أنقرة – وكالات – بزنس كلاس:
توعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتشديد الخناق على تركيا، واتهمها باستغلال الولايات المتحدة لسنوات عديدة، بينما هدد وزير الخزانة ستيفن منوتشين بفرض عقوبات إضافية على أنقرة إذا لم تفرج عن القس أندرو برانسون المحتجز لديها. وفي المقابل قال وزير الخارجية التركي إنه لا يمكن حلّ المشاكل مع أمريكا بنهجها الحالي وإنها لا ترى الصديق الحقيقي.
وقال ترامب في تغريدة على “تويتر”: إن تركيا تحتجز من وصفه بأنه “رهينة وطني عظيم”، مؤكداً أن واشنطن لن تدفع شيئاً مقابل الإفراج عن “رجل بريء”، في إشارة إلى برانسون. وكان الرئيس الأمريكي أعلن قبل ذلك خلال اجتماع بأعضاء إدارته أن تركيا لم تثبت أنها صديق جيد للولايات المتحدة. وخلال الاجتماع كشف ترامب أن واشنطن ساعدت تركيا في ضمان الإفراج عن مواطن تركي كان معتقلاً لدى دولة لم يسمها، مشيراً إلى أن “الشريك في الحلف الأطلسي لم يرد هذا المعروف”. وذلك بحسب”الجزيرة نت”.
من جانبه، قال وزير الخزانة ستيفن منوتشين إن الولايات المتحدة مستعدة لفرض عقوبات إضافية على تركيا إذا لم تفرج عن القس برانسون، وأضاف “لدينا المزيد الذي نخطط للقيام به إذا لم يفرجوا عنه سريعاً”. ونقل تقرير لوكالة أنباء بلومبيرغ عن الوزير منوتشين قوله خلال الاجتماع: إن هناك المزيد من العقوبات الجاهزة للتطبيق.
وكان البيت الأبيض أبدى استياءه من “العقوبات” الاقتصادية التي أعلنتها أنقرة الأربعاء رداً على تلك التي اتخذتها واشنطن، وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز: إن “الرسوم الجمركية لتركيا بالتأكيد مؤسفة وهي خطوة في الاتجاه الخاطئ”. وفي المقابل، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إنه يمكن حل المشاكل مع الولايات المتحدة بسهولة لكن ليس بالنهج الحالي لواشنطن، وأضاف جاويش أوغلو أن أمريكا لا تدرك ولا ترى الصديق الحقيقي.
وأكد جاويش أن أنقرة أبلغت واشنطن مراراً أن ممارسة الضغوط وفرض العقوبات لن تجدي نفعاً معها. وشدد أوغلو قائلاً “على الولايات المتحدة أن تعلم أن هذه الأمور ليست “فيلم كاوبوي” نحن لا نمثل ولا نسجل “فيلم كاوبوي”، فنحن دولتان كبيرتان ينبغي أن تكون علاقاتهما جيدة، ويعرفان كيف يحترمان بعضهما، فالاحترام لا يكون بالضغوط بل بالتقارب”.
وأشار وزير خارجية تركيا إلى أن بلاده لم ترتكب أي خطأ تجاه الولايات المتحدة، موضحاً أن “المسار القضائي يجري على الجميع كائناً من كان، وفي أي تهمة يواجهها المتهم”، في إشارة إلى محاكمة القس أندرو برانسون بتهمة التجسس والإرهاب.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن بلاده تريد رفع تأشيرة الدخول مع روسيا بشكل كامل.. وأضاف جاويش أوغلو إلى أنّ روسيا ستلغي، في مرحلة أولى، تأشيرة الدخول لرجال الأعمال الأتراك وأوضح أنهم سيعقدون أول اجتماع لمجموعة العمل بين الجانبين، بخصوص إلغاء روسيا تأشيرة الدخول لرجال الأعمال، وسائقي الشاحنات الأتراك، وأصحاب جوازات السفر الرسمية والخدمية.. وأعرب جاويش أوغلو عن سعادته لقدوم السُياح الروس إلى تركيا دون تأشيرة دخول، معتبراً أن ارتفاع أعداد السياح الروس القادمين إلى تركيا مهم بالنسبة لبلاده وللسياح الروس أيضاً، دون تقديم أرقام محددة.
