الامتياز المفرط.. بلومبرج فيو: على واشنطن الذهاب لخيار الدولار “الضعيف”

وكالات – بزنس كلاس:

أفادت تحليلات اقتصاديو ومالية بأن على الولايات المتحدة الأمريكية التمسك بخيار “الدولار القوي” وقال عدد من المختصيين في المجال المالي الدولي بأن النظام المالي الدولي يعمل أحياناً بطرق غريبة، فالدولار الأمريكي شهد تراجعاً على مدار الخمس عشر شهراً الماضية لكن التضخم لم يشهد تسارعاً مماثلاً، كما استقرت أسعار الفائدة في السوق بينما واصلت البنوك المركزية حيازة العملة الخضراء.

وهذا التناقض يطرح عدة تساؤلات كشف عنها تحليل لـ”بلومبرج فيو”، أولاً: لماذا لا يحاول مسؤولي السياسة النقدية دفع الدولار نحو التراجع بشكل أكبر لدعم الصادرات؟.

وبالرغم أن الدولار الأمريكي منذ بداية 2017 قد تراجع بنحو 12% فإن العجز التجاري الأمريكي ارتفع بشكل أكبر.

أما التساؤل الثاني فهو لماذا يحافظ الأجانب على شراء الأصول إذا كان الدولار يتراجع؟، وما الذي يتطلبه الأمر بالنسبة للدولار لكي يفقد “امتيازه المفرط” كعملة احتياط دولية؟.

ويبدو الأمر وكأن الجميع يحب أن يرى الدولار ضعيفاً، فمنتجي السلع سعداء لأن الأسعار ترتفع تدريجياً حينما ينخفض الدولار، كما أن الأرباح الخارجية للشركات متعددة الجنسيات في الولايات المتحدة ترتفع نتيجة تحويل العملة، لذلك فإن أسواق الأسهم أيضاً سعيدة بشكل عام.

وبما أن ضعف العملة يمكن أن يجعل الواردات أكثر تكلفة فمن المحتمل أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سعيداً برؤية بعض الآثار التضخمية الصعودية، مع معاناته لتنشيط أسعار المستهلكين.

وعندما يتطرق الوضع إلى التجارة، فإن الدولار الضعيف سيكون أداة محدودة القدرة لزيادة الصادرات، حيث يميل المنتجون المحليون إلى اعتبار هبوط الدولار وسيلة لجني الأرباح من الخارج في المقام الأول، وليس لتوطيد مكانتهم في الأسواق الأجنبية.

وللفوز بحصة سوقية في الخارج يجب على الشركات الأمريكية خفض الأسعار بالعملة الأجنبية لكن المكسب الناتج عن هذه الخطوة غير مؤكد وسيتم بالتأكيد التضحية بهوامش الربح، لذلك فإن معظم المؤسسات تفضل الحفاظ على هوامش الربح بدلاً من تقليص الأسعار.

لذلك فإن الدولار من المحتمل أن يكون بحاجة إلى تخفيض قيمته بنحو 25% من مستواه الحالي ليكون له تأثير كبير على التجارة.

ويستمر الأجانب في شراء الأصول المقومة بالدولار خلال نوبات الضعف لقيمة العملة بسبب أنهم مضطرين إلى ذلك ويريدونه في الوقت نفسه.

ويجب أن يفعلوا ذلك لأن جميهم يُصدر إلى الولايات المتحدة ويديروا عبر ذلك فائض تجاري، لذلك إذا أردت أن تُصدر لكن لا تستورد فإنك في تلك الحالة يجب أن تقبل أوراق النقد (الدولارات) في المقابل.

وأي شريك تجاري صغير أو متوسط يمكنه أن يقرر ألا يحصل على أصول مقومة بالدولار مقابل فائضه التجاري، لكنهم في حالة تنفيذ مجموعة من الدول ذلك فإن الدولار سينجرف إلى الهاوية.

ولا خلاف على أن الحكومة الأمريكية دائماً ما تشكو من عجزها التجاري، لكن لا أحد من وزارة الخزانة يتحرك لمنع الأجانب من المجيء وشراء السندات التي تبيعها لتمويل عجز الموازنة.

والمستثمرين الأجانب خاصة من يمثلون القطاع الخاص يريدون شراء الأصول الدولارية بالطريقة نفسها الذي يشتري بها الأمريكان الجوارب أو الغسالات صينية الصنع، فهم يرون قيمة مرتفعة في المنتجات الأجنبية مقارنة بالمنتجات المحلية.

فحق التملك في الولايات المتحدة يعتبر أمر مؤسسي ومخاطر الاستيلاء على الأصول المنخفضة للغاية ما يجعل الأصول أكثر جاذبية للمستثمرين الذين يفتقدون هذه الحقوق في بلدانهم، والولايات المتحدة ليست فقط المكان الذي يوجد به أسواق استهلاكية وأصول قوية لكنها الأكبر والأعمق أيضاً.

خفض قيمة الدولار بدون تغيرات كبيرة في السياسات ربما يؤتي ثماره لمدة يوم أو اثنين فحسب، وإذا كان هذا الأمر سوف يقنع المستثمرين المحليين والأجانب بأن الاحتياطي الفيدرالي سيتبع سياسات مالية تيسيرية أو أن واشنطن ستصبح وجهة استثمارية أقل جاذبية فحينها قد يكون الأثر دائم، لكن ذلك يبدو أمر مستبعد.

وفي النهاية فإن الدولار يتأثر بتدفقات رأس المال وأسواق الأصول، لكن المستثمرين الأجانب يثقون في الإطار الأساسي الذي يعمل بموجبه اقتصاد الولايات المتحدة والأسواق.

ولكي ينخفض الدولار ويبقى ضعيفاً بما يكفي لأن الولايات المتحدة يمكن اعتبارها منتجًا منخفض التكلفة، فإن ذلك يتطلب تدهور الإطار الاقتصادي وسوق رأس المال جوهرياً، وإذا حدث ذلك، فإن الخسارة الناجمة عن هذا التدهور الهيكلي ستكون أخطر بكثير من أي مكسب محتمل من ضعف الدولار.

السابق
مفاجأة.. إزالة صورة محمد صلاح من طائرة منتخب مصر
التالي
قطر: نمو الصناعات الغذائية 300% خلال 8 أشهر