أظهرت دراسة حديثة لباحثين من جامعة كاليفورنيا، أن الأشخاص الذين يتناولون الجوز أقل عُرضة للإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري. كما أظهرت نتائج دراسة حديثة أخرى لباحثين من جامعة هارفارد أن تناول الجوز يُخفف من احتمالات الإصابة بأمراض القلب ويؤدي إلى خفض الكولسترول والدهون الثلاثية دون التسبب في زيادة وزن الجسم أو ارتفاع ضغط الدم.
فوائد الجوز
وتأتي نتائج هاتين الدراستين الصادرتين خلال الأسابيع القليلة الماضية، نموذجا ضمن مجموعات الدراسات الطبية لباحثين من المراكز المتقدمة للبحث العلمي العالمي التي تبحث في توضيح التأثيرات الصحية الإيجابية لتناول الجوز، أو ما يُسمى أيضاً «عين الجمل». وتعد أوساط البحث الطبي، خصوصا في مجالات التغذية الصحية للوقاية من الإصابة بالأمراض القلبية واضطرابات التمثيل الغذائي بالجسم، أن مكسرات الجوز أحد أفضل ما يُمكن للمرء تناوله بوصفها إضافة غذائية ذات مردود صحي مفيد.
وكان الجوز قد خضع للدراسة الطبية في جوانب متعددة، لمعرفة فوائده المحتملة على مجموعة متنوعة من الحالات الصحية، بما في ذلك السرطان، وصحة القناة الهضمية، والسكري، والوظيفة المعرفية للدماغ، والصحة الإنجابية للذكور، وأقوى النتائج كانت في جانب فوائده على صحة القلب والأوعية الدموية. ولذا يتم وصف الجوز من قبل «رابطة القلب الأميركية (AHA)» و«إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)» غذاءً صحياً للقلب. وكانت الإدارة قد قالت في بيان لها صدر عام 2016 ما مفاده: «أظهرت أبحاث داعمة أن تناول أونصة ونصف (الأونصة 28 غراما) من الجوز يومياً، كجزء من وجبات طعام منخفضة المحتوى بالدهون المشبعة وبالكولسترول، ومع عدم زيادة تناول السعرات الحرارية للطعام اليومي، قد يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية».
الجوز والكولسترولووفق ما تم نشره ضمن عدد الأول من يوليو (تموز) الماضي لـ«المجلة الأميركية للتغذية الإكلينيكية» (The American Journal of Clinical Nutrition)، لسان حال «الجمعية الأميركية للتغذية»، قام الباحثون من جامعة هارفارد بإجراء دراسة تحليلية واسعة حول مجمل نتائج الدراسات الطبية التي تتبعت بالبحث علاقة تناول الجوز بمعدلات الدهون والكولسترول في الدم إضافة للعوامل الأخرى التي ترفع من احتمالات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وكان عنوان الدراسة: «مراجعة منهجية لآثار تناول الجوز على دهون الدم وغيرها من عوامل الخطورة القلبية الوعائية». وقال الباحثون في مقدمة عرض الدراسة: «أشارت دراسات التغذية إلى أن دمج الجوز في النظام الغذائي قد يحسن من نسبة الدهون في الدم دون التسبب بزيادة الوزن. ولقد أجرينا مراجعة منهجية لتقييم آثار تناول الجوز على دهون الدم وغيرها من عوامل الخطر القلبية الوعائية، وقمنا بعمل بحث شامل للتجارب السريرية التي صدرت حتى يناير (كانون الثاني) 2018، والتي كانت تقارن فيما بين الوجبات الغذائية الغنية بالجوز ووجبات صحية أخرى. وشمل البحث 26 دراسة طبية تناولت بالمقارنة تأثيرات تناول الجوز على مستويات الكولسترول والدهون في الدم، ومقدار وزن الجسم، ومستويات قياس ضغط الدم». وقال الباحثون في نتائج الدراسة: «إن دمج الجوز في النظام الغذائي يحسن من الدهون في الدم دون التأثير سلبا على وزن الجسم أو ضغط الدم».
