الدوحة – بزنس كلاس:
تعمل متاحف قطر حاليا على تنفيذ استراتيجية جديدة لإعداد جيل جديد من الفنانين التشكيليين القطريين ليكون لهم مكانتهم على الساحة العالمية في مجال الفنون عبر مشاريعها المستمرة والتي تساعد على صناعة نجوم في مجال الفنون التشكيلية.
صرح بذلك السيد خليفة العبيدلي، مدير مطافئ ..مقر الفنانين بمتاحف قطر، مؤكدا في حديث خاص لوكالة الأنباء القطرية “قنا” أن متاحف قطر تسعى للوصول إلى هذه المرحلة عن طريق الإعداد والتخطيط المدروس، مشددا على أن الفن أصبح صناعة راسخة ولم يعد هواية كما كان في السابق، وأنه يحتاج إلى استراتيجية وتخطيط سليم للوصول إلى الأهداف المرجوة ، وهو الأمر الذي تقوم به متاحف قطر حاليا للتواجد على الساحة الفنية عالميا ، مع ضمان أن يخطو الفنان خطوات ثابتة للوصول إلى العالمية.
وأوضح أن متاحف قطر منذ نشأتها تسعى إلى خلق جيل جديد من المبدعين واكتشاف المواهب القطرية وأن لديها عدة آليات لتحقيق هذه الهدف ، وكان آخرها إنشاء مقر الفنانين “مطافئ” كبرنامج للإقامة الفنية لواحد من أقوى الأدوات التي تعمل المتاحف من خلالها لتهيئة الفنانين والرقي بمستوياتهم وتدريبهم وتطوير أدواتهم للوصول إلى العالمية .. مشيرا إلى أن برنامج “مطافئ” يقوم على استضافة 18 فنانا نصفهم من القطريين ونصفهم من الجنسيات الأخرى من المقيمين بالدولة، ويستمر تسعة أشهر يحصل خلالها الفنان على مساحة عمل ” استديو” وراتب شهري يوفر له مستلزمات تنفيذ أعماله الفنية ، فضلا عن توجيه وإرشاد فني من أكاديميين ومتخصصين في المجال الفني ، بالإضافة إلى فرصة المشاركة في برنامج الفن العام لمتاحف قطر وبرنامج تزيين المدينة والمشاركة في معارض دولية ، لينتهي البرنامج بمعرض متميز.
وحول مدى نجاح متاحف قطر في تقديم نماذج تكون نماذج مبشرة لوضع أقدامها على خريطة الفنون العالمية سواء من خلال “مطافئ” في الدوحة أو الإقامة الفنية في استديو باريس، قال العبيدلي “نتلقى سنويا مع فتح باب التسجيل للاشتراك في مقر الإقامة الفنية مطافئ في حدود 120 فنانا وفنانة ، وفي النسخة الرابعة التي تبدأ في سبتمبر المقبل تلقينا 200 طلب للالتحاق ببرنامج الإقامة الفنية ، وهذا دليل أن الطلب متزايد على “مطافئ “، ونجاحه في تحقيق أهدافه”.. لافتا إلى أن الاختيار يتم بناء على أقوى الملفات والمشاريع المقدمة ، ومع ذلك يكون هناك مجال للتطوير، فالاختيار يتم لفنانين أقوياء في مجالهم أساسا ، ولذلك عندما يعمل البرنامج على تطوير مهاراتهم فهذا يكون أسهل وفي نفس الوقت يكون تأثيره أقوى لخروج فنان شامل من ناحية الفكر والأدوات والمهارات وأسلوب العمل.
وحول شروط الالتحاق ببرنامج الإقامة الفنية قال ” أن يكون لدى الفنان ممارسة ونشاط فني واضح ، فيقدم ملفاً متضمنا سيرته وأعماله السابقة، وكذلك مشروعه الذي يشتغل عليه خلال فترة الإقامة في البرنامج، وهذا ما يرجح اختيار لجنة التحكيم المكونة من خمسة متخصصين أكاديميين ونقاد من مختلف الخلفيات الفنية ، فضلا عن تنظيم جلسات نقاشية مع الفنانين للوصول إلى اختيار المجموعة النهائية”.
