البنوك القطرية بين مطرقة الودائع وسندان السيولة

تمويلاتها الخارجية راكمت ديوناً على ديون

الارتفاع الحاد في الديون الخارجية يرفع احتمالات المخاطر 

ودائع القطاع العام في قطر وساهمت بنحو 40% من الودائع المقيمة

النظام المصرفي والجدارة الائتمانية للبنك الوطني عوامل حصانة

الدوحة- بزنس كلاس

قال تقرير صادر عن وكالة التصنيف العالمية تحصلت بزنس كلاس على نسخته المفصلة أن البنوك القطرية نجحت على مدى السنوات القليلة الماضية في جمع التمويل من مصادر خارجية، مما يشهد على جاذبيتها للمستثمرين الأجانب. إلا أن وكالة “إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية” تعتقد بأن الارتفاع الحاد في الديون الخارجية المترتبة على البنوك القطرية يزيد من تعرضها لمخاطر حدوث تحول في ميول ورغبات المستثمرين أو تغير في ظروف السيولة العالمية.

أسباب ونتائج

لقد سعت بعض البنوك القطرية الرائدة للحصول على السيولة من الخارج بعد تراجع الودائع المتأتية من الحكومة والكيانات ذات الصلة بها عندما بدأت أسعار النفط بالانخفاض منذ النصف الثاني من العام 2014. ونجحت البنوك في جذب تمويلات خارجية كبيرة، معظمها مقوم بالدولار الأمريكي وكانت غالبيتها ديون قصيرة الأجل بفترات استحقاق مدتها 6 أشهر، على حد علمنا. من ناحية أخرى، قامت البنوك القطرية باستخدام جزء كبير من هذه الأموال لتمويل مشاريع محلية طويلة الأجل عادة تكون مقومة بالريـال القطري، مما أدى إلى اتساع مركز التداول المفتوح بالدولار الأمريكي.

وقال التقرير أنه بالرغم لجوء البنوك القطرية للتمويل الخارجي يشكل عاملاً يجب الوقوف عنده، إلا انه لا تعتقد الوكالة  بأنه يشكل خطراً وشيكاً على سلامة النظام المصرفي أو الجدارة الائتمانية لبنك قطر الوطني (A-1/سلبية/A+). هناك بالفعل العديد من العوامل التي تحمي البنوك من مخاطر التمويل الخارجي الكبير:

احتمالات تستوجب الحذر

ولفت إلى أن الاستقرار المتوقع في الارتباط بين الريـال القطري والدولار الأمريكي، والذي إن غاب يمكن أن يؤدي إلى تضخم قيمة الديون الخارجية. مضيفا ،:”نرى بأن الحكومة القطرية داعمة للغاية لنظامها المصرفي، لاسيما بنك قطر الوطني، والذي نعتبره كياناً مرتبطاً بالحكومة مع احتمال كبير جداً بأن يحصل على دعم حكومي عند الحاجة”.

واقترح مصرف قطر المركزي في العام 2016 تطبيق لوائح تحدد، من بين أمور أخرى، سقف مركز التداول المفتوح بالعملة الأجنبية للدولار الأمريكي لدى البنوك عند 25% من رأس المال والاحتياطي. مع ذلك، تتوقع الوكالة  بأن يستغرق تطبيق هذا التعميم بعض الوقت نظراً إلى أن النظام المصرفي القطري بدأ بمركز تداول مفتوح مرتفع. كما تعتقد بأن السيولة العالمية ستبقى وفيرة نسبياً في العام 2017 وذلك بفضل برنامج التسهيل الكمي للبنك المركزي الأوروبي.

انخفاض الودائع المقيمة

تراجعت الودائع المقيمة لدى البنوك القطرية بنسبة 3.5% في العام 2016 بعد التباطؤ الكبير في النمو في العامين 2015 و2014. وقد جاء الانخفاض بشكل رئيسي بسبب انخفاض الإيداع الحكومي وإيداع الكيانات المرتبطة بها، حيث مثلت ودائعهم نحو70% من ودائع القطاع العام في قطر وساهمت بنحو 40% من الودائع المقيمة خلال السنوات الأربع الماضية. وقال التقرير نتفهم  أيضاً بأن بعض هذه المؤسسات أصبحت أكثر طلباً للفائدة في العام 2016. ورداً على ذلك، سعت البنوك القطرية بكل قوة للحصول على السيولة الخارجية.

وتراجع جزئياً توجه الودائع المقيمة نحو الانخفاض في أول شهرين من العام 2017 وذلك نتيجةً للاستقرار في أسعار النفط، والتي نتوقع بأن تبقى عند 50 دولاراً أمريكياً للبرميل خلال العامين 2017 و2018، وكذلك نتيجةً لإصدار الحكومة لسندات دولية كبيرة. ارتفعت ودائع الحكومة بنسبة 5% كما في 28 فبراير 2017 عن المستويات المسجلة في نهاية العام 2016. أما فيما يتعلق بالأصول، فقد حافظ نمو القروض المحلية لدى البنوك القطرية على ارتفاعه عند 12.6% في العام 2016، لكننا نتوقع بأن يتباطأ في العامين 2017 و2018 نظراً لخفض الحكومة لحجم الإنفاق. مما يعني بأن اعتماد البنوك القطرية على التمويل الخارجي سيبقى كبيراً.

وفرة في السيولة العالمية

وقال التقرير أن البنوك القطرية اندفعت بقوة نحو السيولة العالمية، بشكل رئيسي إلى أوروبا وآسيا، نتيجةً للانخفاض في الودائع المحلية. تضاعف الإجمالي العام للتمويل الخارجي لدى البنوك القطرية – والذي نقدره بمجوع كل من الودائع المقيمة، والودائع ما بين البنوك، وأدوات السوق – والتي تضاعفت إلى 441 مليار ريـال قطري بنهاية العام 2016 من 219 مليار ريـال قطري بنهاية العام 2014 (انظر الرسم البياني 1). كما تحولت تركيبة التمويل الخارجي إلى الودائع غير المقيمة، والتي مثلت نحو 42% من إجمالي الودائع بنهاية العام 2016 مقارنةً مع 22% بنهاية العام 2014 (انظر الرسم البياني 2). والأمر متشابه إذا ما قسناه على أساسٍ صافٍ. ارتفع صافي مركز الدين الخارجي إلى 171 مليار ريـال قطري بنهاية العام 2016 من 80 مليار ريـال قطري في نهاية العام 2015، أو 23% من الائتمان المحلي من 12%.

وجاء الارتفاع في التمويل الخارجي، من وجهة نظرنا، بدعم من الوفرة في السيولة العالمية، بفضل برنامج التسهيل الكمي للبنك المركزي الأوروبي وأوضاع السيولة التي لا تزال جيدة في بعض الدول الآسيوية. ويفسر وضع الائتمان في قطر أيضاً هذا الاهتمام من قبل المستثمرين. حافظت قطر على مستوى معتدل من المرونة تجاه التحول في أسعار النفط، كما حافظ نموها الاقتصادي على مرونته النسبية أيضاً، بدعم من الاستثمارات الحكومية الكبيرة استعداداً لنهائيات كأس العالم 2022، وكذلك رؤية قطر 2030.

 

السابق
الأكبر إنتاجاً.. روسيا تنتج 10.65 مليون برميل نفط في مارس الماضي
التالي
ما سبب تراجع أسعار النفط بعد قرار “أوبك” تمديد خفض الإنتاج؟!!