“الحرباية” و”واحة الغروب” و”هذا المساء” مسلسلات: للكبار فقط

في كل عام تعرض مسلسلات جريئة إجتماعياً وسياسياً وبوليسياً على مختلف الشاشات العربية، لكن جرعة إباحة المشاهد الساخنة،والألفاظ والشتائم البذيئة الخادشة للحياء ،وتناول الكحول والزنا في المسلسلات العربية زادت إلى حد كبير لا يوصف بدون أي مبرر في شهر رمضان الفضيل بحيث أصبحنا نترحم على مسلسلات زمان المصرية واللبنانية وحتى السورية التي كانت هذه المشاهد نادرة جداً فيها ورغم ذلك كانت أعلى مشاهدة من مسلسلات اليوم بكثير وأكثر احتراماً وشعبية في شهر الصوم والتقوى والخير.
في رمضان 2017 ارتفع عدد المسلسلات التي تزينها كلمة “دون سن 16 أو 18” عام، وبعضها لم يضعها لكنه يأتي في خانة الأعمال المخصصة للكبار فقط التي لا يوجد تفسير لزيادتها جرعة الجرأة في إباحة المكروه في شهر رمضان من مشاهد الإغراء والألفاظ والزنا والكحول . ومن أبرز هذه الأعمال الفنية العربية الموجهة للكبار فقط:

“الحرباية” ينقل واقع العشوائيات وتجار المخدرات بجرأة سطحية
بعد مسلسلها السابق “مريم” تعود الممثلة اللبنانية الجميلة هيفاء وهبي إلى الدراما بمسلسل “الحرباية” ، تأليف: أكرم مصطفى ،إخراج: مريم الأحمدي، بطولة: هيفاء وهبي،دينا ، خالد كمال،منذر رياحنة،عايدة رياض ،فيدرا،وآخرون- بدور عسلية الفتاة الفقيرة الحسناء التي تحب حسن وترفض راشد تاجر المخدرات الصغير المتواضع إبن عم زوج شقيقتها فتون “دينا” ،فيقوم راشد بقتله،وحين يحبس زوج شقيقتها ويحتاجان رجلاً يحميهما تتزوج راشد،ثم تعرف فجأة إنه كذب عليها،ومازال يتاجر بالمخدرات،وهو قاتل خطيبها حسن فتهرب منهما ،ويهديها رجل عجوز “حرباية” وينصحها بأن تتعلم كيف تخفي نفسها لتحمي نفسها من خطر البشر عندما تختفي أو تغير لونها،وفعلت عسلية مثل الحرباية. فادعت التدين وارتدت الحجاب لدى تعرفها على أسرة طيبة،وتزوجت من رجل آخر طيب لا يعرف حقيقتها وأنها متزوجة من رجل آخر قبله ومازالت على ذمته لم يطلقها بعد شرائها غشاء بكارة صيني من صيدلية، وهي بعد على ذمة راشد بعد أن ادعت التدين وارتدت الحجاب ،وفي عالم شقيقتها فتون التي تؤديها الفنانة والراقصة المصرية دينا كل شيء مباح،تعاطي الخمر والمخدرات والخروج مع رجال غرباء وهي متزوجة.وبعدما كانت عسلية تنتقد سلوكيات شقيقتها اللاأخلاقية تنجر هي الأخرى إليها عندما تخدع رجلاً آخر مدعية أنها عزباء غير متزوجة،وتتزوجه رغم علمها أنها تخالف شرع الله لأنها لم تتطلق من زوجها الأول حتى يحق لها شرعاً الزواج برجل ثاني،وبدأت تنحدر إلى طريق خطر ومجهول مليء بالخداع والأكاذيب والشر.
وأداء الفنانتين هيفاء وهبي ودينا عادي جداً في قصة عادية تكررت سينمائيا وتلفزيونياً بأشكال مختلفة، ،وهو أشبه بأفلام المقاولات التي بعد انقراضها ،صرنا نشهد مسلسلات المقاولات ،ولم تقدم هيفاء وهبي أداءً متميزاً فيه تعبيرياً أو نفسياً ، عمل لا يحمل فكرة أو مضموناً ،ولا يقدم نجومه أداءً متطوراً على الصعيدين الإنساني أو التعبيري ،إنه فقط كالمرآة المسطحة،ينقل لنا صورة سطحية عن عالم العشوائيات والفقراء ومتعاطي وتجار المخدرات في مصر،وهيفاء وهبي كممثلة كررت نفسها وأداءها بشخصية المرأة الشعبية المغلوب على أمرها الذي ظهرت فيهما سينمائياً بفيلمها الأول “دكان شحاتة” ثم بفيلمها الثاني “حلاوة روح” ،وأداؤها في مسلسلها السابق “مريم ” أفضل بكثير من أدائها في “الحرباية” الذي لم تتميز فيه عن أي ممثلة مصرية أخرى.

