الجزيرة تكشف المستور: هكذا خططوا لغزو قطر!!

الدوحة – بزنس كلاس:

كشف زعيم جماعات المرتزقة الفرنسي بول باريل الكثير من تفاصيل خطة السعودية والإمارات والبحرين لغزو قطر عسكرياً عام 1996، ودور الشيخ زايد وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد وملك البحرين حمد بن عيسى في التخطيط للعملية وتمويلها، وعن الأسلحة الثقيلة التي تم جلبها من مصر وتدريب قوات مشاركة بينهم ضباط وعسكريون قطريون هاربون إلى الإمارات.

وقال باريل إن الخطة لو تم تنفيذها لحصلت “مجزرة”، مشيراً إلى أن فريقه الخاص كُلّف بمهمة تأمين الشيخ خليفة بن حمد وأيضاً بإلقاء القبض على “أمير البلاد حينها” صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والقضاء على الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وزير الخارجية آنذاك. هذا فضلاً عن عدد من رموز السلطة والعائلة الحاكمة.

واستكمالاً لتحقيق “قطر 96” في 4 مارس 2018 والذي كشف تورط دول الحصار، في المحاولة الانقلابية التي تعرضت لها قطر في فبراير 1996، واصل برنامج “ما خفي أعظم” الذي يقدمه تامر المسحال على قناة الجزيرة سلسلة تحقيقاته الاستقصائية اليوم عن منطقة الخليج خاصة خلال الفترة قبل وبعد عام 1996.

شاهد ماذا قال بول باريل عن دور أبوظبي في التخطيط لغزو قطر عام 1996؟

وقال بول باريل لبرنامج “ما خفي أعظم”: وصلت إلى أبوظبي عام 1977 لتشكيل مجموعة خاصة، عرفت أبوظبي جيداً وعرفت الرياض جيداً، في أبوظبي عرفني الشيخ زايد وأمسكني من ذراعي وأمسك بذراع الشيخ خليفة ومشينا نحن الثلاثة، كان يعلم أنني أسست وحدة التدخل في شرطة أبوظبي.

وأكد بول باريل الذي يقول عن نفسه “كل شئ مباح في مهنتنا.. كنت مهدداً بالموت.. دول كثير تريد رأسي اليوم لمنعي عن الكلام.. وجودي على قيد الحياة يزعج الكثيرين لأن لدي معلومات حساسة عن شخصيات وسياسيين بدّلوا ولاءهم” أن خطة الغزو العسكري لقطر عام 1996 كانت بتمويل سعودي إماراتي، قائلاً: “الشيخ زايد والسعودية هم من قاموا بتمويل العملية.. لقد تم دفع ثمن الأسلحة للمصريين، بلغت الميزانية نحو 100 مليون دولار”.

ويوضح أنه كان معه 40 من فريقه المدربين أصحاب الخبرات العسكرية لتنفيذ الهجوم، وأنه كانت له علاقات سابقة مع المسؤولين في كل من الإمارات والسعودية، حيث قاد عام 1979 عملية القضاء على تمرد حركة جهيمان داخل الحرم المكي الشريف وتحرير الرهائن من داخل المسجد.

وكان باريل شارك بطلب من السعودية في عملية تحرير الرهائن من الحرم المكي التي بدأت أحداثها فجر 20 نوفمبر 1979 بعد قيام عشرات المسلحين على رأسهم جهيمان العتيبي ومحمد عبد الله القحطاني باحتلال المسجد الحرام في مكة المكرمة واحتجاز عشرات الآلاف من المصلين. وفي 4 ديسمبر 1979، بدأ الهجوم على المسلحين المتحصنين داخل الحرم، وتم تحرير الرهائن وقتْل العشرات من الطرفين، وأُعدم الباقون، وبينهم العتيبي.

فيديو.. بول باريل يكشف دور البحرين في التخطيط لعملية غزو قطر عام 1996

وعن دخوله أبوظبي ودورها في عملية الغزوة العسكري لقطر عام 1996، يضيف باريل الذي يقول عن نفسه “أنا شخص خطير لأنني أقول الحقيقة، أنا مختص بالمخاطر أجازف إذا دعت الحاجة سواء على متن الطائرة أو بالغوص في الأعماق أو في أي عملية كانت”، إن الإمارات وفرت له دعما كبيراً لتنفيذ العملية، إذ استضافته سلطاتها هو وفريقه في فندق إنتركونتننتال بالعاصمة أبو ظبي حيث تم تخزين أسلحة كثيرة فيه.

