوم الرفاهية بعد الحرب وجعلت الحياة أبسط مما كانت عليه.
فيما يلي عرض لأهم الاختراعات والابتكارات التي خرجت من ظلمة الحرب.
1-التيفال:
من أفضل الاختراعات من وجهة نظر ربات البيوت هي أواني التيفال، لأنها لا تسمح باحتراق أو لصق الطعام مما يجعلها سهلة التنظيف، لكن ما لا تعرفه أن مادة التيفال تم اختراعها بالصدفة عام 1938، علي يد الكيميائي روي بلونكيت، الذي كان يريد صناعة نوع جديد من سوائل التبريد، ولكنه فوجئ بمادة صلبة لها خاصية الانزلاق، أطلق عليها اسم”التيفلون”، ولخصائصها الكيميائية استخدمت في تصنيع القنابل الذرية التي تم إلقاؤها على مدينتي هيروشيما وناجازاكي.
وفي عام 1954، صنع المهندس الفرنسي مارك جريجوار أول مقلاة غير لاصقة لاحتوائها على مادة التيفال، والتي استخدمت على نطاق واسع بعد ذلك في أواني الطهي.
2- البنسلين:
اكتشفه بالصدفة عالم الأحياء والصيدلاني الاسكتلندي ألكسندر فليمنج، عندما كان يقوم بإحدى تجاربه عام 1928، لكن لم يكشف عن قدرته العجيبة في العلاج إلا على يد دكتور هاورد فلوري، عام 1939، وخلال سنوات الحرب تم استخدام البنسلين كعلاج بين مصابي الحرب، وحقق نتائج مذهلة، لذلك بعد انتهاء الحرب تم استخدامه في علاج كافة الأمراض البكتيرية التي تصيب الإنسان.
3-التلفاز الملون:
عرف المشاهد أول مرة خدمة بث تلفزيوني في بريطانيا عام 1963، وكانت من قبل هيئة الإذاعة البريطانية، وفي نفس العام بدأ تقديم الخدمة في نيويورك من قبل شركة “RSA”، لكن في عام 1940، بدأت شركة “CBS” تقديم خدمات البث التلفزيوني الملون، والذي انتشر تدريجياً بعد الحرب، ويعود الفضل في اختراع التلفاز إلى جون لوجي بيرد.
4-الرادار:
في عام 1886، أثبت الفيزيائي الألماني هاينريش هيرتز، أن الموجات اللاسلكية يمكن أن تنعكس من الأسطح المعدنية والعازلة، مما مهد لصناعة الرادارات.
وفي عام 1935، أجرى العالم البريطاني روبرت واتسون وات أول تجارب في الكشف عن الطائرات بالرادار، حيث استطاع اكتشاف اتجاه الأهداف وتحديدها، فيما بعد تم تطوير استخدام الرادار، خاصة أثناء الحرب، وحمل اسمه الشهير في عام 1940، من خلال البحرية الأميركية، وهي الأحرف الأولى لكلمات جملة الاكتشاف اللاسلكي وتحديد المدى “Radio Detection and Ranging”، وقد أصبح يستخدم حالياً في تحديد سرعة السيارات، وتحذير السفن والطائرات من العوائق الطبيعية.
5-الطاقة النووية:
ما بين عامي 1939 و1947، أطلقت أميركا مشروع منهاتن، الذي أسفر عن إنتاج أول قنبلة ذرية في التاريخ، التي تم إلقاؤها على مدينتي هيروشيما وناجازاكي عام 1945.
نتيجة للطاقة الهائلة من استخدام الذرة، قررت أميركا استخدامها بشكل سلمي بهدف إنتاج الكهرباء، وحدث ذلك عام 1951، عندما تم بناء أول مفاعل نووي لإنتاج الكهرباء “EBR-1″، ثم تلى ذلك بناء مفاعلات أخرى في دول أخرى من العالم، أيضاً تم استخدام النظائر المشعة والثابتة في تشخيص بعض الأمراض، بالإضافة إلى مجالات العلوم.
6-العلاج الكيماوي:
في 2 ديسمبر/كانون الأول 1943، ضرب الألمان ميناء باري الإيطالي، وغرق أكثر من 25 سفينة منها جون هارفي المحملة بـ2000 قنبلة من غاز الخردل، والتي أدت لوفاة وإصابة المئات من المتواجدين في الميناء.
وعندما قام دكتور ستيوارت فرانسيس ألكسندر بفحص وتشريح جثث الموتى، وجد أن الخلايا اللمفاوية في الدم والغدد تعرضت للضمور، لذلك اقترح استخدام غاز الخردل في علاج أمراض السرطان، بعد ذلك أصبحت مشتقات الخردل تستخدم كعلاج لأمراض السرطان.
7-الوقود الصناعي:
بدأ إنتاج الوقود الصناعي في ألمانيا من أجل توفير احتياجات الجيش النازي، مع بداية الحرب، تحديداً عندما انتشرت الجيوش النازية على كافة الجبهات، وكلف بتلك المهمة المخترعان الألمانيان فرانز فيشر وهانس تروبش، اللذان قاما بتحويل الغاز الصناعي إلى وقود سائل لأول مرة عام 1923م، والذي أصبح الأفضل في الاستخدام لمحركات الطائرات خاصة في الشتاء في الوقت الحالي.
8-المحركات النفاثة:
مع بداية الحرب، اهتمت الكثير من الدول بتطوير سلاحها الجوي، أما أول رحلة ناجحة بالطائرة النفاثة فكانت من نصيب ألمانيا، عام 1939 وبحلول عام 1941، صنع الضابط الإنكليزي فرانك ويتيل محركاً نفاثاً أكثر فاعلية، وظلَّ التنافس فيما بين دول الحلفاء والمحور في تطوير محركات الطائرات، مما عاد بالنفع على البشرية بعد انتهاء الحرب.
وتستخدم حالياً في إرسال الأقمار الصناعية والمركبات إلى الفضاء، وتطوير صناعة الطيران في الدول المتقدمة.
9-الحواسيب:
يعتبر الحاسوب Colossus الإنكليزي، أول حاسوب يتم صناعته في أربعينات القرن العشرين بهدف فك شيفرة الجيش الألماني في الحرب العالمية الثانية، تلاه جهازا إنيكما وبومبي.
وفي السنوات التالية ومع بداية الخمسينيات من القرن العشرين، بدأت حركة تطوير صناعة الحواسيب في العالم تدريجياً، التي اعتمد في صناعتها على النظام الثنائي “الصفر والواحد”، والتي كانت قدراتها على البرمجة محدودة وذات أحجام كبيرة.