وكالات – بزنس كلاس:
يبدو أن منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” دخلت مرحلة كسر حاجز الصمت وانتقاد السعودية بعد إعلان قطر، الإثنين، إنسحابها من المنظمة العالمية اعتباراً من يناير المقبل.
وكشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن هناك دولاً كثيرة في أوبك، إلا أنها أفصحت عن أسماء 4 دول فقط، أعربت عن قلقها من دور السعودية وروسيا.
وقالت الصحيفة الأمريكية إن هناك حالة من القلق تسيطر على أعضاء في “أوبك” في ظل العلاقة بين الرياض وموسكو، في الوقت الذي تفكر فيه المنظمة في خفض الإنتاج لوقف تدهور أسعار النفط.
ونقلت “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين، لم تسمهم، في “أوبك” في فيينا، قولهم إن مندوبي كثير من الدول الأعضاء، بما فيها فنزويلا والجزائر والكويت ونيجيريا، أعربوا عن تزايد قلقهم بسبب منح السعودية روسيا الكثير من النفوذ بشأن أسعار النفط، مشيرين إلى أن خطط منظمتهم لرفع الأسعار ربما لن تنجح إذا لم تجد دعماً من موسكو، بحسب “الجزيرة نت”.
“ليس من العدل في شيء أن تقرر الدولتان الأسعار لوحدهما، فهناك شعوب بأكملها تعتمد في حياتها على النفط”، هكذا يقول أحد المسؤولين في أوبك للصحيفة الأمريكية، في إشارة للسعودية وروسيا.
وكانت العلاقة بين موسكو التي تقود الدول النفطية خارج أوبك، وبين الرياض التي تقود دول أوبك قد ساعدت المنتجين في زيادة الأسعار بالاتفاق على خفض كبير للإنتاج.
تأتي هذه التطورات قبل أول اجتماع لـ”أوبك” في فيينا بعد القرار القطري الذي اعتبره محللون وخبراء اقتصاد عالميون أنه قرار تاريخي سيكون له ما بعده بين الدول الأعضاء في المنظمة وخارجها فيما يتعلق بمستقبل “اقتصاد النفط” في العالم، فيما يناقش مشرعون في الكونجرس “قانون نوبك”، وهو ما يعني إمكانية مقاضاة السعودية بالتلاعب في أسعار النفط.
ورغم أهمية اجتماع الخميس في فيينا الذي سيناقش خفض الإنتاج بعد أن سجلت أسعار النفط انخفاضاً بنسبة 30% منذ أكتوبر الماضي، إلا أن مسؤولة إستراتيجية البضائع في بنك “رويال بنك أوف كندا” حليمة كروفت ترى أن “الاجتماع الأهم”، سينعقد في اليوم التالي، الجمعة، عندما تلتقي أوبك بروسيا نظراً إلى الدور الحاسم لموسكو في نجاح أو فشل أي قرار للمنظمة يتعلق بزيادة الإنتاج أو خفضه.
وقالت الصحيفة إن بعض أعضاء أوبك تساورهم الشكوك حول إمكانية التوصل لاتفاق بشأن خفض الإنتاج، إذ قال ممثل إيران حسين كاظم بور إنه لا يعتقد بأن دول أوبك ستتفق على الخفض رغم توصية مندوبيها الأسبوع الماضي بخفض 1.3 مليون برميل يومياً.
وأضافت أن وزير النفط السعودي خالد الفالح ونظيره الإماراتي سهيل المزروعي رفضا التعليق على حجم الخفض، رغم أن مستشاريهما دعما خطة أوبك بهذا الشأن.
ونسبت الصحيفة إلى مندوب آخر لإحدى الدول الأعضاء بالمنظمة قوله إن الأمر كله يتعلق بالسياسة بدلاً من مصالح الدول الأعضاء، مضيفاً أن الرياض ترغب في التقارب مع موسكو لحاجتها لصداقات جديدة عقب اغتيال الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية استناداً إلى تقارير منسوبة إلى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “سي آي أيه” تشير إلى أن محمد بن سلمان هو من أمر بقتل خاشقجي.
ويؤكد مسؤولو “أوبك” أن هذه التحالفات من وراء الستار تدعم محاولات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتفتيت أوبك. وقال مندوب خليجي “كل ذلك يتعلق بإرضاء ترامب. كنا ننطلق من معلومات السوق، لكننا اليوم نفعل، إلى هذا الحد أو ذاك، ما يريده الرئيس الأمربكي. نحن هنا حالياً بسبب السعودية. إنه وضع لا يريح أياً منا”.
