البنوك تدعم الاقتصاد المحلي بدرجة رئيسية.. 74% من الخليجيين لديهم حسابات في البنوك

الدوحة – بزنس كلاس:

تعتبر المؤسسات المالية والنقدية الدولية وحكومات الدول، الشمول المالي إحدى الركائز التي تساهم في دعم الاقتصادات المحلية بدرجة أولى والاقتصاد العالمي بشكل عام، وفي هذا الإطار انخرطت الحكومات ممثلة في البنوك والمصارف المركزية إلى جانب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في وضع آليات وإستراتيجيات تساهم إلى حد كبير في تقليص الفجوات فيما يتعلق بالشمول المالي، في ظل الإحصائيات الدولية الصادرة بعد دراسات بحثية شملت العديد من الدول.
وتشير تلك الإحصائيات إلى أن أكثر من 2.5 مليار شخص محرومون من الخدمات المالية البنكية، من بينهم 1.875 مليار شخص هم من الفئات محدودة الدخل أو ممن يعيشون في المناطق الريفية، كما تشير الدراسات التي أجراها البنك الدولي عن واقع الشمول المالي إلى أن 38% من البالغين حول العالم هم خارج الأنظمة المصرفية، وغالبيتهم موجودون في دول جنوب آسيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في حين لا يدخر سوى 25% من البالغين في العالم الذين يكسبون أقل من 70 دولارا للفرد في الشهر أموالهم في مؤسسات مالية رسمية.
وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة البالغين من الرجال في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا ممن لديهم حساب بنكي تصل إلى 23% في حين تصل نسبة السيدات إلى 13%. أما على مستوى المنطقة العربية، فقد أجرى صندوق النقد العربي دراسة مسحية عن الشمول المالي ومدى وصول مختلف الشرائح إلى الخدمات المالية والمصرفية، حيث أظهرت نتائج المسح أن أكثر من نحو 168 مليون شخص يفتقرون إلى إمكانية فتح حساب أساسي بما يمثل أكثر من 70% من البالغين في المنطقة، وأكدت الدراسة أن هذه النسبة ترتفع إلى مستوى 80% في البلدان النامية في المنطقة، مشددة على أن هذه النسب تشكل الأشخاص الناشطين اقتصاديا والذين لا يمتلكون حسابات مصرفية وذلك بحسب إفادة 92 مليون شخص عن اقتراضهم الأموال من غير القنوات الرسمية المعتادة بمعنى أنهم يلجأون إلى التداين من قبل أصدقائهم أو من قبل جمعيات وغيرها من أساليب الاقتراض البعيدة عن المؤسسات المالية والبنكية والمصرفية.
وتكشف الدراسات أن منطقة الخليج تتصدر المراتب الأولى من حيث نسبة الأشخاص الذين يفوق سنهم 15 سنة ويمتلكون حسابا لدى مؤسسات مالية أو بنكية رسمية، حيث تصل النسبة إلى مستوى 74%، وتصل هذه النسبة إلى نحو 70% في دولة قطر.
ويعرف الشمول المالي على أنه العملية التي يتم من خلالها تعزيز وصول مجموعة واسعة من الخدمات والمنتجات المالية الخاضعة للرقابة الرسمية بالوقت والسعر المناسبين إلى جميع شرائح المجتمع بالإضافة إلى توسيع نطاق استخدام هذه الخدمات والمنتجات من قبل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب تطبيق مناهج مبتكرة للتوعية والتثقيف المالي، وذلك بهدف تعزيز الرفاه المالي والاندماج الاجتماعي والاقتصادي.
وتولي دولة قطر الشمول المالي أهمية قصوى ضمن نظامها المالي والمصرفي، حيث يقوم مصرف قطر المركزي من خلال اللجنة الوطنية للشمول والتثقيف المالي، بلعب دور حيوي في تحقيق أهداف الشمول، حيث يشارك مصرف قطر المركزي في وضع استراتيجية وطنية للشمول والتثقيف المالي.
