التنويع الاقتصادي.. ما مدى نجاح قطر؟

الدوحة – بزنس كلاس:

دأبت دولة قطر منذ سنوات على العمل ضمن إطار خطة استراتيجية للتحول نحو اقتصاد متنوع المصادر وفق رؤية قطر الوطنية 2030. وباعتبار أن التنويع الاقتصادي يستوجب اتخاذ العديد من الإجراءات والحوافز التي من شأنها إيجاد البيئة الاستثمارية المحفزة للقطاع الخاص والمشجعة له على الدخول في استثمارات متعددة وضخ الأموال اللازمة لتلك الاستثمارات.

ودولة قطر كانت سبَّاقة في اتخاذ كافة التدابير والإجراءات وإصدار القوانين المنظمة للعملية الاقتصادية في الدولة منذ تحديد أولويات وركائز رؤية قطر 2030 والتي تضمنت العديد من الركائز ومنها تنويع مصادر الدخل وتعزيز مشاركة القطاع الخاص وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي وتقليل الاعتماد على النفط والغاز كمصدر وحيد ورئيسي للدخل، والتوسع في الصناعات والخدمات ذات الميزة التنافسية المستمدة من الصناعات الهيدروكربونية، والاعتماد على البحث والتطوير والابتكار.

المناطق الحرة 

ولم تبق رؤية 2030 وأهدافها الرئيسية حبيسة الأورق والإعلام وإنما رافقها العديد من الإجراءات على أرض الواقع، آخرها إصدار حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى تعديل قانون المناطق الحرة الاستثمارية والذي تضمن حوافز استثمارية تساهم بشكل رئيسي في إيجاد بيئة استثمارية متطورة محفزة للأنشطة الاقتصادية ومساهمة القطاع الخاص المحلي في العملية الاقتصادية.

وأقر مجلس الوزراء بداية أكتوبر الماضي حزمة من الإجراءات والقرارات التحفيزية شملت تخفيض القيمة الإيجارية بنسبة 50% لجميع المستثمرين في المناطق اللوجستية جنوب الدولة التابعة لشركة المناطق الاقتصادية، خلال عامي 2018 و2019، وتأجيل أقساط القروض لأصحاب المشاريع الصناعية لمدة تصل إلى 6 أشهر بهدف دعم المستثمرين في القطاع الصناعي وإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص في مشاريع التنمية الاقتصادية في الدولة، آخرها إلزام كافة الوزارات والأجهزة الحكومية برفع نسبة شراء المنتجات المحلية من 30% إلى 100% في حال كان المنتج المحلي مطابقاً للمواصفات والمقاييس القطرية المعتمدة.

ولعل سياسة دعم القطاع الخاص المحلي بما يضمن تعزيز تواجده حاضرة بذهنية الدولة منذ سنوات، إذ صادق حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى على قرار مجلس الوزراء بإنشاء وتشكيل اللجنة الفنية لتحفيز ومشاركة القطاع الخاص في مشروعات التنمية الاقتصادية في يونيو من العام 2016.

وتعد تلك الحوافز والإجراءات التي اتخذتها الحكومة عبر مدى السنوات الماضية كثيرة ولا يستطاع حصرها في هذه المساحة، ولكن تلك الإجراءات الحكومية تتماشى مع ما دعا إليه صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير دول الخليج إلى ضرورة المضي في إجراءات تنويع الاقتصاد وتنمية القطاع الخاص، والتعجيل بتنفيذ الإستراتيجيات الطموحة التي وضعتها لتنويع النشاط الاقتصادي.

وقال سعادة الشيخ أحمد بن جاسم آل ثاني وزير الاقتصاد والتجارة: إن قطر تنتهج سياسات اقتصادية واضحة تهدف إلى تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030 الرامية إلى إرساء اقتصاد متنوع وتنافسي مبني على المعرفة، وإنه في إطار هذا التوجه أصدرت الدولة قوانين وتشريعات عززت مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد القطري ووفّرت بيئة استثمارية جاذبة لمختلف المشاريع الاقتصاديّة والتجارية.
وأشار في تصريحات صحفية إلى أن مساهمة القطاعات غير النفطية شكّلت أكثر من 70% من الناتج المحلي في العام 2016.