وعشية اجتماع أوبك دعا ترامب منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاءها إلى عدم خفض إنتاج النفط في العام المقبل، قائلاً إن ذلك من شأنه أن يدفع أسعار الخام للارتفاع على مستوى العالم.
وقال ترامب على موقع تويتر: “نأمل أن تبقي أوبك على تدفقات النفط كما هي، ولا تكبحها. العالم لا يريد أن يرى ارتفاعاً في أسعار النفط ولا يحتاج لذلك”.
وسعت السعودية، أكبر منتج في أوبك، لتطبيق تخفيضات كبيرة في الإنتاج، لكنها واجهت ضغوطا من ترامب لإبقاء تدفقات النفط كما هي من أجل الحفاظ على الأسعار منخفضة، بدلا من تقليص المخزونات، وفقاً لرويترز.
وكان وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك قال للصحفيين في وقت سابق اليوم إنه عقد اجتماعاً مع نظيره السعودي خالد الفالح، فيما نقلت رويترز عن مصادر في أوبك وخارجها قولهم إن الرياض تريد أن تساهم موسكو في خفض الإنتاج بما لا يقل عن 250 إلى 300 ألف برميل يومياً لكن روسيا تصر على أن الكمية يجب أن تكون نصف ذلك فحسب.
وقال مصدر مقرب من وزارة الطاقة الروسية “لا أحد يتوق إلى الخفض ما لم تكن هناك ضرورة. القدر الأكبر من الزيادة في إنتاج النفط نراه في الولايات المتحدة. أوبك وروسيا ستكونان حذرتين للغاية”.
وانخفضت أسعار النفط نحو الثلث منذ أكتوبر إلى ما يقل عن 60 دولاراً للبرميل بعد أن عززت السعودية الإنتاج لتعويض انخفاض الصادرات الإيرانية بسبب عقوبات أمريكية جديدة، فيما منحت واشنطن إعفاءات لبعض مشتري النفط الإيراني مما أثار مخاوف جديدة بشان تخمة نفطية في العام القادم.
وتسائل جاري روس الرئيس التنفيذي لبلاك جولد انفستورز وأحد مراقبي أوبك المخضرمين “كيف يمكن أن يخفض السعوديون كثيراً إذا كان ترامب لا يريد خفضاً كبيراً؟”، مضيفاً، بحسب “رويترز”: “ترامب قلق بشأن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) والتضخم. لذا يريد أسعاراً منخفضة الآن. أيضاً، إذا كان السعوديون من البغض لدرجة قيامهم بخفض كبير للإنتاج، فإن هذا سيحفز الديمقراطيين في الكونجرس على السعي بنشاط أكبر صوب قانون نوبك وسحب الدعم الأمريكي للقوات السعودية في حرب اليمن”.
وقانون نوبك الذي يناقشه مشرعون أمريكيون قد يجعل من الممكن مقاضاة السعودية وبقية أعضاء أوبك بدعوى التلاعب في الأسعار.
وقال بوب مكنالي رئيس مجموعة رابيدان للطاقة التي مقرها الولايات المتحدة إن أوبك بين شقي الرحى بالنظر إلى ضغط ترامب من ناحية والحاجة إلى إيرادات أعلى من ناحية أخرى، مضيفاً: “نعتقد أن أوبك ستسعى للوصول إلى خفض ضبابي للإنتاج… لن يُوصف بأنه خفض لكنه سيعني عملياً الخفض، وسيكون من الصعب قياسه”، بحسب رويترز.
وكان سعادة المهندس سعد بن شريده الكعبي، وزير الدولة لشؤون الطاقة، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لقطر للبترول، أعلن أول أمس الإثنين، انسحاب قطر من أوبك لأسباب فنية تتعلق باستراتيجية قطر في المستقبل تجاه قطاع الطاقة.
وبشأن خطط قطر للتوسع في إنتاج الغاز الطبيعي المسال الحالي من نحو 77 مليون طن إلى 110 ملايين طن خلال السنوات المقبلة، أفاد الكعبي بأن قطر للبترول عملت على تطوير وزيادة إنتاج قطر من الغاز الطبيعي المسال، حيث أعلنت عن استراتيجيتها لرفع طاقتها الإنتاجية من 4.8 مليون برميل مكافئ يوميا إلى 6.5 مليون برميل مكافئ يومياً خلال العقد القادم.