ويرى خبراء أن دولة قطر تعتبر رائدة في مجال الشمول المالي، بما يحقق الاستقرار المالي بدرجة أولى ومن ثم تحقيق مستويات نمو عالية، حيث أولت الشمول المالي أولوية قصوى من خلال وضع بنية تشريعية قانونية متميزة، والتحفيز على الاستفادة من التطور التقني الذي يتم توظيفه في القطاع المالي، كما سعت من خلال مصرف قطر المركزي إلى وضع أطر رقابية على المؤسسات المالية من أجل حماية العملاء.
الشمول المالي يدعم الإستراتيجية الوطنية
وضعت الإستراتيجية الوطنية الثانية للقطاع المالي التي تم الإعلان عنها العام الماضي وتتواصل حتى العام 2022، الشمول والتثقيف المالي ضمن ركائزها الأساسية وتحديدا ضمن الركيزة الرابعة، حيث إن دور الشمول المالي يساهم في تحقيق نمو مستدام وخلق فرص العمل والحد من حالات عدم المساواة وحماية الاستقرار المالي الذي يحظى بأهمية معترف بها على صعيد واسع، وقد تم اعتماد هذا الهدف الجديد ليس فقط من خلال الأعمال المتعلقة بالعرض مثل التدابير التي تسمح بالنفاذ إلى التمويل وأيا من خلال الأعمال المتعلقة بالطلب كتعزيز التثقيف المالي، إضافة إلى أهمية ضمان الوصول إلى مجموعة متكاملة من الخدمات المناسبة والعالية الجودة والاقتصادية من قبل المجموعات السكانية أو الأعمال التجارية التي تملك حسابات مصرفية أو التي تحظى بمثل هذه الخدمات.
وذكرت مصادر أنه  من أجل تعزيز الشمول المالي والتثقيف ضمن الإستراتيجية الوطنية الثانية ستعمل المؤسسات المالية في الدولة وفقا لخطة عمل واضحة المعالم، حيث سيتم إعداد فهم مشترك للشمول المالي في القطاع المالي، ومن ثم تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للشمول والتثقيف المالي وتشجيع المؤسسات المالية على توفير المنتجات والخدمات المالية من دون فرض رسوم خاصة أو حد أدنى من الأرصدة إلى جانب تسهيل إدخال المعاملات الإلكترونية لضمان خدمات مالية سريعة وآمنة وفعالة.
كما ستقوم المؤسسات المالية، وفي مقدمتها البنوك والمصارف الإسلامية العاملة في الدولة إلى جانب الجهات الرقابية، بتحديد آلية تسعير مرجعية ضمن القطاع المالي لدعم الشمول المالي، مع التركيز على دعم المشاركة في المبادرات الوطنية والإقليمية والدولية التي تدرس واقع الشمول المالي وتسعى إلى تحقيق أهدافه وعناصره الأساسية.
أما فيما يتعلق بالتثقيف المالي، فمن المنتظر أن يتم خلال السنوات المقبلة دعم برامج التعليم المالي في المدارس والجامعات فيما يعزز الثقافة حول المؤسسات والمنتجات والخدمات، كما سيتم إنشاء صفحات إلكترونية سهلة الاستخدام تعزز الثقافة المالية على المواقع الإلكترونية للجهات الرقابية لتعزيز فهم القطاع إلى جانب تعزيز المشاركة مع الجهات الوطنية المعنية لتعزيز التثقيف المالي، وإطلاق الحملات الهادفة إلى تعزيز الوعي والثقافة حول استخدام خدمات الدفع غير التقليدية، وأخيرا تعزيز الوعي العام حول أهمية الأمن السيبراني في القطاع المالي، حيث سيؤدي استخدام الابتكار المالي في جعل العمليات المالية في شكل رقمي إلى إتاحة الفرصة للقطاع المالي بالوصول إلى العملاء والمستثمرين من كافة الفئات بشكل سهل وأقل تكلفة كما تشمل تلك الخدمات المالية مقاربة صديقة للبيئة وتعطي الفرد في الوقت نفسه إمكانية الوصول إلى المنتجات والخدمات المالية والمفيدة.
ومن المنتظر أن يتم تحفيز المسؤولية الاجتماعية للشركات من خلال تشجيع الرقابة على اعتماد المبادئ والممارسات التي تضمن لها الاستدامة في عملياتها، وتشجيع الكيانات المدرجة على إلقاء الضوء على مبادراتها المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية المؤسسية خلال السنة في تقاريرها السنوية.