وأضاف” أن برنامج الإقامة في استديو باريس يعتبر امتدادا لمقر الفنانين في الدوحة ، ويتيح الفرصة للفنانين المتميزين الذين يتم اختيارهم لبرنامج باريس للاطلاع على الفن في عاصمة الفن والاطلاع على المعارض والمتاحف المتنوعة ولقاء الفنانين والحرفيين ومنفذين الأعمال الفنية وكل ما يتعلق بها والتعرف على الإمكانيات الموجود في أوروبا بشكل عام .. وقد لمسنا ردود أفعال ممتازة حول الأعمال الفنية المتجهة في هذا البرنامج ، كما انعكس هذا النجاح على الفنانين أنفسهم وإنتاجهم ، فالفنانة ابتسام الصفار التي استهلت البرنامج في باريس وهو مدرسة للتربية الفنية، قررت بعد انتهاء إقامتها أن تحترف الفن بعد وصولها إلى هذه المرحلة من النضج الفني، وقد انعكس ذلك على مستوى أعمالها وعلى الإيرادات الخاصة بها لأنها تفرغت للفن، فالفنان بعد أن يخوض التجربة في مقر الإقامة الفنية في الدوحة ثم باريس يكون لديه هذا الشعور من الجرأة والاستعداد للانطلاق “.
وكشف السيد خليفة العبيدلي مدير مقر الفنانين “مطافئ” في حديثه لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ عن وجود استراتيجية طويلة الأمد لدى متاحف قطر لفتح استديوهات في مجموعة من العواصم الفنية المهمة عالميا، لتكون أدوات لتغذية الفنانين القطريين ورفد مشاربهم الفكرية والإبداعية ، وأن متاحف قطر تعمل على تعزيز هذا التوجه وترسيخه بأدوات كثيرة.
وحول جديد برنامج ” مطافئ “في نسخته القادمة قال: لقد تم اختيار الفنانين الذين سيشاركون في البرنامج الرابع للإقامة و80 % منهم جدد على الساحة تم اكتشافهم من الذين قدموا ملفاتهم ، وسوف يبدأ البرنامج في سبتمبر المقبل ويستمر حتى يونيو 2019 .. مؤكدا أن البرنامج في تطور وتفاعل مستمر ، نتيجة الخبرة التراكمية بعد ثلاث سنوات، وأن هناك مجموعة من المرشدين من أكبر الفنانين والمتخصصين من الساحة المحلية سواء قطريين أو غير قطريين، كما أن البرنامج عادة يزوره كبار الفنانين العالميين، ففي هذا العام مثلا زار البرنامج الفنان الصيني آي ويوي ، وفي السنة الماضية زار البرنامج الفنان العالمي الأمريكي جيف كونز، ومن قبلها الفنان ديزاينر ايردم ، الأمر الذي يساعد على فتح حوار ثقافي بين كبار الفنانين وبين فناني الإقامة، منوها بأن البرنامج أصبح يحظى بتقدير داخل المجتمع وهناك طموح مستمر لجودة عالية في الأداء والإفادة من البرنامج في خلق جيل من المبدعين تكون لهم بصماتهم على الساحة الفنية العالمية.
وعن مدى إمكانية زيادة عدد الاستديوهات بالبرنامج كشف مدير مقر الفنانين “مطافئ” عن الإعداد حاليا لافتتاح “بيت الفنانين في الوكرة” ويقع في الوكرة القديمة على البحر ، وفيه 5 استديوهات سيتم تأجيرها للفنانين بإيجار رمزي ، ويتم تجهيزه حاليا على أن يتم الإعلان عن تفاصيل هذا المشروع خلال شهرين أو ثلاثة، كما سيحتضن هذا البيت ورشا فنية تخدم أبناء المنطقة هناك ، مشيرا إلى أنه سيكون في النسخ القادمة من برنامج”مطافئ” متسعا أكثر للاستديوهات سواء في الدوحة أو خارجها.
