عوصم – بزنس كلاس:
بعد أن أُسقط في يدها ولم يعد هناك مجال للمواربة والخداع، إثر كشف مسؤولية الإمارات عن اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية “قنا” وفبركة أخبار كاذبة على لسان سمو الأمير، سارعت الرياض للدفاع عن “حليفتها” في العدوان عى قطر ليأتي دفاعها وكأنه إعادة صياغة لتجريم نفسها في الجريمة والمؤامرة التي طالت تبعاتها كل القطريين. فقد تعللت الرياض بأن اختراق موقع “قنا” ليس “جوهر المشكلة” وهذا أمر صحيح لكنها أغفلت مثلما تفعل دوماً بـ “ألمعيتها” المعهدوة بأن اختراق “قنا” كان فقط المقدمة لفبركة الأخبار التي بنت عليها هي نفسها تبرير عدوانها على قطر وشعبها. وقام “مهندس” الحصار وزير خارجيتها بترتيب الأوراق على مهل ليخنق قطر هو وأعوانه من “حلف التعساء” لكن العيون الساهرة لحراسة الوطن وإرادة أهل قطر ردت كيدهم في أعناقهم وباتوا اليوم كما نشرت وسائل الإعلام العالمية والإقليمية يبحثون عن مخرج يحفظ ماء الوجه.
وفي التفاصيل، رد مسؤول سعودي على الأخبار التي نشرتها صحيفة واشنطن بوست وقناة (NBC) الأمريكيتان حول مسؤولية دولة الإمارات عن الاختراق الذي تعرضت له وكالة الأنباء القطرية “قنا” في أيار/ مايو الماضي.
وقال المستشار في الديوان الملكي السعودي بمرتبة وزير، سعود القحطاني، الثلاثاء، إن مسألة اختراق وكالة الأنباء القطرية الرسمية “قنا” ليست هي جوهر الموضوع”، واصفا الموقف القطري من الاختراق بـ”البكائيات الكاذبة”.
وأضاف المسؤول النشيط في مهاجمة قطر في سلسلة من التغريدات على حسابه الرسمي على “تويتر”: “تحاول السلطة القطرية اختزال المقاطعة بتصريحات تميم في وكالة الأنباء، التي زعموا اختراقها. هذا غير صحيح. التصريحات عجلت بتأديب السلطة لا أكثر”.
وحاول القحطاني التقليل من أهمية ما كشفته الواشنطن بوست قائلا: “محاولة استجداء الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، بزعم اختراق وكالة الأنباء القطرية (قنا)، والاتكاء على مصادر صحفية، لن ينفع السلطات في الدوحة طالما ظل تنظيم الحمدين الحاكم بأمره في قطر”.
وتابع المسؤول السعودي: “لذا على سلطة قطر مراجعة نفسها وسياستها العدوانية منذ انقلاب حمد على والده، ثم مراجعة المطالب الـ13. وقد تزيد، بعد أن اتضح للعالم سوء نيتهم”.
وقال القحطاني: “البكائيات الكاذبة حول اختراق وكالة الأنباء ليست لب الموضوع من قريب ولا من بعيد، وإذا كان تنظيم الحمدين يظن أنه سينجو بهذه الحجة فقد وهم كعادته”.
وكشف مسؤولون في المخابرات الأمريكية أن دولة الإمارات العربية المتحدة هي التي قامت بقرصنة حساب وكالة الأنباء القطرية في شهر أيار/ مايو الماضي، ونشر خطاب مزور للأمير تميم بن حمد آل ثاني.
وقالت صحيفة “واشنطن بوست” إن المسؤولين الأمريكيين علموا الأسبوع الماضي بنتائج تحليل المعلومات التي جمعتها المخابرات الأمريكية في 23 أيار/ مايو الماضي، وبينت أن مسؤولين إماراتيين على أعلى الصعد في الحكومة ناقشوا الخطة، وتم تنفيذها.
من هو هذا القحطاني؟!
قال مصدر خليجي مطلع إن المستشار في الديوان الملكي السعودي، «سعود القحطاني» هو من يدير المخططات والحملات الإعلامية على مواقع التواصل لولي العهد السعودي «محمد بن سلمان»، وبينها الهجمة الإعلامية الحالية ضد دولة قطر وأميرها الشيخ «تميم بن حمد».
المصدر، الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، أوضح أن «القحطاني» تم تعيينه من قبل الملك «سلمان بن عبد العزيز» في منصبة كمستشار في الديوان الملكي بموجب أمر ملكي صدر في 12 ديسمبر/كانون الأول 2015، وهو شاب في الثلاثينيات من عمرة، وكان من رجال «خالد التويجري»، الرئيس السابق للديوان الملكي السعودي.
وأضاف المصدر أن «القطحاني» تولى منذ فترة، إدارة الحملات الإعلامية على مواقع التواصل التي تهدف إلى تلميع صورة «بن سلمان»، لكن دوره برز بصورة كبيرة في الهجمة الإعلامية الحالية، التي تشنها وسائل إعلام سعودية تابعة لولي ولي العهد السعودي، على قطر وأميرها الشيخ «تميم بن حمد»، بالتعاون مع وسائل إعلام تابعة لولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد»، وأخرى مصرية.
