الدوحة – وكالات – بزنس كلاس:
ودّعت قطر عام 2017 باعتماد أكبر موازنة في تاريخها، ما يجسد نجاح الدولة التي تعتزم رفع الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال إلى 100 مليون طن سنوياً، في كسر الحصار البري والبحري والجوي، الذي فرضته كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، على الدوحة منذ الخامس من يونيو/ حزيران الماضي.
وحملت الموازنة العامة لقطر للعام الحالي، 2018، العديد من المؤشراتوالأرقام المهمة التي تؤكد على استقرار الاقتصاد واستمرار الدولة في مشروعاتها الاستراتيجية دون التأثر بالحصار، بل والتوسع في العديد من القطاعات، ومنها الأمن الغذائي وزيادة الإنفاق على البنية التحتية والمشروعات الإنشائية وتنشيط الاستثمارات.
وكشفت أرقام الموازنة أن إيرادات الدولة خلال العام الحالي، يتوقع أن تصل إلى 175.1 مليار ريال (48.1 مليار دولار)، لتسجل بذلك ارتفاعا قيمته 2.9%، مقارنة بالإيرادات المسجلة في عام 2017.
وأكد الرئيس التنفيذي لمركز قطر للمال، يوسف محمد الجيدة، أن ميزانية 2018 تعد شهادة على الأداء الاقتصادي القوي لدولة قطر، رغم الحصار المستمر الجائر.
وأوضح الجيدة في تصريح صحافي، أن الاستراتيجية الشاملة لهيئة المركز تتمثل في تنويع مصادر الاقتصادالوطني، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، معربا عن تفاؤله بتحقيق زيادة في العائدات غير النفطية.
وتوقع أن يواصل الاقتصاد القطري تقديم مجموعة واسعة من الفرص للمستثمرين القطريين والدوليين، مع الاستمرار في النمو والتطور في ظل رؤية قطر الوطنية 2030.
وقال الخبير المصرفي والمدير العام السابق للبنك الأهلي القطري، قاسم محمد قاسم إنه من المتوقع أن يستمر الاقتصاد القطري بالتحسن، وتستمر أعمال التنمية مدفوعة باستقرار نسبي بأسعار النفط، والمتوقع أن يستمر فوق 60 دولاراً للبرميل.وأكد خبراء اقتصاد ومصرفيون أن الاقتصاد القطري يزخر بمؤشرات نمو تفاؤلية خلال عام 2018، وفي مقدمتها بيانات صندوق النقد الدولي، التي توقعت أخيراً نمو الاقتصاد القطري بنسبة 3.7% خلال العام الحالي، كما كشف إعلان وكالة موديز العالمية لخدمات المستثمرين أن الموازنة القطرية تتجه لتحقيق فائض مالي.
وأشار قاسم إلى التركيز على تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وخصوصا تلك المتعلقة بالإنتاج الزراعي والمواد الغذائية، وسط توقعات بنمو الاقتصاد المحلي بنسبة 3%، لافتاً إلى أن المؤشرات تنبئ أيضاً باستمرار سوق الأوراق المالية، ليس فقط بالتماسك بل في النمو، خصوصاً في قطاع الخدمات والنقل.
وتوقع أن تظهر الموازنة العامة تراجعاً وربما اختفاء العجز، كما توقع ازدهار قطاع الصادرات النفطية ومشتقاتها في ظل الانفتاح على أسواق جديدة، مشيراً إلى أنه من المرجح أيضاً تراجع أسعار الإيجارات نتيجة الحوافز التي تقدمها الدولة للمستثمرين في المشروعات الجديدة.
ومن جانبه، قال الخبير في السياسة النقدية وعلم الاقتصاد السياسي، خالد بن راشد الخاطر، في حديث لـ”العربي الجديد”، إنه من المتوقع أن يكون هناك ارتفاع بالنمو في الناتج المحلي الإجمالي في قطر في 2018، مع بدء الإنتاج من حقل برزان العملاق للغاز، ليصل إلى 4%، حسب أفضل التوقعات و3% حسب البعض الآخر.