وردا على سؤال حول خطة ” مطافئ ” في تسويق الأعمال الفنية القطرية ، قال العبيدلي” تم الاتفاق مع بنك قطر للتنمية بأن يتولى عقد ورش للفنانين المشاركين في مطافئ الدفعة الرابعة ، تختص بتوجيههم وتدريبهم على كيفية التسويق لأعمالهم لتكون مصدرا عائد لهم ، وهو ما سيتم إعلان تفاصيله خلال الفترة المقبلة، الأمر الذي يعزز دورنا في مطافئ بتعزيز جانب التسويق لدى الفنانين المشاركين إلى جانب التقنيات والأفكار الفنية وتطويرها”.
وأضاف أن متاحف قطر تعد الفنانين حاليا للوصول إلى أعلى مستوى وتم عمل اتفاقية مع “جاليري المرخية” للتعاون مع الفنانين المشاركين في” مطافئ” بحيث يعرض أعمالهم، وهو ما تم مؤخرا ، فضلا عن أفكار لعرض الأعمال الفنية القطرية المهمة في عواصم الفن الكبرى سواء كان ذلك من خلال فعاليات الأعوام الثقافية مع بلدان العالم التي تعتبر أهم أدوات متاحف قطر التواصل مع ثقافات الشعوب الأخرى ..كاشفا عن إعداد متاحف قطر لمخطط بعيد الأمد لعرض لم يتم ترسيخه حاليا، فلدينا أفكار للمشاركة في” بينالي البندقية ” في إيطاليا مع تخصيص مكان لفناني قطر هناك، وكذلك عدة مدن تعتبر من عواصم الفنون لإبراز الفنانين القطريين على المستوى الدولي ، فضلا عن تشجيع الفنانين للمشاركة بأنفسهم وتوفير المعلومات عن أهم البيناليات لتعزيز مشاركاتهم مثل” بينالي كوتشن” في الهند ، إذا لم تشارك المتاحف بشكل مباشر، داعيا الفنانين إلى أخذ زمام المبادرة وبذل الكثير من الجهد والاستثمار الأمثل للإمكانات حتى تتحقق الأهداف بإبراز الفن القطري على الساحة العالمية.
وقال السيد خليفة العبيدلي ” إن قطر لديها أجيال من الفنانين التشكيليين وتجارب فنية كبيرة منذ ستينيات القرن الماضي فلدينا جيل من الرواد ولكن لم يكن هناك اهتمام بالتوثيق وقتها، وفي الفترة الحالية صار هناك توجه أكبر نحو توثيق التجارب الفنية وصقلها بحكم وجود دعم كبير من الدولة للفن والفنانين وارتفاع الذوق العام للجمهور ومقتني الأعمال خصوصا بما يعزز الأعمال مع كثرة الأعمال والمعارض بما يعزز دور الفنان ، فتتطور التجارب القطرية باستمرار، وكل سنة نخرج بمجموعة من الفنانين ذوي التجارب الرائعة التي تهافت المقتنون عليها، فلدينا نموذج مثل الفنان الشيخ مبارك آل ثاني من الذين شاركوا في النسخة الثالثة لمطافئ يمتلك حاليا برنامجا واضحا لأعماله وأصبحت أعماله مطلوبة ولديه معرض حتى العام القادم ولديه ارتباطات في نيويورك منذ الآن ، وكذلك الفنانة فاطمة النعيمي التي عملت على تكنولوجيا جديدة في عشوائية الفن وتفاعل الناس مع البيئة، الأمر الذي يؤكد نجاح البرنامج ، في اكتشاف مواهب جديدة يكون لها بصمات عالمية”.. مشيرا إلى أنه قبل “مقر الفنانين” كانت المواهب موجودة بالفعل ولكن ليست بهذه القوة التي عليها الحركة التشكيلية الآن.
وأشاد العبيدلي بدور المعارض الفنية في العواصم الكبرى ضمن فعاليات الأعوام الثقافية التي تنظمها متاحف قطر بالتعاون مع وزارة الثقافة والرياضة مع عدد من دول العالم في ترسيخ الفن القطري المعاصر والدفع به نحو العواصم الكبرى ، مؤكدا أن الفنانين القطريين سواء مصورين فوتوغرافيين أو تشكيليين استطاعوا عبر مشاركاتهم في المعارض الدولية أن يجذبوا الأنظار إلى أعمالهم الفنية المتميزة.