وكان باحثو جامعة هارفارد قد أجروا في عام 2009 دراسة مشابهة حول تأثيرات تناول الجوز على عوامل خطورة الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية، وشملت تلك الدراسة مراجعة نتائج 13 دراسة طبية حول الجوز والقلب. وتعد الدراسة الجديدة تحديثاً لنتائج تلك الدراسة القديمة بإضافة ما تم نشره خلال الأعوام التسعة الماضية من دراسات أحدث حول ذلك الأمر. وهو ما علق عليه الدكتور مايكل رويزين، رئيس قسم «العافية» في «كليفلاند كلينك» بالقول: «هذه المراجعة المحدّثة تزيد من تعزيز أن تناول الجوز طريقة رائعة ولذيذة لإضافة مواد غذائية مهمة إلى نظامك الغذائي مع دعم صحة قلبك». وشملت هذه الدراسات بالغين تراوحت أعمارهم بين 22 و75 سنة، وكانوا من الأصحاء ومرضى السكري وارتفاع الكولسترول وارتفاع ضغط الدم والمصابين بالسمنة. ولاحظ الباحثون في نتائجهم أنه بالمقارنة بين تناول وجبات غذائية غنية بالجوز وتناول نوعيات أخرى من الوجبات الصحية، فإن ثمة انخفاضاً في نسبة الكولسترول الكلي (Total Cholesterol) والكولسترول الخفيف (LDL) والدهون الثلاثية (Triglycerides)، وذلك بنسبة تُقارب 4 في المائة، وفي الوقت نفسه لم تقد إضافة الجوز تلك إلى زيادة وزن الجسم أو ارتفاع في ضغط الدم.
الجوز والسكري
ووفق ما تم نشره ضمن عدد 21 يونيو (حزيران) الماضي من «مجلة بحوث ومراجعات السكري والأيض (Diabetes/ Metabolism Research and Reviews)»، قام الباحثون من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس بإجراء دراسة واسعة لمراجعة النمط الغذائي لأكثر من 34 ألف شخص من البالغين في الولايات المتحدة، ممنْ تراوحت أعمارهم بين 18 و85 سنة. وتبين للباحثين في نتائج دراستهم أن أولئك الذين يتناولون الجوز تنخفض لديهم احتمالات الإصابة بمرض السكري بنحو 50 في المائة مقارنة بالذين لا يتناولونه ولا يتناولون أي نوع آخر من المكسرات.
وقال الباحثون في مقدمة دراستهم إن دراسات التغذية لاحظت أن ثمة علاقة محتملة بين تناول الجوز ومستويات سكر الغلوكوز في الدم، وهو ما دفعهم إلى إجراء هذه الدراسة لاستجلاء حقيقة الارتباط بين تناول الجوز واحتمالات انخفاض خطورة الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري. واستخدم الباحثون بيانات المسح الإحصائي القومي بالولايات المتحدة لفحص الصحة والتغذية (National Health and Nutrition Examination Survey) في الفترة ما بين عامي 1999 و2014.
واعتمد الباحثون في تقييم الإصابة بمرض السكري واحتمالات خطورة الإصابة به لدى المشمولين بدراسة المتابعة، على مؤشرات عدة، مثل إفادة الشخص بأنه مريض بالسكري أو يتناول أدوية لمعالجته، وكذلك نتائج تحليل كل من نسبة سكر الغلوكوز في الدم بعد الصيام، ومستويات تراكم السكر في الهيموغلوبين (HbA1c). كما قام الباحثون بتمييز المشمولين في الدراسات إلى فئات وفق كمية تناولهم للجوز أو مخلوط المكسرات أو عدم تناول المكسرات.