“الكابتن بول باريل” كما يحب أن ينادونه والذي يحيط نفسه بتدابير أمنية معقدة، دائرته الضيقة لا يدخلها إلا قلة من المساعدين الموثوقين، يتنقل في إقامته بين أكثر من مدينة أوروبية، يكشف لـ”ما خفي أعظم” أنه “عمل لصالح 14 رئيساً من أصدقاء فرنسا ونفذ أكثر من 100 عملية”.

ويشير إلى أنه خضع لتدريبات خاصة في مجالين، كان ضابطاً في الدرك (الفرنسي) ضمن جهاز جي آي جي إن (GIGN).. تدرب كعميل سري وكان مقاتلاً مع الضفاداع البشرية في مديرية الأمن الخارجي….

وامتنع بول باريل وهو من مؤسس الوحدة الأمنية الخاصة (GIGN) التي أسستها الرئاسة الفرنسية في سبعينيات القرن الماضي والتي أوكل لها عمليات عدة داخل الحدود الفرنسية وخارجها، عن الإجابة عن سؤال يتعلق بكيفية نقل الأسلحة التي كان مقرراً استخدامها في عملية الغزو العسكري لقطر عام 1996، وهل تم نقلها عبر الطائرة التي أقلتهم من فرنسا؟

وأضاف: نعم كان لدينا أسلحة، تكفي لتجهيز رجالي الأربعين الذين كانوا معي، لأني معتاد على نقل الأسلحة فقد تم ذلك، لا نمر عبر نقاط التفتيش نستخدم أبواباً يمكننا السيطرة عليها، لدي معارف، يكفي أن أقول لأي حد يقابلني “الكابتن باريل.. عملية سرية” حتى أمر ومن معي وما نحمل بسهولة.

وقال باريل: دخلنا أبوظبي وتظاهرنا بأننا فريق رياضي جاء للتدريب في أبوظبي، لعبنا كرة القدم وكرة السلة والتزلج ولكن لم يكن أحد يعلم في الفندق بأن في الطابق العلوي مخزناً للأسلحة وأننا نحضر لعملية عسكرية.. في أبوظبي كانت الأسلحة في الغرف، قمنا بتخزين عدة أطنان في الطابقين الأخيرين من الفندق، أخذنا قاعة المؤتمرات الكبيرة وفيها جمعنا 20 طناً من الأسلحة لاستخدامها.

وقال باريل: كان علينا أن نعرف بالضبط ما يجري في الدوحة، لذلك كانت هناك مرحلة استطلاع مهمة، أنا شخصياً نفذت مهمة مراقبة، انطلاقاً من أبوظبي إلى ميناء الدوحة على متن قارب سريع، المسافة من أبوظبي إلى الدوحة عبر البحر حوالي 100 كيلو متر، وأكملت الطريق للوصول إلى الميناء عبر دراجة مائية، لم يلاحظ أحد شيئاً.

ويوضح أن الهدف من عمليات الاستطلاع البحري والبري في الدوحة كان رصد النقاط المهمة، من دوريات وفرق مسلحة كانت تحمي القصر الأميري والميناء وغير ذلك، كانت الدوحة مدينة طبيعية، كانت هناك دوريات للشرطة بشكل اعتيادي، وكانت الأجواء هادئة، وقد حرصنا على أن لا نثير انتباه السلطات في الدوحة..

ويشير إلى أنه كان يحمل في مهمته الاستطلاعية كاميرا وفيديو للتصوير بسرية، مضيفاً: وفرت أبوظبي لفريق المرتزقة جوازات سفر لتوفير غطاء سياسي لهم ولتسهيل تحركاتهم بين دول الخليج.. كان بحوزتي جوازات سفر أعطاها لنا الشيخ زايد وابنه الشيخ محمد بن زايد (ولي عهد أبوظبي حالياً)، وبدون أي مشكلة، وتم إصدار جواز السفر بسهولة بالغ وبصلاحية 5 سنوات، كان الشيخ محمد بن زايد يحضر الاجتماعات برفقة والده الشيخ زايد ورفقة الشيخ خليفة، وكنا نتحدث في الاستراتيجية الخاصة بالعملية، وكان يسألني عما أحتاجه ومتى نهاجم واستعجلني للإسراع في التنفيذ.

دور البحرين

وعن دور البحرين يقول باريل إنه تم اختيار البحرين كغرفة للعمليات غير التي في أبوظبي لقربها من الدوحة، موضحاً: “الشيخ حمد بن عيسى أعطاني جوازات السفر مباشرة، وغيرت إسمي ومن معي ومنحوني لقباً بحرينياً وبعد 8 أيام كان لدينا جوازات سفر مع رخص قيادة وبطاقات إقامة، فتحت حسابات في البحرين، وجميعنا فعل ذلك”. ويضيف: “ركبنا في البحرين معدات خاصة للتنصت على اتصالات قطر، كان لدينا حقائب اتصالات كبيرة عبر الأقمار الصناعية، وبلغت كلفة هذه المعدات حوالي 300 ألف دولار”.

