استراتيجية “الصدمة” فشلت بالتأثير على قطر

واشنطن – وكالات – بزنس كلاس:
أكدت منظمة واشنطن ريبورت، أن الدول التي فرضت الحصار على قطر اعتمدت على إستراتيجية “الصدمة ” بهدف التعجيل بانهيار الحكومة القطرية، أو على الأقل ضمان استسلامها بالسرعة المطلوبة، لافتة إلى المطالب الثلاثة عشر التي قدمت إلى قطر وشملت إغلاق شبكة الجزيرة الإخبارية، وتحديد العلاقات الدبلوماسية، كما طُلب من قطر دفع تعويضات لسنوات عن الأضرار المزعومة التي سببتها سياساتها إلى البلدان المحاصرة.
وبيّن تقرير للمنظمة عن حصار قطر أنه لاحقاً تم كشف النقاب عن معلومات تفيد بأن اللجنة الرباعية خططت لتنفيذ تدخل عسكري ضد قطر، لكن وزارة الدفاع الأمريكية، التي لديها أكبر قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط في الدوحة، حذرت من الإقدام على مثل هذه الخطوة.
وأكد التقرير أن قطر فوجئت بالهجوم الدبلوماسي الذي قادته السعودية حيث لم تكن مستعدة لهذا التصعيد الخطير. وفشل الحصار إلى حد كبير في إسقاط الدوحة والسيطرة عليها، وفي المقابل كان للأزمة الخليجية تداعيات إيجابية منها أن الدوحة أصبحت أكثر مرونة على المستويين السياسي والاقتصادي.
كما أوضح التقرير الذي نشرته المؤسسة الأمريكية أنه قبل فرض الحصار على الدوحة في 5 يونيو من العام الماضي، شهدت دول مجلس التعاون الخليجي توترات في مارس 2014، ترتبت عليها أن سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من الدوحة، حيث أثارت استقلالية سياسة الدوحة الخارجية غضب الرياض وأبوظبي. ومع ذلك فإن عدم دعم إدارة أوباما للموقف السعودي والإماراتي منعهما من اتخاذ المزيد من الإجراءات ضد قطر.
ومن جهتها اختارت الدوحة أيضاً المصالحة في ذلك الوقت، حيث سعى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى بداية جديدة مع جيرانه، وعليه تم إبرام اتفاقية الرياض في نوفمبر 2014، وأعادت دول مجلس التعاون الخليجي الثلاث سفراءها إلى الدوحة، وحضر قادة السعودية والإمارات والبحرين القمة الخليجية السنوية في العاصمة القطرية في ديسمبر 2014.
* الجهد القطري
وذكر التقرير أن دولة قطر كانت منسجمة مع السياسة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث ان الدوحة قامت في يناير 2016، بسحب سفيرها من طهران في إطار التضامن مع السعودية، في أعقاب هجوم قام به محتجون غاضبون على السفارة السعودية في طهران. كما عملت الحكومة القطرية على تقديم الدعم المالي للاقتصاد البحريني المتعثر، حيث قام كل من رئيس وزراء البحرين وولي عهد البحرين بزيارات منفصلة إلى الدوحة في فبراير ومارس 2017 لمناقشة كيفية مساعدة قطر في هذا الأمر.
وواصل التقرير: باختصار، كان رأي الدوحة أن العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي الثلاث تتحسن بخطى ثابتة بعد حل أزمة 2014. واتضح أن ما كان يُنظر إليه في عام 2014 على أنه فتح صفحة جديدة بين دول مجلس التعاون الخليجي الثلاث لم يكن أكثر من فترة راحة قصيرة بسبب عدم الحصول على دعم إدارة أوباما آنذاك، حيث قررت بلدان الحصار أن تدفن هذه الأحقاد مؤقتاً وتنتظر فرصة أخرى لإنهاء الحسابات غير المنتهية مع قطر.