ويؤكد مصرف قطر المركزي أنه سيتم تشجيع التدابير التي تكفل الاستدامة والتوازن والنمو العادل على المدى المتوسط والبعيد، بما ينعكس بالإيجاب على كافة فئات المجتمع القطري وعلى الاقتصاد الوطني، ويضمن حصول جميع الشرائح على كافة احتياجاتهم المالية والمصرفية بكفاءة وجودة عالية، هذا من جهة وبما يعود في نفس الوقت على الاقتصاد الوطني بشكل عام بالنفع ويساهم في وضع قطر ضمن المراتب المتقدمة في المؤشرات العالمية التي يضعها البنك الدولي وصندوق النقد العربي والتي تعنى بالشمول والتثقيف المالي.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالرحيم الهور إن النظام المالي في دولة قطر سواء النظام المصرفي أو “النظام المالي الحكومي” يعمل كل منهما بكفاءة وفعالية متقدمة، مضيفا أن القطاع المالي المصرفي بكافة مكوناته من بنكوك تقليدية ومصارف إسلامية ومؤسسات تمويل، تحكمها قوانين وتشريعات صارمة ومرنة في نفس الوقت، حيث تقوم الصرامة على ضمان الحقوق والواجبات في وقت واحد، في حين تقوم المرونة على توفير باقة كبيرة من الخدمات المالية والمصرفية التي تقدمها تلك المؤسسات المالية إلى وحدات الفائض والعجز.
وأوضح أن الخدمات تدخل في جميع مناحي الحياة والخدمات التي يتم تقديمها.
وأكد الدكتور عبدالرحيم الهور أن الشمولية المالية لمست جميع مناحي الحياة، شأنها شأن القطاع المالي الحكومي الذي يضع تشريعات وضوابط تساعد في وصول الخدمات المالية إلى كافة الأفراد والشركات العاملة في دولة قطر.