ونجح باريل -كما يقول- في جلب 3000 عسكري من تشاد تم تسريحهم من الجيش بتوافق مع الرئيس التشادي إدريس دبي، مقابل مبلغ عشرين مليون دولار للمشاركة في عملية الهجوم على قطر. وكشف أن عملية الإعداد للهجوم كلفت في مجملها حوالي 100 مليون دولار.

ويضيف: كان فريقنا في البحرين يمتلك أسلحة تقنية وحديثة وليست مستعملة.. كنا نذهب إلى الصحراء نضع الاهداف ونطلق النار من مسافه بعيده كنا نطلق قذائف الهاون والقنابل اليدوية كانت لدينا أفضل المعدات وكنا مجهزين بأجهزة لاسلكية صغيرة سمحت لنا بالتواصل مع بعضنا البعض، أما في السعودية فكانت القوات القبلية على أهبة الاستعداد بانتظار إشارة التحرك لعبور الحدود براً.

ورداً على سؤال: بالنسبة للقوات السعودية هل كانت قوات سعودية رسمية؟، قال باريل: في السعودية لا يوجد مرتزقة هناك قوات نظامية فقط وتتبع الأوامر لم نكن نفعل ما نريد في السعودية فلقد كنا مراقبين باستمرار وعندما استضافنا السعوديون كانو يتحكمون بكل تحركاتنا.. السعوديون يجهزون الرجال كما يشاءون بما في ذلك القوات المسلحة والقوات القبلية يقدمون المال والسلاح للقوات القبلية لتتصرف كقوات رسمية.

وتكشف الوثائق التي بحوزة الجزيرة تفاصيل الإعداد للعملية وللأيام الأولى التي ستليها ومنها بطاقة عليها شعار الشرطة القطرية باسم بول باريل تحمل الرقم 1 بختم الشيخ خليفة بن حمد وبطاقة أخرى لتسهيل مرور حامليها داخل قطر وداخل الدول التي تورطت في العملية.

تفاصيل خطة الغزو

وبحسب خطة بول بارل كان من المفترض أن يبدأ غزو قطر من طريق الشمال بإنزال جوي ليلي مفاجئ لطائرات تحمل مرتزقة مسلحين يتبعها دخول بري وبحري للقوات المشاركة.

وعن سيناريو احتلال قطر في الداخل قال بول باريل إن الطائرات كانت ستهبط على طريق الشمال بالجنود القادمين من تشاد والمحملين بالسلاح وكانت القوارب ستبحر إلى الميناء وكذلك كانت سيارات الدفع الرباعي المحملة بالسعوديين ستعبر الحدود التي تمتد إلى 64 كم بين السعودية وقطر، وتتقاطع جميع القوات عند منزل سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ـ أمير قطر آنذاك ـ ومبنى التلفزيون والمراكز العسكرية وكان كل شئ من المقرر أن يتم خلال أقل من ساعة.

وأوضح بول باريل أنه كانت ستقع مجزرة حقيقية، لأنه لا يمكن لأي قوة مقاومة هجوم مفاجئ لـ 3 آلاف مقاتل مدعومين براً وبحراً وجواً كانت خطة لهجوم متزامن يستند لوجود عناصر في الداخل تساعد في إرشاد المهاجمين.

وقال باريل: إن العملية كانت بمثابة عملية حربية، وكانوا على استعداد للدخول بالقوة والسيطرة على السكان والقضاء على كل من سيقاوم، وكانت مجموعاتهم ستتحرك وفق نقاط محددة مقر التلفزيون وقيادة الجيش وقصر الأمير ورئيس الوزراء، كما كان جميع أفراد العائلة مستهدفون، وكان لدينا قوائم بالأهداف المهمة.

وأكد على أن الفريق الفرنسي الذي جنده كلف بمهمتان رئيسيتان، المهمة الرئيسية كانت الاستيلاء على قصر سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وكانت المهمة الثانية هي البحث عن الشيخ حمد بن جاسم بن جبر والتخلص منه.

اتصال مفاجئ
وبينما العملية في خضم الاستعدادات للهجوم على قطر جاء اتصال مفاجئ من باريس لم يكن متوقعاً بالنسبة إلى بول باريل، حيث تلقى مكالمة من رئيس جهاز الاستخبارات السرية الفرنسية، وقال له سيكلمك شخص مهم..