* تجاوز الحصار
وذكر التقرير أن فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016 أدى إلى تغيير الوضع بشكل كبير، فمع وجود رئيس جديد في البيت الأبيض، فكرت كل من الرياض وأبوظبي على استئناف الصراع مع الدوحة والوصول به إلى نتيجة حاسمة. وتم إعلان الحصار على قطر التي ورغم كل الضغوط التي واجهتها، قررت مفاجأة الكثيرين والتصدي لهذا الهجوم، وبعد أن تجاوزت الدوحة الصدمة الأولى لهذا الإجراء المفاجئ، أطلقت جهداً دبلوماسياً منسقاً كان هدفه الرئيسي هو إيقاف الاعتداء ومنع المزيد من الأعمال العدائية من جانب بلدان الحصار. وركزت الحملة الدبلوماسية القطرية على واشنطن لدحض المزاعم وتوضيح موقفها من الأزمة، وبعد أشهر من العمل الجاد، نجحت قطر في تغيير موقف الرئيس ترامب وإبراز حقيقة الوضع.
والأهم من ذلك، أن قطر فازت بالتزام أمريكي قوي تجاه أمنها، في أعقاب الحوار الاستراتيجي السنوي الأول بين الولايات المتحدة وقطر في واشنطن في 30 يناير عام 2018، حيث أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانًا أعربت فيه عن رغبتها في “العمل المشترك مع قطر لردع ومواجهة أي تهديد خارجي لوحدة أراضي قطر لا يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة”.
* نتائج عكسية
وأورد التقرير: على جبهة أخرى، نفذت قطر اتفاقية عسكرية مع تركيا، وقعت عام 2014، مما سمح بتعزيز التعاون العسكري التركي في قطر. ونتيجة لإجبارها على إعادة توجيه الرحلات من وإلى الدوحة عبر المجال الجوي الإيراني، أعادت قطر سفيرها إلى طهران. وبالإضافة إلى ذلك، فإن قطع طرق الإمدادات عبر البلدان المحاصرة جعل الدوحة تفتح طرقاً ومسالك جديدة مع عدد من الدول الأخرى. وبالتالي، انتهت الأزمة بأكملها بحدوث نتيجة معاكسة تمامًا للنتيجة التي حددتها بلدان الحصار. وبدلاً من الحد من علاقات قطر تمكنت الدوحة من تطوير دبلوماسيتها الخارجية، كما أصبحت تركيا شريكاً قوياً لقطر وما زالت الجزيرة تبثّ على الهواء وتواصل تقديم تقاريرها الناقدة.
وشدد التقرير على أن حملة العلاقات العامة السعودية الإماراتية التي بلغت تكلفتها ملايين الدولارات لتشويه صورة قطر وربطها بالأنشطة المتعلقة بتمويل الإرهاب فشلت في إحداث التأثيرات المنشودة. حيث شنت دولتان من دول مجلس التعاون الخليجي حرباً معلوماتية سرية لتشويه صورة قطر وتعجيل حدوث تحول في سياسة الولايات المتحدة تجاهها، لقد استأجروا شركات علاقات عامة ومجموعات ضغط، ودفعوا مؤسسات بحثية لتنظيم فعاليات عامة مناهضة لقطر.
كما استخدمت السعودية والإمارات شركات استشارية سياسية، مثل شركة تابعة لمجموعة إس سي إل، الشركة الأم لشركة الأبحاث السياسية كامبريدج أناليتيكا، لقيادة حملة إعلامية مناهضة لقطر. لكن هذه الجهود لم تسفر عن أي تأثير يذكر. وقامت دولة قطر بتفنيد المزاعم من خلال توقيع اتفاقية مع الولايات المتحدة في يوليو 2017 تهدف إلى مكافحة تمويل الإرهاب. وفي الواقع، ربما تكون قطر قد تكبدت تكاليف مالية نتيجة للحصار، ولكنها أصبحت أكثر استقلالًا عن ذي قبل، وفي الواقع يعتقد معظم القطريين اليوم أنهم حققوا استقلالهم الحقيقي.
السابق
ما علاقة محمد صلاح بانتقال أغلى حارس بالتاريخ؟..
التالي
وكالة موديز العالمية للتصنيف الائتماني ترفع توقعاتها بشأن بنك الدوحة إلى “مستقر”