وكالات – بزنس كلاس:
شنّ الخبير القانوني العُماني سالم الشكيلي، هجوماً غيرَ مسبوق على المحاولات الإماراتية المتواصلة لتزوير وسرقة تاريخ سلطنة عُمان، مستنكراً تغافل المسؤولين الإماراتيين الإعتذار للسلطنة، واصفاً أفعالهم تلك بأنها “قبيحة” وكانت مقصودة ومتعَمَّدة.
وفي مقالٍ نشره موقع “أثير العُمانيّ” لـ”الشكيلي” عدّد الحالات التي حاولت خلالها الإمارات السطو على تاريخ سلطنة عُمان، وقال: “ليست حالة واحدة ، ولا اثنتان ، بل ثلاث حالات، لا يفصل بينها زمن طويل، لكن مصدرها واحد، وإن اختلف أسلوب التنفيذ أو وسيلته”.
الحالة الأولى: كانت عند افتتاح ما يسمى بمتحف اللوفر بأبوظبي، حيث ظهرت لوحة تحمل خارطة سلطنة عمانوقد أُزيل منها محافظة مسندم بالكامل، وأُلْحِقَت بدولة الإمارات العربية المتحدة. ورغم فداحة ما حدث لم نسمع اعتذارا رسميا من تلك الدولة، ولم تنطق لهم بنت شفة تُبرّر ما حدث .
وتابع: “لا يقولنّ لي قائلُ – حَسَنُ النيّة:- بأن المسألة مجرد خطأ فني غير مقصود ! لا وألفُ لا ، فإن نتانة الخُبْث والخَبَث تزكم الأنوف، وتلوّث الأرض والسماء في المسافة الممتدة من أبوظبي إلى مسندم. والحقيقة أنني لم أَجِد وصفا مناسبا لما حدث ، فنحن أمام حدث كبير، وهو اقتطاع جزء من أراضي دولة ذات سيادة لها تاريخها وجغرافيتها وحضارتها وجذورها الضاربة في أعماق التاريخ وهامات تطاول الشمس إباءً وشموخا، واللوحة التي تعرض في متحف ضخم تمّ الترويج له لسنوات عدة، به من المتخصصين والفنيين وأرباب الاختصاص مالا يمكن عدّهم ولا يحصى عدَدهم ، فهل يصدّق عقل بأن ذلك مجرد خطأ غير مقصود ! وإذا افترضنا ذلك جدلا ومن باب حسن الظن، فمن الأدبيات المعروفة بين الدول والأفراد، الاعتذار عن ذلك الخطأ.
وقال: “إن الاعتذار في الأصل لا يطلب من المخطئ في حقه، بل يصدر تلقائيا من جانبه ، هذا إذا كان له في فَهْم الأصول أصل ، وبذلك يثبت حسن نواياه، بأن الفعل غير متعمد، كما أنه يزيل الشكوك لدى الطرف الآخر”.
وتساءل: “هل غفل السياسيون في تلك الدولة عن الاعتذار أيضا وهي أبسط أبجديات العمل السياسي والدبلوماسي بين الدول، سواءً كان هذا الخطأ جسيما وفادحا، أم بسيطا سهلا. لا أظن أنهم غفلوا، وهم الذين الآن يحاولون جاهدين بكل ما ملكت أيديهم، أن يمتطوا زعامة العالم، وبالذات العالم العربي – ولن يقدروا على ذلك – فالزعامة لا تُشترى، لكنها تولد مع من هم أهل لها”.
وقال: إذن فالقناعة الأكيدة أنهم تغافلوا عمدا، وهو الأقرب إلى حالتنا، بأن فعلهم القبيح كان مقصودا ومتعَمَّدا.
الحالة الثانية: وقعت في شهر مارس الماضي، عندما نشرت شركة إماراتية فيديو ترويجيا عن مركز تجاري يفترض أنه يُقام في قلب العاصمة العمانية مسقط، وفي ذلك الفيديو خارطة للسلطنة، وقد أُزيل منها محافظة مسندم. ورغم أن الشركة الإمارتية اعتذرت للجمهور العماني، إلا أن الحدث يثير حالة من الشك والاستغراب، إذْ تأتي بعد وقت قصير من الحالة الأولى.
الحالة الثالثة: وقعت بعد ثلاثة أشهر من الحالة الثانية وفي الأيام القليلة الماضية، عندما ضبطت الجهات الرسمية في أحد المراكز التجارية المعروفة في مسقط، بعض الدفاتر المدرسية التي طُبع على غلافها خارطة سلطنة عمان، وأُزيل منها محافظة مسندم، واتضح أن تلك الدفاتر صُنعت في دولة الامارات العربية المتحدة. ورغم أن الكمية المضبوطة بسيطة في عددها، إلا أنّ ذلك له تفسيران، الأول: نفاذ الكمية، والثاني: أن الفعل يمثل جس نبض؛ فإن نجح مسعاهم أغرقوا السوق بدفاترهم الحقيرة.
