عندما نذكر ريال مدريد بمبارياته نذكر المتعة والاثارة والخبرة والإطراب والأداء المتناغم المتجانس وما اعتدنا عليه بأنه في حالة غياب عنصر أو أثنين أو حتى ثلاثة لا يتأثر الملكي الكبير لكن عندما ترى مباراة الميرنغي ضد إسبانيول فتعي تماماً أن من جاء الى ملعب سانتياغو بيرنابيو ليس سوى أشباحاً وأن رجال ريال مدريد الحقيقين لم يأتوا من الأساس.
وعندما قرر لوبيتيغي اتباع أسلوب المداورة بين اللاعبين وهو أسلوب متبع بجميع الفرق وفي بعض الأحيان يكون صحياً إلا أن مدرب الماتادور السابق خلق توليفة غير متجانسة وغريبة الى حد كبير أفقدت الفريق هويته الى درجة كبيرة وجلعت الريال بلا لون أو طعم أو رائحة طوال اللقاء.
وقرر لوبيتيغي إراحة الكبار فلم نرَ مارسيلو أو غاريث بيل أو توني كروس ولكن رأينا أيضاً لاعبين أصحاب مهارات قادرة على خلق حالة من الأداء الجمالي مثل الساحر إيسكو والموهوب أسينسيو لكنا فوجئنا بأسوأ نسخة من ريال مدريد منذ سنوات عديدة ورأينا فريقاً عاجزاً عن خلق الفرص بلا هوية متهالكاً غير متجانس على غير العادة مما جعل الجميع يتساءل أين ريال مدريد بالمباراة.
البداية كانت بإشراك قلب الدفاع ناتشو فيرنانديز في مركز الظهير الأيسر ليحل محل مارسيلو بالجهة اليسرى فلم يكن اللاعب في أفضل حالاته ولا يمكننا لوم ناتشو الذي طالما رأيناه في مركز قلب الدفاع أو في مركز الظهير الأيمن أو حتى في مركز الوسط المدافع لكن أن نراه بديلاً لمارسيلو ماكينة العرضيات الرائعة وصاحب المهارات الكبيرة ومفتاح اللعب المميز كان هذا مثار استغراب الجميع.
الشيء الغريب الثاني أن نادي إسبانيول اعتمد على تكثيف العدد في مركز الوسط لافساد تمويل لاعبي وسط الميرنغي للمهاجمين وافساد الهجمة من الوسط ونجحوا في ذلك الى حدٍ كبير فرأينا ثلاثي غير منسجم في وسط ملعب الملكي وقدم الثلاثي لوكا مودريتش وكاسيميرو وسيبايوس أسوأ مستوياتهم ووضح جلياً غياب اللاعب صاحب التمريرات المتقنة مثل كروس وهو ما افتقده الثنائي لوكا وكاسيميرو.
كما لم يُظهر الثلاثي الهجومي إيسكو وأسينسيو وبنزيمة أي شراسة ونجاعة هجومية على مرمى المنافس إلا في مناسبات قليلة ولولا يسارية أسينسيو والتي وصلته بمحض الصدفة لما خرج النادي الملكي فائزاً ولو استمرت المباراة ليوم أخر بهذا الأداء.
كما وضح بقوة افتقار الهجوم الملكي للويلزي غاريث بيل صاروخ الميرنغي هذا الموسم حيث افتقد ريال مدريد أمام إسبانيول عنصر السرعة والقوة والتصويبات الصاروخية والعرضيات المتقنة التي يقدمها بيل فيما ظهر بنزيمة بلا أنياب لم يقدم أي شيء وذكر الجميع ببنزيمة الموسم الماضي والذي كان مثار سخط الجميع.
ولعل الشيء السلبي الذي ظهر بقوة خلال المباراة تواجد مساحات شاغرة كثيرة في دفاعات ريال مدريد نظراً للاعتماد على ظهيرين لأول مرة يلعبان هذا الموسم بالاضافة لكارثة اقحام ناتشو في الجهة اليسرى فظهرت مساحات شاغرة كثيرة من وراء رفايل فاران الذي قدم واحدة من أسوأ مبارياته في تاريخه مع الميرنغي ولو أحسن لاعبو المنافس الكتالوني استغلال تلك المساحات وترجمة الفرص الكثيرة التي لاحت لهم لاهداف بنجاح لكانت العواقب وخيمة على لوبيتيغي بالمباراة.
رفض لوبيتيغي منح ماريانو دياز فرصة بالمشاركة أساسياً أمام إسبانيول لإفساح المجال أمام إراحة الفرنسي كريم بنزيمة مهاجم الفريق مثله مثل الكبار على الرغم من مشاركة اللاعب المميزة أمام روما بدوري أبطال أوروبا وتسجيله هدفاً رائعاً وأثبت فعلياً أنه يستحق الحصول على فرصة لكن المدرب الإسباني يرى غير ذلك في مباراة قرر خلالها المداورة على الرغم من اشراك اللاعب في الشوط الثاني إلا أنه مع الرتم السيء لم يقدم أي اضافة.
وبدأ الجميع يتساءل هل فقد ريال مدريد هويته عقب رحيل زيدان ونجمه رونالدو أم أن مقولة الكبار لا يتأثرون برحيل أي عنصر ستكون راسخة وأن رجال الميرنغي سيُثبتون ذلك عملياً وأن ريال مدريد يفوز بالمباريات عن جدارة واستحقاق أم أنه يحقق انتصارات خادعة وأنه مع ملاقاة خصم قوي ستكون العواقب كارثية في النهاية سوف يُحاسب لوبيتيغي وقد ينضم لقائمة المدربين اللذين عانوا من مقصلة بيريز قريباً.