“واحة الغروب” جرأة واقعية
اعتادت المخرجة كاملة أبو ذكري على تقديم الأعمال الروائية المتميزة تلفزيونياً بعد نجاحها بتحويل رواية “ذات” للكاتب صنع الله إبراهيم ،واختارت رواية “واحة الغروب” لللأديب المصري بهاء طاهر الفائزة بجائزة بوكر للرواية العربية عام 2008 ،وتصدت الكاتبتان: هالة الزغندي ومريم نعوم لكتابة السيناريو والحوار للأحداث التي تدور في القرن التاسع عشر أبان الحكم العثماني والإنتداب الإنكليزي لمصر،وبطولة: منة شلبي بدور الإيرلندية العاشقة للآثار واللغة العربية كاثرين،وخالد النبوي بدور الضابط الوطني محمود عبد الظاهر العاشق الذي يؤيد ثورة أحمد عرابي وأفكاره فيتم نقله إلى واحة سيوة بهدف إقصائه ونفيه عن القاهرة موقع الأحداث والصراعات المحلية والدولية،ورغم أنه يعشق جارتيه السمراء نعمة “مها نصار” ،يحب السائحة الإيرلندية كاثرين ” منة شلبي” ويقضي معها ليالي غرامية قبل زواجه بها كما أنه يكثر من تناول الخمر دائماً وفي أوقات الصباح والنهار والمساء رغم أن الضابط خلال عمله لا يجب أن يتناول الخمر حتى يكون مستعداً لأداء واجبه نفسياً وجسدياً.
كما صورت في الحلقة الرابعة مشهداً يجمع محمود وكاترين بالفراش بوضع حميم في منزله قبل زواجهما بفترة بسيطة جداً حذفته قناة مصرية فقوبلت بوابل انتقاد شديد من متابعيه الذين أثنوا على قناة دبي لأنها عرضته كاملاً بالإضافة إلى قناة العدل جروب على اليوتيوب،وهو مشهد غير مبرر لمسلسل يعرض في شهر رمضان المبارك.
وبالرغم من أن جرأة المخرجة في نقل الواقع الحقيقي للحقبة الزمنية التي تدور بها أحداث الرواية الأصلية المستلهم منها المسلسل إلا أن تقليل مشاهد الخمر واختصار مشهد الفراش الذي جمع محمود وكاثرين في علاقة محرمة سبقت زواجهما لو حدث لم يكن سيؤثر سلباً على مسار الأحداث لكن المخرجة أطالته ربما لإضفاء بعض الرومانسية.
لكن أداء نجومه: خالد النبوي ومنة شلبي والأردنية ركين سعد التي تمثل لأول مرة بالدراما المصرية بدور الحسناء السيوية الجميلة مليكة كان طبيعياً ومبهراً فوق العادة،وهو عمل يستحق إعادة عرضه لمن لم يشاهده بعد رمضان مباشرةً.
واختيار خالد النبوي بملامحه المصرية الصميمة كان الأنسب شكلاً وأداءً من باقي نجوم مصر لدور الضابط الوطني محمود عبد الظاهر إبن الذوات الذي يعيش حياة مرفهة لكنه من الداخل رجل مصري جداً رغم تحرره مع كاثرين قبل زواجه الرسمي بها.

“هذا المساء” يتوغل في تجاوزات الهاكرز غير الأخلاقية
حقق مسلسل “هذا المساء” تأليف: ورشة كتابة وإخراج تامر محسن،و بطولة: الأردني إياد نصار،وأروى جودة،وحنان مطاوع،ومحمد فراج وأحمد داوود، نسبة مشاهدة عالية بأولى حلقاته الواقعية الجريئة جداً حول البرود العاطفي والجنسي بعد سنوات طويلة على زواج الثنائي إياد نصار بشخصية أكرم وأروى جودة بشخصية زوجته نايلة. فيأخذان استراحة زوجية ليقررا بعدها الإستمرار أو الإنفصال،ويتعرف الزوج أكرم رجل الأعمال الثري على عبلة صاحبة المطعم البسيطة المطلقة (حنان مطاوع) المناقضة لزوجته إبنة الذوات المتعلمة التي فقد سعادته معها ووهج الحب الحار، فيعجب بها من اللقاء الأول ويتردد مراراً عليها مع قريبها سليم (أحمد داود) سائقه المتعلم الذي يتلصص أحياناً على خصوصية زوجة إياد نصار في “السوشيال ميديا” وهاتفها عبر سرقة حساباتها والتنصت على مكالماتها ما يشير إلى إعجابه بها،لكن صديقه وشريكه سوني(محمد فراج) يستغل عمله في محل بيع وصيانة الهواتف النقالة في سرقة صور خاصة لزبوناته من هواتفهن وابتزازهن لممارسة الرذيلة معهن ،وكشفه خيانة زبونة له زوجة صديق سليم في قتلها ودخول زوجها السجن ،ورغم إجبار سليم له على أن يقسم على القرآن الكريم بعدم تجاوزه أخلاق مهنته، يفعلها مرة ثانية مع فتاة أخطأت وصورت خطيئتها بفيديو وتتعرض للإبتزاز من رجل شبيه بسوني يريد إقامة علاقة غير شرعية معها تحت تهديد فضحها بنشر الفيديو في “السوشيال ميديا”،ورغم وضع إشارة أنه للكبار فقط دون الـ 16 عاماً فإنه فتح عيون الشباب على مساوىء الهاكرز،ومخاطر تصوير الناس أنفسهن خاصةً النساء بأوضاع حميمة أو خاصة بهواتفهن أو أجهزة الأيباد الخاصة بهن وبأنهن قد يقعن بأيدي أولاد الحرام دون قصد منهن.
وقصة المسلسل عميقة وواقعية جداً،وأداء الممثلين فيه على مستوى رفيع للغاية،وضمن أحداثه وحلقاته هناك مباراة أداء رائعة بين أبطاله المتميزين خاصة: إياد نصار وحنان مطاوع ومحمد فراج وأحمد داوود.

السابق
جورج كلوني يعيّن حارسين شخصيين لتوأميه..والراتب!!
التالي
عمومية فودافون تصادق على بنود جدول الأعمال