الأداء القوي للاقتصادات الكبرى يدعم تحسن التوقعات الاقتصادية العالمي

أكد بنك قطر الوطني QNB  أن تحسن آفاق الاقتصاد العالمي لهذا العام يعود إلى التطورات الإيجابية في جميع الاقتصادات الرئيسية الثلاث (الولايات المتحدة ومنطقة اليورو والصين). وعلى الرغم من أن وتيرة التوسع المتوقعة بنسبة 2.9% أقل من المتوسط ??على المدى الطويل، إلا أنها تقف على بعد مسافة آمنة من نطاق الركود.

وأرجع بنك قطر الوطني في تقريره الأسبوعي تحسن التوقعات في الاقتصادات الرئيسية الثلاثة ومساهماتها في توقعات النمو العالمي إلى أسباب رئيسية أولها، أداء الاقتصاد الأميركي كان سببا في تعزيز المسار التصاعدي الملحوظ في توقعات النمو.

وأشار التقرير إلى أن التوقعات الأولية كانت تعكس تشاؤما واسع النطاق وسط معدلات التضخم المرتفعة مما أدى إلى تآكل القوة الشرائية للأسر، واضطراب أسواق السلع الأساسية، والتشديد القياسي للسياسة النقدية من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، مشيرا إلى أنه في ظل هذه الخلفية، كان الإجماع يشير في يناير من العام الجاري إلى أن الاقتصاد الأمريكي سيحقق نموا متواضعا تبلغ نسبته 1.3% في عام 2024.

ولفت التقرير إلى أن البيانات الصادرة أشارت إلى أن الاقتصاد الأمريكي يستند على أسس متينة.. وأظهرت أرقام الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول من عام 2024 أن استهلاك الخدمات، الذي يمثل حصة كبيرة من الاقتصاد، نما بمعدل سنوي متميز قدره 4%، وهو أعلى بكثير من النمو المسجل في عام 2023 والذي بلغت نسبته 2.3%.

توقعات الاقتصاد الأمريكي

و بشكل عام، ظل قطاع الاستهلاك مدعوما بجودة الميزانيات العمومية للأسر وقوة أسواق العمل. علاوة على ذلك، تظهر المؤشرات الرئيسية أن التباطؤ المتوقع للاقتصاد الأمريكي سيكون سلسا. في الواقع، يشير الإجماع الحالي إلى نمو بنسبة 2.4% لهذا العام، أي أقل بقليل من النمو الذي بلغت نسبته 2.5% في عام 2023. وقد ساهم التحسن في توقعات الاقتصاد الأمريكي، الذي يعتبر أكبر اقتصاد في العالم، بشكل كبير في تحسين التوقعات العالمية.

السبب الثاني الذي استند عليه التقرير يتمثل في تحسن التوقعات الاقتصادية للصين على خلفية التعافي القوي وإجراءات التحفيز الحكومية الجديدة. في بداية العام، كان التشاؤم المحيط بأداء الصين أحد الأسباب الرئيسية وراء توقعات النمو العالمي الفاترة نسبيا لعام 2024. وأشار استطلاع بلومبرغ إلى معدل نمو قدره 4.5%، وهو أقل بكثير من متوسط ??ما قبل الجائحة البالغ 6.7% بين عامي 2015 و2019. لكن بعد ذلك، ظلت البيانات الصادرة تشير إلى مفاجآت في الاتجاه الصعودي. وعلى وجه التحديد، تحقق خلال الربع الأول من عام 2024 معدل نمو سنوي قدره 5.3%، على نحو يتجاوز التوقعات بهامش ملحوظ قدره 0.5 نقطة مئوية.

وقال التقرير إن الحكومة الصينية نفذت مجموعة من التدابير السياسية لتوفير الدعم للقطاع الخاص ومواصلة تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وشملت هذه المبادرات جولات لتخفيض أسعار الفائدة وضخ السيولة في الاستثمارات العامة. علاوة على ذلك، عالجت الحكومة المخاوف المحيطة بالقطاع العقاري، حيث قدمت مساعدات مالية للمطورين والشركات المدعومة من الحكومة، وحوافز للمطورين العقاريين الإقليميين لشراء المنازل غير المباعة وتخصيصها للسكان ذوي الدخل المنخفض. ونظرا للتحسن في الزخم وتدابير التحفيز من خلال السياسات الاقتصادية، نعتقد أن هناك مجالا لمزيد من المراجعات الإيجابية في نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني.

 

 

منطقة اليورو

وبخصوص السبب الثالث لتحسن أداء الاقتصاد العالمي ، عزاه تقرير بنك قطر الوطني إلى التعافي المعتدل الذي تشهده منطقة اليورو والذي يدعم المراجعات الإيجابية لتوقعات النمو لعام 2024. فمنذ أوائل عام 2022، ظلت منطقة اليورو في دوامة سلبية، وواجهت رياحا معاكسة كبيرة جراء ارتفاع أسعار الطاقة، وحالة عدم اليقين الجيوسياسي وضعف الطلب الخارجي.

وبين التقرير تراجع النمو في الربعين الثاني والثالث من عام 2023 إلى نسبة -0.1%، مما يعني أن التكتل الأوروبي سجل ركودا فنيا، قبل أن يتوقف هذا الانحدار خلال الربع الرابع. وفي بداية هذا العام، بلغ إجماع التوقعات بشأن النمو في منطقة اليورو لعام 2024 نسبة متواضعة لم تتجاوز 0.55%.

 

 

زيادة الإنفاق

وقال التقرير إن التعافي بدأ يكتسب زخما في الربع الأول من عام 2024، مع توسع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3% مقارنة بالربع السابق، مما يوفر مبررا لمراجعة التوقعات، مشيرا إلى أن الجمع بين انخفاض التضخم وارتفاع نمو الأجور يعني ضمنا مكاسب في القوة الشرائية للأسر، وهو ما من المرجح أن يترجم إلى زيادة الإنفاق بشكل قوي.

وأضاف التقرير أنه ومع نهاية فترة “الركود في قطاع التصنيع العالمي”، من المتوقع أن يصبح نشاط التصنيع أكثر دعما لنمو منطقة اليورو خلال الأرباع القادمة. وأخيرا، فإن بداية دورة تخفيض أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي ستوفر المزيد من الدعم للاقتصاد. وعلى خلفية هذه التطورات الإيجابية، تحسن إجماع التوقعات بشأن النمو في منطقة اليورو، حتى ولو بشكل طفيف، إلى 0.70% لعام 2024.

السابق
البديوي يؤكد على قوة الاقتصاد الخليجي وقدرته على مواجهة التحديات الاقتصادية
التالي
كيف تفوقت صناعة السيارات الكهربائية في الصين رغم العقبات الغربية؟