10 % ارتفاع مؤشر الشمول المالي الجغرافي

قطر رائدة في تقريب الخدمات المالية

كشفت إحصائية أصدرها مصرف قطر المركزي حديثا عن ارتفاع عدد فروع البنوك والمصارف الإسلامية العاملة في الدولة للمائة ألف شخص بنسبة 60% خلال الفترة المتراوحة بين 2009 والعام 2016، حيث ارتفع من نحو 10 فروع لكل 100 ألف شخص في 2009 إلى نحو 16 فرعا لكل 100 ألف شخص في العام 2016.
ويعتمد هذا المقياس لاحتساب قياسات الشمول المالي الديموغرافي.
إلى ذلك فقد زاد مؤشر الشمول المالي الجغرافي بنسبة تصل إلى 10% خلال نفس الفترة وذلك وفقا لمصرف قطر المركزي، الذي قال إن عدد الفروع للألف كيلو متر مربع قد ارتفع من نحو 20 فرعا إلى مستوى يتجاوز 25 فرعا.
ويعمل في دولة قطر 12 بنكا ومصرفا إسلاميا وطنيا، تضاف إليها 7 بنوك وفروع لبنوك أجنبية تعمل ضمن النظام المصرفي في دولة قطر، ومن بين البنوك القطرية نجد 5 بنوك إسلامية وهي مصرف قطر الإسلامي وبنك قطر الدولي الإسلامي ومصرف الريان وبنك بروة وبنك قطر الأول، و6 بنوك تقليدية وهي مجموعة بنك قطر الوطني QNB والبنك التجاري وبنك الدوحة وبنك قطر الدولي وبنك الأهلي والبنك الخليجي يضاف إليها بنك قطر للتنمية.
ورغم التكتم الشديد عن عدد عملاء كل بنك في الدولة على اعتبار أنه متغير إضافة إلى أنه من بين الأسرار المصرفية، فإن معدل البنوك لعدد السكان يصل إلى نحو 180 ألف شخص لكل بنك، كما سجلت المعاملات من خلال أجهزة الصراف الآلي ارتفاعا في العام 2016، حيث قفزت بنحو 8% مقارنة بالعام 2015، حيث قدرت القيمة الإجمالية بـ 60.2 مليار ريال، من خلال تنفيذ أكثر من 72.1 مليون عملية من خلال أجهزة الصراف الآلي بعد أن سجلت نسبة نمو في نهاية العام 2016 تقدر بنحو 12.9%. وينتشر في الدولة أكثر من 1400 جهاز صراف آلي.
وتعمل البنوك والمصارف الإسلامية العاملة في دولة قطر على التنافس بشدة فيما بينها من أجل الوصول إلى أكبر قدر ممكن من العملاء وإيصال الخدمات والمنتجات البنكية والمصرفية لهم بالجودة والكفاءة العالية، إضافة إلى إيلاء اهتمام خاص بالمرأة والوصول إلى الأفراد والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر ودمجهم بالقطاع المالي الرسمي إلى جانب الاهتمام بتوفير فرص عمل مما يساهم في رفع المستوى المعيشي.
كما تضع البنوك والمصارف والمؤسسات المالية في اعتباراتها خدمة العملاء من خلال التواصل الدوري معهم، وذلك في إطار حماية عملاء المؤسسات المالية بمختلف فئاتها عن طريق تعريف العميل بحقوقه وواجباته وحصوله على معاملة عادلة وشفافة وتزويد العميل بكافة المعلومات اللازمة وتوفير خدمة العملاء من التعرض لحالات النصب أو الاستغلال من الجهات المالية غير الرسمية.
وقال الخبير المالي والاقتصادي أحمد ماهر إن دولة قطر تواكب بشكل دوري كل ما هو جديد وحديث في القطاعات المختلفة وفي مقدمتها القطاع المالي والمصرفي الذي يحظى بدعم ورعاية من قبل الجهات الرقابية والهيئات التشريعية والقطاع الحكومي في الدولة، وبالتالي فإن ذلك يعكس الزخم الكبير في الخدمات المالية المقدمة للعملاء في الدولة، منوها إلى سعي الدولة نحو تحقيق كافة أهداف الشمول المالي بشكل عام.
وعن توافق عدد البنوك في الدولة مع عدد السكان، أوضح أحمد ماهر أن عدد البنوك متوافق مع عدد السكان، وحتى التوزيع الجعرافي للفروع البنكية يلبي تطلعات جمهور العملاء ممن لديهم أرصدة وحسابات بنكية وتابع قائلا: «يكاد لا تخلو منطقة من فرع بنكي أو أكثر إلى جانب أجهزة الصراف الآلي الموجودة بوفرة كبيرة في كامل أنحاء الدولة ضمن انتشار جغرافي مدروس بطريقة إستراتيجية، وهنا لابد من الإشارة إلى حجم الرسوم والعمولات التي يتم تحصيلها على المعاملات والتي تعتبر متميزة مقارنة بدول أخرى، حيث يمكن سحب الأموال من أي جهاز آلي غير أجهزة بنك العميل دون تحصيل عمولة». كما نوه أحمد ماهر إلى قيام البنوك والمصارف الإسلامية العاملة في الدولة بتحديث تلك الأجهزة واستخدام أحدث التقنيات كاعتماد الأجهزة ذات البصمة البيومترية أو توفير إمكانية الإيداع مباشرة أو الحصول على شيكات وغيرها من الخدمات إضافة إلى تطوير التطبيقات المصرفية على الهواتف الجوالة، مشددا على أن المعاملات المالية في الدولة تتجه إلى أن تصبح معاملات إلكترونية عوضا عن المعاملات الورقية.

السابق
البلدية: شركات عديدة تقدمت لمناقصة مزرعة الجمبري
التالي
أرباح الدولي الإسلامي تبلغ 832 مليون ريال في 2017