إضاعة الوقت آفة “روسيا 2018”: بيرو البطلة.. والعرب خارج المنافسة

إن كنت قد تابعت مباريات كأس العالم خلال الأسابيع القليلة الماضية، فمن المحتمل أن تكون قد لاحظت مبالغة المهاجم البرازيلي نيمار دا سيلفا في الدحرجة على أرض الملعب بشكل متكرر بينما يصرخ من شدة الألم، ثم يقف على قدميه بعدها بثوان معدودة سليماً معافى!

في أغلب الأحوال، عندما يكون كلا الفريقين بحاجة ماسة إلى النقاط الثلاث تكون النتيجة متعادلة، تتركز جهود اللاعبين على إسكان الكرة بالشباك. ولكن بمجرد تسجيل الهدف، تبدأ الحيل بالظهور، إذ يبدأ الفريق الذي سجل الهدف بالمماطلة قدر الإمكان، والسقوط على الأرض بكافة الأشكال الأكروباتية والبهلوانية التي تشعرك أثناء سقوطهم وأنه قد تم قنصهم من قبل أحد رجال المافيا من المدرجات، كل هذا من أجل تضييع الوقت. كل هذا من أجل تضييع بعض الدقائق على الفريق الخصم.

موقع FiveThirtyEight لفت إلى مشكلة الافتقار للدقة في احتساب الوقت المستقطع. فبصرف النظر عن المدة التي يستغرقها الشوط فعلياً، فإن الحكم سيمنح الكثير من الوقت الإضافي. ومن ثم، سيميل اللاعبون بوضوح إلى المماطلة في اللعب طالما أن الوقت يمر بلا انقطاع. لكن هذه الاستراتيجية تنجح، ويمكن أن تصنع الفارق بين الفوز والخسارة.

عندما تم جمع البيانات والإحصائيات الناتجة عن مراجعة جميع الأوقات التي توقف خلالها اللعب أثناء مباريات كأس العالم، استطعنا ملاحظة بعض الظواهر.

على سبيل المثال، يستغرق الفريق المتقدم وقتاً أطول في أداء أبسط المهام مقارنة بالفريق الخاسر، مثل أن يقوم الحارس بتسديد ضربة مرمى، فقد يستمر في توجيه الإشارات لأفراد فريقه ويحثهم على الاستمرار، حتى لو كانوا في مكان بعيد من الملعب. أما اللاعب الذي يترك المباراة فإنه يسير نحو خط التماس أبطأ من عجوز في الثمانين يسير إلى صندوق البريد. أو قد يُستبدل قائد الفريق الذي لا يعود باستطاعته معرفة كيفية وضع شارة القيادة على ذراع القائد الجديد. كل هذه الأمور معتادة، ولكن ما هو مقدار الوقت الذي تستغرقه هذه الأساليب؟

قام موقع FiveThirtyEight بتحديد 5 أنشطة أساسية يتحكم عن طريقها اللاعبون بجريان المباراة: رميات التماس، ضربات المرمى، الضربات الركنية، الضربات الحرة، والتبديلات. وجد فروقاً واضحة في السرعة بعد تحليل البيانات البالغ عددها 4529 في هذه الفئات من مباريات دور المجموعات الـ 48: الفرق المتقدمة في المباريات تستغرق وقتاً أطول بنسبة 34% لإتمام هذه الأنشطة مقارنة بالفرق المنافسة.

كيف تستنزف المنتخبات الوقت؟

الوقت الذي تستغرقه أنشطة كرة القدم الاعتيادية في كأس العالم يتوقف على نتيجة المباراة وما إذا كانت الفرق متقدمة أو متعادلة أو متأخرة.

حيث تستغرق الفرق المتعادلة وقتاً أقل في إتمام هذه الأنشطة الروتينية مقارنة بالفرق المتقدمة، ولكنه وقت أطول مقارنة بالفرق المتأخرة.

في العديد من مباريات المجموعات، يكون الدافع لدى الفرق في المباراة هو إنهاء المباراة بالتعادل للاحتفاظ بنقطة واحدة، ومن ثم فإن هذه الفرق تستفيد من المماطلة وادعاءات السقوط. تلقي هذه العينة أيضاً الضوء على المباراة ككل، إذ تتزايد ممارسات إضاعة الوقت هذه مع اقتراب الدقيقة التسعين التي تمثل نهاية المباراة. عندما نظرنا إلى الأنشطة التي تتم بعد الدقيقة الستين فقط، زاد هذا الفارق بنسبة 43% بالنسبة للفرق الفائزة مقارنة بالفرق الخاسرة.

للنظر على وجه التحديد إلى الفرق الأكثر مهارة في استنزاف الوقت للحفاظ على تفوقها، احتجنا أولاً أن نستبعد الفرق التي احتفظت لوقت قليل بموقع الصدارة في دور المجموعات أو لم تحظ بالصدارة. على سبيل المثال، احتفظ الفريق الألماني الذي يريد الدفاع عن لقبه بموقع الصدارة لدقيقتين فقط من الـ 295 دقيقة التي لعبها، وانقضت إحدى هاتين الدقيقتين في الاحتفال بهدف توني كروس الذي وضعه مباشرة في مرمى السويد. من ضمن الفرق الـ 32 التي تبارت في المنافسات، حظي 16 فريقاً على الأقل بـ 25 رمية تماس وضربة مرمى وضربة ركنية وضربة حرة واستبدال أثناء الوقت الذي تصدروا فيه المباراة. تحظى الضربات الحرة عموماً بالنصيب الأوفر لأنها متكررة الحدوث وقد تتضمن أيضاً وقتاً منقضياً في الإعداد لها.

أبطال إضاعة الوقت

ترتيب الفرق المتبارية في كأس العالم حسب الوقت الذي تستغرقه في إتمام أعمال روتينية بكرة القدم أثناء تقدمها في المباراة، مقارنة بمتوسط الوقت المنقضي في هذه الأعمال بالنسبة لجميع الفرق، بصرف النظر عن النقاط.

السابق
“بطولة الركلات الثابتة”.. أرقام غير مسبوقة يشهدها كأس العالم 2018
التالي
بلجيكا والبرازيل: فصلٌ من فصول كرة القدم الجميلة.. وهذه الأسباب!