وكشف المصدر يستفيد في مهمته هذه من جيش ضخم من المغردين (كتائب إلكترونية)، فضلا عن أعداد كبيرة من المخترقين (الهاكرز)، يستخدمهم في توجيه الرأي العام عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
كان المغرد السعودي الشهير «مجتهد» تناول، في تغريدات سابقة، أحاديث يتداولها المحيطون بـ«بن سلمان» بشأن قيام الأخير بشراء نحو 100 ألف حساب على موقع «تويتر»، وتوظيف عدداً كبيراً من الكوادر في تشغيل هذه الحسابات لأجل الترويج لنفسه.
المصدر الخليجي المطلع ذاته توقع ألا يكون «القحطاني» بعيداً عن إدارة تلك الحسابات لمهارته في هذا المجال.
والعلاقة بين «القحطاني» و«بن سلمان» تعود لسنوات طويلة عندما كان الأمير الشاب أميناً عاماً للديوان الملكي، وكان الأول يعمل به، وفق المصدر ذاته.
وعندما تخلى «بن سلمان» عن منصبه كأمين عام للديوان ليصبح وليًا لولي العهد، تأكد من ترك حليف له داخله للسيطرة عليه، وكان هذا الرجل هو «القحطاني»، الذي تم الحديث عنه بأنّه «التويجري» رقم 2.
وللعلاقة الوثيقة بين الرجلين، عادة ما يكون «القحطاني» عضواً رئيسياً في الوفود التي يصطحبها معه «بن سلمان» في زياراته الخارجية.
تاريخ «مثير للجدل»
ولـ«القحطاني» تاريخ «مثير للجدل» في الوسط الصحفي السعودي، وبصفة خاصة في استخدام الإعلام ضد خصومه.
وكان الكاتب السعودي ومؤسس صحيفة «الوئام»، «تركي الروقي»، كشف، عبر مقال نشره في فبراير/شباط 2017، بعد إبعاده عن الصحيفة، جانباً من هذا التاريخ.
إذ اتهم «الروقي»، عبر مقاله آنذاك، «القحطاني»، بـ«بإساءة» استخدم سلطته، وبأنه «يرضي بها ذاتا غير سوية داخله».
ومهاجما «القحطاني»، قال «الروقي» إن «ثقافة هذا الرجل كانت هي التشهير بخصومه مستخدماً وسائل إعلام يُفترض أن تستغل كل مساحة لنقل صورة إيجابية عن البلد والحكومة».
وأضاف أن «القحطاني» يقوم بعمل «وزير الإعلام الخفي»، وأحيانا يلعب أدوارا أخرى من قبيل «مدير الاستخبارات»، واتهمه بالقيام بأعمال تشابه أعمال الشبكات الأجنبية الموجهة ضد الداخل السعودي.
كما اتهم «الروقي» «القحطاني» بأنه صاحب «تاريخ طويل من القمع» أيام كان في الديوان الملكي بعهد الملك الراحل، «عبد الله بن عبد العزيز»؛ حيث كان «لا يوقر كبيرا، ولا يحترم خبيرا، بذيء اللسان، مناقشته جريمة».
وقال إن «القحطاني» يملك جيشا من المخترقين، ويتعامل مع شركة متخصصة بالعراق، ويستهدف المواقع بالتهكير والتشهير، وتشويه سمعة الكثير من المواطنين.
وتابع: «لقد تمادى الرجل كثيراً، وذهب ضحيته الكثير من شباب البلد، وتسبب في توتير العلاقة بين صناع القرار وأبناء الشعب، وامتهن حصانة ورزانة المؤسسات الحكومية ورجال الدولة».
وطالب «الروقي» إيصال كلماته إلى ولي الأمر، لكي يكون على اضطلاع بما يفعل مسؤول في الدولة بأموال الدولة لإدارة «منظمته الإلكترونية» الخاصة.
ومساء 23 مايو/أيار الجاري، بدأت وسائل إعلام تابعة لـ«بن زايد» و«بن سلمان» هجوماً واسعاً وغير مسبوقاً، على قطر وأميرها الشيخ «تميم بن حمد» بدأ بتداول بيان «مفبركً» للأمير تضمن ادعاءات عن «توتر العلاقات» القطرية مع إدارة «ترامب»، ودعوة الدوحة كل من «مصر والإمارات والبحرين إلى مراجعة موقفهم المناهض لقطر».
ورغم مسارعة الدوحة إلى التأكيد على أن البيان المذكور مكذوب وملفق، وتم بثه على وكالتها الرسمية بعد اختراقها، إلا أن وسائل إعلام في الرياض وأبوظبي تجاهلت نشر النفي القطري، ومضت في حملة الإساءة والتحريض على قطر وأميرها، والتي لا تزال متواصلة حتى الساعة.
و«القحطاني» ليس وحده من الأسماء البارزة في الهجمة الإعلامية السعودية على قطر وأميرها؛ إذ يعد الرجل، حسب المصدر سابق الذكر، حلقة الوصل بين ربن سلمان» ووزير الإعلام السعودي «عواد بن صالح العواد»؛ حيث يتواصل الأخير مع رؤساء التحرير في بعض الصحف والفضائيات السعودية، ويوجههم بالرسائل المطلوب ترديدها لـ«الإساءة» إلى قطر وأميرها.
كان «العواد» تم تعيينه وزيراً للإعلام في السعودية بتاريخ 22 أبريل/نيسان الماضي؛ أي قبل نحو شهر من الحملة الإعلامية الحالية التي تشنها وسائل إعلام سعودية – بالتعاون مع نظيراتها في الإمارات ومصر -؛ ما يثير شكوكا لدى مراقبين أن الرجل تم اختياره خصيصاً بواسطة ولي ولي العهد السعودي لتلك المهمة.