وزاد: إن الحالات الثلاث لها مدلولات خطيرة، فهي لا يمكن أن تكون صدفة أو عرضية أو غير متعمدة، فتكرارها من ذات المصدر، وتتابُعُها الزمني البسيط، يكشف عن عمل ممنهج ومخطط له، مع اختلاف في أسلوب التنفيذ.
وقال: لن أتكلم هذه المرة عن التاريخ بإسهاب، ولا عن …، ولا عن …، فكل إناء بما فيه ينضح، وكلٌ لديه جرابه ويعلم ما فيه، إنْ كان تمرا نقيا خالصا، أو كان خليطا من تمور عفِنة .
وأكد أإنّ محافظة مسندم ستبقى مع زميلاتها من محافظات السلطنة الأخرى في عقد فريد من نوعه، تمثل كل عقدة من عقده الإحدى عشرة قطعة من الذهب المرصع بالألماس، لا ينفك أحدها عن الثانية، وقد حفر على كل واحدة منها ملكية خاصة لسلطنة عمان غير قابلة للإزالة أو التفريط فيها حتى بأموال وكنوز الأرض ذهبا، ولن تنسلخ أو تزول، فإنّ دماء العمانيين وأرواحهم فداءً لكل حبة رمل في كل عمان.
واسألوا التاريخ يا قراصنة التاريخ ولصوصه. والحكمة تقول: ” احذر من الحليم إذا أَهَنْتَه“.
وقال: أما حصون وقلاع محافظة مسندم، ومنها حصن خصب، وقلعة خصب، والكمازرة، وبرج السيبة، وكبس القصر، وقلعة السيبة في دبا، وحصن البلاد وحصن القلعة في بخاء، ستظل على تواصل دائم ومستمر مع قلعة الشهباء، وحصن جبرين، وقلعة الرستاق، وقلعة بهلاء، وبقية الحصون والقلاع العمانية، ترسل حمامات السلام، ودعوات الوئام، لكل يد محبة للسلم والعيش المشترك، كما أنها ستكون في الوقت نفسه يقظة ترسل شرارات الغضب وشهب الجمر إن حل بأي منها نازلة، أو لمحت غدر غادر أراد شرا.
وشدد على أن جبل حارم في محافظة مسندم سيبقى يعانق في شموخه جبال عمان في الداخل والجنوب، الأخضر وشمس وسمحان والقمر، لما بينهم من أواصر علاقة الصلابة والشموخ والرسوخ في أرض واحدة، وسيظل المتحف الطبيعي في ولاية مدحاء بما يحويه من نقوش ورسومات تعود إلى ما قبل الإسلام، وتلك الرسومات والكتابات التي ترجع إلى القرون الإسلامية الأولى، بالإضافة إلى المواقع الأثرية التي تنسب إلى العصر الحديدي، والأعوام ما بين 1000- 1500 سنة قبل الميلاد شواهد حية على عمانية الأرض وعمانية من يقطنها.
وتتهادى أفلاج محمد بن سالم، والشريكي، والعاضد، والصاروج، والصودق، في ولاية مدحاء مع أفلاج دارس في ولاية نزوى، والخطمين في نيابة بركة الموز، والملكي في ولاية إزكي، والجيلة في ولاية صور، لتحكي مع بعضها نظرية « غرّاق فلّاح » التي اخترعها العمانيون، مَمْهورةً كبراءة اختراع لهم ، لا لغيرهم .قال “الشكيلي”
واضاف: تأتي شواطئ مسندم، وخيرانها المتعرجة الجميلة، التي تسرّ الناظرين، ومن ورائها البحر يهدر من خلال تلاطُم أمواجه ، قائلاً لمن به صمم : هنا كان البحارة العمانيون، هنا كانت السفن العمانية، هنا سالت دماء العمانيين الزكية الطاهرة دفاعا عن المنطقة بأسرها، فهل من مدّكِر ، وهل من يحفظ الجميل !؟.
وواصل “الشكيلي” توجبه حديثه للإماراتيين بالقول: “يا قومنا ، ولازلْتُ أناديكم بيا قومنا : أجيبوا داعيَ الحق ، وأفيقوا واستفيقوا من سبات نومكم، واحتكموا لصوت الرُشد والحكمة . أليس فيكم رجل رشيد ؟!”.
وتساءل كذلك: “أين إرثُ زايد وراشد من الحكمة والصدق والحب والعدل؟”
وفي ختام مقاله قال “الشكيلي”: إن الدول لا تُزال ولا تزول بمسطرة معوجة، وقلم أخرق، وريشة جعداء، يُمسك بها قلب رجل حسود، باحثٍ عن مجد في دنيا الأوهام والأحلام ، فالدول راسخة بوحدة ترابها، ووحدة أرضها وشعبها، وبعمق تاريخها وحضارتها ، وبنفوذ سلطتها السياسية، واعتراف واحترام دول العالم لها شرقها وغربها. والسلام ثم السلام، ثم السلام، لكل محب وعاشق للسلام.