إمدادات الغاز القطري كفيلة بتلبية الاحتياجات الأوروبية

الدوحة- بزنس كلاس

أعرب مسؤولون غربيون عن سعيهم إلى الاستفادة من الطاقة الانتاجية الكبيرة للغاز القطري لتلبية الاحتياجات العالمية، ولاسيما الأوربية التي تشهد إقبالا متزايدا على الطاقة النظيفة، وتركز في هذا الشأن على واردات الغاز. وقال مسؤولون إن تراجع الإنتاج في أوروبا يعني طلبا إضافيا ومستمرا على الغاز الطبيعي المسال، مشيرين إلى أن عددا قليلا من عقود صفقات الغاز سيكون على المدى القصير، بينما ستكون الغالبية لصفقاتٍ على المدى الطويل.

ويتزامن هذا الطلب مع رؤية قطر التي تؤمن بأهمية الغاز المتزايدة كمصدر نظيف للطاقة، واتجاهها للاستمرار بلعب دور قيادي في المساهمة بضمان أمن الإمدادات، وما تحققه من تقدم كبير في تنفيذ الخطة التي أعلنتها العام الماضي لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال بحوالي 30٪ من 77 مليونا إلى 100 مليون طن سنويا،  حيث ستساهم هذه الزيادة الكبيرة في الإنتاج بتلبية الطلب العالمي المستقبلي على الطاقة النظيفة.

الصدارة العالمية
و نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول في الإدارة الأميركية، قوله إن الولايات المتحدة تريد من قطر، أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم، أن تتحدى هيمنة الغاز الروسي في أوروبا. وقال نائب وزير الطاقة الأميركي، دان بروليت، إن الولايات المتحدة تتباحث مع الدوحة بشأن تزويد أوروبا بالغاز الطبيعي المسال، حيث تريد من ألمانيا ودول أخرى أن تستورد الغاز الأميركي والقطري بدلاً من الروسي.

وتؤمّن روسيا حالياً نحو 60 بالمائة من واردات ألمانيا من الغاز. وحذرت الولايات المتحدة الشركات الألمانية من عقوبات محتملة بشأن خط أنابيب “نورد ستريم 2” الجاري بناؤه، والذي سيزيد إلى المثلين الطاقة التصديرية للغاز الروسي لألمانيا عبر بحر البلطيق.

وأضافت “رويترز” أن بروليت قال في الدوحة إنه ناقش الموضوع مع وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة.

وتابع في مقابلة: “نتباحث مع الوزير الكعبي هنا بشأن أسواق أخرى، وبالتحديد أوروبا، لدرجة أننا يمكننا أن نتحدث إلى القطريين بشأن مد الأسواق الأوروبية بالغاز الطبيعي”.

وفي حين نبه إلى أن خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2” سيزيد اعتماد ألمانيا وأوروبا على الغاز الروسي، أشار إلى أن برلين قررت في الآونة الأخيرة المساعدة في تمويل منشآت استيراد الغاز الطبيعي المسال التي يمكنها أن تقلص هذا الاعتماد.

وكان الكعبي قال، الشهر الماضي، إن “قطر للبترول” تتطلع إلى استثمار ما لا يقل عن 20 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات القليلة القادمة، متوقعاً اتخاذ القرار النهائي بشأن استثمار الشركة بمرفأ الغاز الطبيعي المسال جولدن باس في تكساس قريباً. وأقر بروليت بأن الغاز الطبيعي المسال سيتكلف أكثر من الغاز المنقول عبر خطوط أنابيب، لكنه قال إن إمدادات الغاز الطبيعي المسال من قطر ودول أخرى ستساعد في تنويع مصادر الإمدادات المتجهة إلى أوروبا. وتابع: “إنه أمر جيد للأمن القومي لأوروبا، الغاز الرخيص يأتي بثمن مرتفع من الحرية”. وفي سبتمبر ، قالت قطر إنها ستستثمر عشرة مليارات يورو (11.6 مليار دولار) لتعزيز علاقاتها مع ألمانيا خلال السنوات الخمس القادمة، بما في ذلك احتمال إنشاء مرفأ للغاز الطبيعي المسال.