رؤية 2030

ويرى رجال أعمال وخبراء أن الإجراءات التحفيزية التي تعمل على إقرارها الحكومة منذ سنوات جاءت استجابة وتحقيقا لرؤية 2030 لضمان زيادة مساهمة القطاع الخاص المحلي بالناتج الإجمالي المحلي وتنمية تواجده على الساحة الاقتصادية المحلية، لافتين إلى أن الوضع الاقتصادي المحلي الذي بدأ مرحلة جديدة يلعب فيها القطاع الخاص دورا جديدا من خلال المساهمة والمشاركة في التنمية الشاملة.

وبينوا لـ«لوسيل» أن النصائح التي قدمها صندوق النقد الدولي مؤخرا انتهجت تنفيذها الحكومة منذ سنوات لإيمانها بالدور الكبير والمحوري للقطاع الخاص في التنمية الاقتصادية الشاملة، مبينين أن القطاع الخاص يدرك حجم المسؤولية التي يتحملها خاصة في ظل الظروف الحالية والتي تتطلب من القطاع الخاص أخذ زمام المبادرة في إيجاد اقتصاد قائم على الصناعة غير النفطية والتجارة والخدمات.

وأكدوا جدية الحكومة بتحفيز القطاع الخاص من خلال إقرار العديد من القرارات والإجراءات التحفيزية للقطاع بما يضمن زيادة مشاركته في الناتج المحلي الإجمالي حسب رؤية قطر 2030.

إلى ذلك قال الخبير الاقتصادي عبدالله الخاطر إن السنوات الماضية شهدت العديد من الخطوات والإجراءات على كافة المستويات في الدولة والحكومة وبشكل عملي وملموس، لافتا إلى أن هناك جدية من قبل الحكومة لزيادة مساهمة القطاع الخاص المحلي في الناتج الإجمالي في ظل رؤية الدولة 2030 والتي تقلل من الاعتماد على النفط والغاز كمصدر للدخل.

وبين أن الإجراءات التحفيزية التي اتخذتها الحكومة تعددت أشكالها سواء في تسهيل المعاملات والقضاء على الروتين والعوائق البيروقراطية التي كانت تواجه القطاع الخاص في تأسيس المشاريع وغيرها، لافتا إلى أن الدولة شهدت طفرة في البنى التحتية التي من شأنها تسهيل عمل القطاع الخاص.

وبين أن هناك منظومة متكاملة من التشريعات الاقتصادية الحديثة، بالإضافة إلى منظومة النقل من المطار الحديث أو الموانئ المتطورة والتي تسهل عمليات النقل والتصدير والتوريد، لافتا إلى أن الحكومة اعتمدت خلال الفترة الماضية عدة مبادرات من شأنها دعم وترسيخ ثقافة المنتج الوطني.

وأشار إلى أن نمو أرقام الشركات بالإضافة إلى قطاع الأعمال في القطاع غير النفطي لابد أن يكون له من تحديث للتشريعات وتقديم الحوافز المشجعة لهذا القطاع للدخول في مجالات اقتصادية غير تقليدية في الاقتصاد القطري الذي بقي لعقود يعتمد بالدرجة الأولى على الصناعات النفطية.

وبدوره، قال رجل الأعمال شاهين المهندي: القطاع الخاص المحلي لمس خلال الفترات الماضية قرارات وإجراءات عديدة لتسهيل عمل رجال الأعمال والمستثمرين في الساحة الاقتصادية، لافتا أن الحوافز التي أقرتها الحكومة مؤخرا تأتي استجابة للنمو الذي شهده القطاع الخاص المحلي.

وبين أن الظروف الحالية أثبتت قدرة الشركات المحلية ورجال الأعمال على تجاوز التحدي وتحويله إلى فرصة لتدعيم النشاط الاقتصادي المبني على تنوع مصادر الدخل.
وأوضح أن الصناعة المحلية ستشهد خلال الفترة المقبلة طفرة حقيقية على مستوى تأسيس المصانع المعنية بالغذاء والدواء، تنفيذا لتوجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، مؤكدا مواصلة القطاع الخاص المحلي القيام بدوره الوطني في المحافظة على استقرار الاقتصاد الوطني بما يجعله أكثر مناعة أمام الظروف والتحديات.

Previous post
الشيخ جوعان يتوج علي بن خالد بلقب “الجائزة الكبرى”
Next post
حمد الطبية تستلم مستشفى راس لفان يوم الثلاثاء