من جهة أخرى، رفضت محكمة تركية الأربعاء رفع الإقامة الجبرية عن القس الأمريكي، لكن محاميه قال إن محكمة أعلى ستصدر قراراً في هذا الشأن هذا الأسبوع. وفي السياق، رفضت محكمة العقوبات المشددة الثالثة بولاية إزمير غربي تركيا، الجمعة، طلباً بشأن رفع الإقامة الجبرية وحظر مغادرة البلاد، عن القس الأمريكي أندرو برانسون الذي يحاكم بتهم التجسس والإرهاب. جاء ذلك بعد نظر المحكمة في اعتراضٍ تقدم به محامي الدفاع إسماعيل جم هالافورت، على قرار فرض الإقامة الجبرية وحظر مغادرة البلاد، بحق موكله.
وعقب دراسة هيئة المحكمة الاعتراض، قررت رفض الطلب ومواصلة فرض الإقامة الجبرية وحظر مغادرة البلاد على برانسون. وقبل يومين، رفضت محكمة العقوبات المشددة الثانية في إزمير، طلباً بشأن رفع الإقامة الجبرية وحظر مغادرة البلاد، عن القس الأمريكي. وكانت محكمة العقوبات المشددة الثانية فرضت أواخر الشهر الماضي، الإقامة الجبرية، عوضًا عن الحبس، على برانسون بسبب وضعه الصحي.
من جهة أخرى، قال مسؤول سابق بوزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي الأمريكيين متخصص بالشؤون التركية والسياسات الأميركية تجاه تركيا إن واشنطن لا تستطيع التخلي عن أنقرة وستخسر كثيراً بذلك. ووصف ماثيو بريزا — في مقال له بصحيفة واشنطن بوست — مضاعفة الرئيس دونالد ترامب الرسوم الجمركية على الصلب والألومنيوم التركيين بأنها تصعيد خطير وعمل عدائي ضد دولة حليفة، وأنه تم توقيت العقوبات لإحداث أعلى مستوى من الضرر على تركيا.
ويبدو أن البيت الأبيض — وفق ما يقول بريزا — قد قرر التخلي عن تركيا كحليف، الأمر الذي سيضعف حلف الناتو ويفقد الولايات المتحدة نفوذها بالشرق الأوسط ويهدد التحالف الذي لا تزال حربه ضد تنظيم الدولة بعيدة عن الحسم، خاصة وأن التقارير الواردة مؤخراً تشير إلى أن هذا التنظيم يحاول جاداً العودة لميادين القتال.
وأوضح بريزا أن جوهر سياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمنطقة هو إبعاد بلاده وتمكين إيران، لذلك فإن التخلي الأمريكي عن تركيا يحقق ما يريده بوتين بالضبط ويجعل من المستحيل على واشنطن الاستمرار في السعي لإيجاد حلول دبلوماسية في سوريا والعراق. وذلك بحسب “الجزيرة نت”.
ومضى الكاتب يعدد الخسائر التي ستُمنى بها بلاده، قائلاً إن أنقرة ربما تتقارب مع روسيا التي ظل هدفها الإستراتيجي منذ مدة طويلة دق إسفين بين تركيا وحلف الناتو خاصة مع واشنطن. ولم ينس قاعدة إنجرليك بجنوب تركيا واصفاً إياها بأنها أهم قاعدة عسكرية أمريكية بالخارج، مضيفاً أن عمله لمدة 23 عاماً في الخدمة الخارجية الأمريكية بالشرق الأوسط مكّنه من الوقوف على أهمية هذه القاعدة قائلاً إنه لا يمكن التخلي عنها.
وأشار الكاتب إلى أن العقوبات الأمريكية “الواسعة” تسببت في وقف المفاوضات ذات الحساسية حول القس أندرو برونسون والتي كانت على وشك التوصل لاتفاق، مشيراً إلى أنه يبدو أن ترامب قد فقد صبره وقرر التصعيد واللجوء إلى ما أسماه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحرب الاقتصادية.
واختتم المقال بأن المصالح الأمريكية يمكن تحقيقها بشكل أفضل بالتعاون مع أحد الحلفاء بالناتو المجاور لكل من سوريا والعراق وإيران، وليس إعاقة اقتصاده، مضيفاً بأنه إذا انهار الاقتصاد التركي فإن المصالح الإستراتيجية الحيوية لبلاده ستجبرها حتماً على مساعدة أنقرة لاستعادة عافية اقتصادها.