ولاحظ الباحثون في نتائجهم أن تناول الجوز مقارنة بعدم تناوله، أدى إلى انخفاض خطورة الإصابة بمرض السكري وانخفاض نسبة سكر الغلوكوز في الدم وانخفاض المعدل التراكمي للسكر في الهيموغلوبين، وأن تلك التغيرات الإيجابية كانت مُلاحظة لدى الذكور والإناث، ولكن بنسبة أعلى لدى النساء. وأفاد الباحثون أن متوسط تناول الجوز بين عموم متناولي الجوز هو نحو ما يملأ ملعقة طعام ونصفا. وأن لدى منْ كانوا يتناولون ما يملأ 3 ملاعق طعام من الجوز، كان هناك انخفاض في الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري بمقدار 47 في المائة، وهذه الكمية، أي 3 ملاعق، مقاربة للكمية التي تُوصي بها إرشادات التغذية الصحية في شأن تناول المكسرات بشكل يومي، وهي كمية أونصة واحدة يومياً، وهي التي تُعادل ما يملأ 4 ملاعق طعام من مكسرات الجوز.
وأضاف الباحثون ما ملخصه أن من بين الخصائص الكثيرة للجوز، التي يمكن أن توفر فوائد صحية، هو أن الجوز يعد مصدراً غنياً للدهون المتعددة غير المشبعة (Polyunsaturated Fat)، وبكمية 13 غراما في كل أونصة، وهي نوعية الدهون التي توصي إرشادات التغذية الصحية بتناولها، والتي تشمل دهون «أوميغا3» الحمضية (Omega – 3 Fatty Acid)، والتي تبلغ كميتها في كل أونصة من الجوز نحو 2.5 غرام.
جزء متمم للنظام الغذائيعلق الدكتور لينور أرب، الباحث الرئيسي في الدراسة من «كلية ديفيد جيفن للطب» بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، قائلاً: «تقدم هذه النتائج دليلاً إضافياً على التوجيهات الغذائية للمساعدة في الحد من خطر الإصابة بالسكري. إن العلاقة القوية التي نراها في هذه الدراسة بين تناول الجوز وانخفاض معدل الإصابة بالنوع الثاني من السكري، مبرر إضافي لإدراج الجوز في النظام الغذائي. وقد أظهرت أبحاث أخرى أن الجوز قد يكون مفيداً أيضاً في الوظائف الإدراكية للدماغ وفي صحة القلب».
وأضاف الدكتور أرب قائلاً: «وبغض النظر عن العمر ونوع الجنس والعرق ومستوى التعليم ومقدار مؤشر كتلة الجسم ومقدار النشاط البدني، فإن أولئك البالغين الذين أفادوا بأنهم يتناولون الجوز كان لديهم انخفاض في خطورة الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري مقارنةً بالذين لا يتناولون أي مكسرات».
الجوز… مكونات غذائية صحي
تفيد نتائج التحليل الكيميائي للمحتوى الغذائي لمكسرات الجوز أن كمية أونصة واحدة (28 غراما) منه تحتوي: على 200 كالورى من السعرات الحرارية، وتشكل الدهون نسبة 65 في المائة، والبروتينات 15 في المائة، ونشويات السكريات 14 في المائة، والألياف 7 في المائة، والماء 4 في المائة.
وتحتوي تلك الكمية على عدد من المعادن والفيتامينات التي تلبي حاجة الجسم اليومية منها بنسب متفاوتة، وعلى سبيل المثال، تقدم أونصة من الجوز حاجة الجسم اليومية من فيتامين «بي1 (ثيامين)» بنسبة 30 في المائة، وفيتامين «بي6» بنسبة 41 في المائة، وفيتامين «بي9 (الفوليت)» بنسبة 25 في المائة، وتحتوي كمية قليلة جداً من فيتامين «كيه». كما تقدم تلك الكمية حاجة الجسم اليومية من الكالسيوم بنسبة 10 في المائة، ومن الحديد بنسبة 22 في المائة، ومن المغنسيوم بنسبة 45 في المائة، ومن المنغنيز بنسبة 160 في المائة، ومن الفسفور بنسبة 49 في المائة، ومن الزنك بنسبة 33 في المائة.