وكان كبير الاقتصاديين في بنك قطر الوطني، وروري فايف، قد قال خلال مؤتمر “يوروموني قطر” الذي اختتم أعماله في وقت سابق من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إن تمويل القطاع المصرفي للمشاريع مستمر بشكل متوازن ومتكامل، متوقعاً أن تكون هناك تدخلات خلال العام الحالي، بما يدعم المشاريع والتصنيع إضافة للتدخل للمحافظة على سياسة الائتمان في الدولة.
وأشار إلى أن التنويع الاقتصادي يساهم في خلق فرص طويلة الأمد، داعياً إلى استغلال البنية التحتية المتميزة، ومنها ميناء حمد الذي يمكن أن يتحول إلى مركز تجاري ضخم يحوز على معاملات ضخمة، خاصة بعد أن فقد جبل علي بالإمارات مكانته الاقتصادية وثقة المستثمرين، مؤكداً على أن الفترة الحالية تقتضي العمل على تخفيف التشريعات بما يحفز المشاريع الصغيرة ورفع سقف الاقتراض لدعم تلك المشاريع.
وسبق أن أكد وزير المالية، علي شريف العمادي، على أن الاقتصاد القطري قدم أداء متميزاً رغم المتغيرات الجيواقتصادية والجيوسياسية التي تمر بها المنطقة، لافتاً إلى أنه “حقق أداء متميزاً مقارنة باقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي، نتيجة لتوجه الدولة نحو تنويع مصادر الدخل وتنويع الاستثمارات وعدم الاعتماد على النفط والغاز المسال كمصدر رئيسي للدخل”.وفي إطار البنية التحتية والخدمات، رصدت الحكومة 21.8 مليار ريال (5.98 مليارات دولار) لتنفيذ مشاريع هيئة الأشغال العامة خلال العام المقبل، بما يشمل تنفيذ مشاريع طرق سريعة بقيمة 11.08 مليار ريال، ومشاريع البنية التحتية والطرق المحلية بقيمة 8.88 مليارات ريال، بالإضافة إلى 1.84 مليار ريال لمشاريع محطات الصرف الصحي والأصول، وفقاً لرئيس هيئة الأشغال العامة “أشغال”، سعد بن أحمد المهندي.
وتوقع العمادي في حديثه لمؤتمر “يوروموني قطر”، أن يكون النمو أفضل من نمو اقتصاديات دول مجلس التعاون في 2017، كما توقع أن يساهم القطاع الخاص بتعزيز إجمالي الناتج المحلي ويعوض الانخفاض الذي شهدته أسعار النفط.
وأشار إلى أن قطر تعمل وفق استراتيجية واضحة المعالم، وذلك من خلال استغلال الفائض في ميزانيتها والاستفادة منه على المدى البعيد، من خلال اقتناص العديد من الفرص الاستثمارية حتى مثل تلك الأصول التي تمتلكها الدولة.
وستواصل الدولة خلال العام الجاري، إطلاق المبادرات التحفيزية للمستثمرين ورجال الأعمال والتي تدعم القطاع الخاص حتى يكون له دور فاعل في دعم عجلة الاقتصاد الوطني. وفي هذا السياق، سيتم إنشاء 52 مصنعاً في 2018، إذ ستوفر الحكومة الأراضي والائتمان، وغيرها من الإجراءات التشريعية واللوجيستية، ما يساهم في تسريع إنشاء المشاريع الصناعية، وفق البيانات الحكومية.
وحسب وزير المالية، فإن الدولة لم تحدد سقفاً مرتبطاً بتقديم الدعم للقطاع الخاص، وإنما على القطاع الخاص أن يلعب دوراً أساسياً، وتحديداً في ما يخص الأمن الغذائي والرعاية الصحية والزراعة، وخاصة من خلال تنفيذ تلك المشاريع من قبل الشركات الصغيرة والمتوسطة، مشيراً إلى أن الدولة أنفقت 25 مليار ريال على الموانئ و67 ملياراً على البنية التحتية والمطار.