ويروي باريل تفاصيل المكالمة موضحاً: “كان صوت الرئيس جاك شيراك تحدث إلي وقال باريل آمل أن لا ترتكب أي حماقة بحق فرنسا، فأجبته له لا مشكلة سيدي الرئيس أنا هنا لتهدئة الأجواء”.

ورداً على سؤال لـ”الجزيرة” حول الاستجابة لطلب الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك بالانسحاب من العملية قال باريل إنه لم يكن باستطاعته وقف العلمية لكن إبطاءها….

وبحسب زعيم جماعات المرتزقة الفرنسي، فقد أثار إبطاء العملية غضب الدول الداعمة للانقلاب والتي كانت تضغط وبشكل يومي لضرورة الإسراع في تنفيذ الهجوم، مشيراً إلى أن السعودية كانت تحرض وتدفع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني للهجوم وكان الشيخ زايد يقول غداً، بينما الشيخ خليفة يقول غداً أو بعد غد.

أوقف كل شئ
وأكد بول باريل أن الأمر الذي حسم تنفيذ العملية من عدمه هو قرار الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني الانسحاب من المشهد بعدما أدرك فداحة ما سوف تسفر عنه العملية فضلاً عن بعض العمليات التخريبية التي وقعت داخل قطر وأثارت غضب الشيخ خليفة..

ويضيف باريل: “كان الشيخ خليفة رجلاً طيباً وكريماً وعقلانياً، وعندما سألني متى نصل الدوحة قلت غداً في الساعة الثانية والنص ظهراً سنشرب الشاي في القصر ثم سألني هل سيكون هناك قتلى قلت له 1000 تقريباً، فقال لي هذا غير ممكن أوقف كل شيء إنهم أبنائي، إنها بلدي، آمرك بوقف كل شيء”.

وأوضح باريل أن انسحاب الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني أفقد العملية غطاءاً كانت تتخذه الدول الداعمة والمحرضة كذريعة أساسية للهجوم على قطر وبدت المواقف حينها أكثر تعقيداً بالنسبة لقيادات هذه الدول، موضحاً: “عندما تقرر إيقاف العملية انفض الناس من حولنا كانوا خائفين.. أصبحنا مصدر خوف للإماراتيين.. وعندما كنت اتصل بهم امتنعوا عن الرد، كما واجهت صعوبة في تحضير الطائرة للمغادرة، فقد كانوا ينظرون لنا بسوء كنا في خطر حقيقي في الإمارات لذلك أخبرت سمو الشيخ خليفة ضرورة مغادرة أبو ظبي بأسرع وقت ممكن لأننا في خطر فتوجهنا إلى مدينة كان الفرنسية حيث سنكون بمأمن هناك”..

وحول الأسلحة المستخدمة في الانقلاب عام 96، قال بول أنهم قاموا بطمرها قبل مغادرة الإمارات وغادروا بالأسلحة الفردية للحماية الشخصية، مضيفاً أن مصر والإمارات والسعودية والبحرين الدول التي ساعدتهم انقلبت عليهم، وقالوا إنهم لا يعرفونهم وأنهم لم يدعموا يوماً الشيخ خليفة، لأن هذه الدول لم ترغب في أن تظهر متورطة في هزيمة عسكرية، قائلاً: “تحولوا جميعاً لأعداء وكأنهم لم يعرفونا لم يساعدونا أبداً، كأنهم لم يعطونا جوازات سفر، ولم يعطونا السلاح.. فالنصر له أباء كثيرون لكن الهزيمة يتيمة دائماً”، وتابع: “لقد خسرنا”.

وأضاف زعيم جماعات المرتزقة الفرنسي بول باريل أنه بعد شهر من إنهاء العملية تعرض لمحاولة اغتيال في العاصمة الإيطالية روما، عندما هاجمته مجموعة من الكوماندوز مؤلفة من 3 أشخاص بقيادة سعودي لقتله لكنهم فشلوا، واتهم السلطات السعودية حينها بتدبير محاولة اغتياله كونه يحتفظ بصندوق أسود من الأسرار لكثير من العمليات المثيرة للجدل في العلاقة معها، واختتم بالقول: “أنا شخص يسبب حرجاً للسعودية لأني كنت على تواصل مع السلطات فيها وأعرف الكثير من القصص وأعرف كل صغيرة وكبيرة عنهم”.

السابق
عرض عسكري مهيب غداً احتفالاً باليوم الوطني
التالي
قطر للبترول: الاستحواذ على 35 % من 3 حقول نفطية بالمكسيك