البوابة الأوروبية
وبالنظر إلى الاستثمارات القطرية في صناعة الغاز بأوروبا ستشكل ألمانيا وإيطاليا بوابة الغاز القطري إلى أوروبا، وتورد شركة رأس غاز القطرية  شحناتها من الغاز الطبيعي المسال لوحدة توسكانا العائمة للتخزين وإعادة التغييز في إيطاليا ، وهو ما شكل نقلة جديدة في دخول قطر للأسواق الأوروبية، وحجز موطئ قدم جديد بعد بريطانيا وإسبانيا.

وبرغم ضخامة الإنتاج والتصدير، فإن قطاع الغاز في قطر يعتبر في مرحلة توسّع في الأسواق العالمية، وذلك بعدما سيطر القطاع على الأسواق الآسيوية، وبدأت تتوسع مؤخراً نحو الأسواق الأوروبية. وتأتي نسبة 80% من صادرات الغاز القطرية في شكل غاز طبيعي مسال، يصدر نحو نصفها بواسطة الناقلات البحرية.

وتعد كل من محطة ساوث هوك، وشركة ساوث هوك للغاز، من أهم المشروعات الاستراتيجية القطرية البريطانية في مجال الغاز الطبيعي، حيث أنشأت شركة ساوث هوك للغاز في عام 2009 بشراكة بين شركة قطر للبترول الدولية بنسبة 70%، وشركة إيكسون موبيل العالمية بنسبة 30%، وتقوم الناقلة القطرية “تمبك”، بتأمين ما يقرب من 20% من احتياجات المملكة المتحدة من الغاز الطبيعي سنوياً.

سياسة مرنة
وتعتمد صناعة الغاز في قطر سياسة تسويق جد مرنة، جعلتها تحافظ على أسواقها من جهة، وتتوسع في أسواق جديدة من جهة أخرى. وتعود الميزات التفاضلية لصناعة الغاز القطرية، وفق دراسة أعدها معهد أكسفورد للطاقة، أن كلفة إنتاج الغاز الطبيعي المسال في قطر تعد من أقل التكاليف في العالم، حيث تبلغ نحو 1.6 دولار بالنسبة لكل مليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز الطبيعي المسال، وهي وحدة القياس المستعملة في مجال الغاز، وتعادل 28.26 متراً مكعباً غاز. في حين تبلغ كلفة الإنتاج في الولايات المتحدة الأمريكية نحو 7.6 دولار لكل مليون وحدة حرارية، و13.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية.

وعلى هذا الأساس، يشير خبراء إلى أن قطر تعتبر من أكثر الدول التي لديها هامش تحركات ربحية في السوق العالمية المنتجة للغاز، وأكثرها قدرة على التكيف مع معطيات الأسواق العالمية، وتحولها السريع من مزود رئيس للأسواق عن طريق عقود طويلة المدى إلى مهيمن ولاعب رئيس في الأسواق الفورية، نتيجة هامش التفاوض الكبير الذي يسمح به انخفاض كلفة الإنتاج. حيث تشير بيانات صادرة عن المجموعة الدولية لمصدري الغاز إلى أن صناعة الغاز القطرية بدأت ترسم نهجاً استراتيجياً جديداً من خلال تعزيز موقعها في السوق الفورية العالمية للغاز.

ويرى مراقبون أن التوترات السياسية في المحيط الجغرافي الأوروبي – الروسي، الذي أججه النزاع الروسي – الأوكراني، وما تلاه من تداعيات الحظر الغربي على روسيا، وتهديدات أوكرانيا بوقف صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا، قد يؤدي إلى تمدد الغاز القطري إلى أوروبا بشكل أوسع خلال السنوات القليلة المقبلة، حيث تغذي روسيا أوروبا بنحو 40% من احتياجات الغاز الطبيعي.

السابق
بسبب الإغلاق الحكومي.. ترامب ينظم مأدبة وجبات سريعة على نفقته الخاصة بالبيت الأبيض
التالي
فنادق ريكسوس تدير مشاريع في جزيرة قطيفان الشمالية