الدوحة – بزنس كلاس:
لم تكتف السعودية بارتكاب جريمة مروعة بكل المقاييس بحق الإعلامي جمال خاشقجي وما يمثله إنسانياً وسياسياً، بل تجاوزت الأمر حتى وصلت لمرحلة إهانة العالم بأجمعه بتسويقها كذبة تكاد توازي ببشاعتها وفظاظتها جريمة القتل إن لم تتجاوزها. لذلك جاءت ردود الفعل الدولي على إقرار السعودية أخيراً بقتلها لأحد مواطنيها في قنصلية السعودية بإسطنبول، صارخة ورافضة بالمطلق لصراخ قاتل يريد أن يغطي على جريمته بجريمة أكثر إهانة للعالم من الجريمة الأصلية من خلال مخاطبة عقول الناس و”استغبائهم” بطريقة ساذجة لا تقنع حتى الأطفال.
وهذا ما حدا بالرئيس الأمريكي دونالد ترمب، المدافع الوحيد عن السعودية في هذه المعمة، إلى الانسحاب بعد أن اقتنع أن كل العالم يرى بوضوح أسوا سيناريو لتبرير جريمة قتل واضحة لا لبس فيها. لكن هذه الجريمة وبكل ما فيها من بشاعة ما تزال تطرح العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى أجوية قد يكون بأحدها ما يمكن استخدامه للإطاحة ليس بولي العهد السعودي، المسؤول عن هذه الجريمة رغم كل المسرحيات الرسمية السعودية، بل قد تؤد لعزل والده الملك وربما تقود إلى اكثر من ذلك في المشهد السعودي الذي يعيش حالة اضطراب وغليان غير مسبوقة. وأحد أهم هذه الأسئلة التي تدور في أذهان الجميع دون البوح بها، لماذا اختارت الرياض إسطنبول دون غيرها لتنفيذ جريمتها بعد أن جعلت خاشقجي ينتقل من الولايات المتحدة ويراجع قنصليتها في إسطنبول؟ هل فعلت ذلك حتى لا تنفذ الجريمة على أرض أمريكية وتحرج إدارة ترمب بها؟ أم أنها فعلت ذلك لاعتقادها أن الأتراك يمكن أن يقبلوا بتسوية ما تحت الطاولة؟
وهناك كثير من الأسئلة التي تحتاج إلى أجوبة قد لا ترى النور باعتبار الجريمة سياسية بامتياز لكنها بلغت بفجاجتها حداً غير مسبوق في العلاقات الدولية ووضعت تركيا بموقف دقيق للغاية باعتبار أن الجريمة وقعت داخل حدودها وربما تم إخفاء الجثة أو “أجزاء” الجثة” في إحدى غابات إسطنبول بينما الجريمة جرت على أرض، تعتبر رسمياً ارضاً سعودية.
وفي تطور جديد بعد رواية الرياض الكاذبة حول ملابسات مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، قال الرئيس الأمريكي دولاند ترامب مساء اليوم السبت، إنه غير راضيا عن موقف السعودية من وفاة خاشقجي، بعد قوله أمس بأن الرواية السعودية تبدو “رواية موثوقة”.
وأضاف ترامب الذي غير رأيه بين ليلة وضحاها، “سمعنا بوجود تسجيلات لما جرى لخاشقجي ولكننا لم نطلع عليها حتى الآن، وقد نحصل على مزيد من الإجابات حول قضية خاشقجي بحلول الثلاثاء”، وتابع في تصريحات: “أريد أن أبقي الكونغرس في الصورة وسأعمل معهم بخصوص قضية خاشقجي”.
من جانبهم شكك أعضاء بالكونغرس الأميركي في مصداقية القصة السعودية للأحداث، وكتب السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام الذي يعتبر من أبرز حلفاء ترامب يقول: “إن القول بأنني مشكك في الرواية السعودية الجديدة حول خاشقجي لا يفي شعوري حقه”.
وقال السيناتور الجمهوري بوب كوركر إن رواية السعودية حول اختفاء خاشقجي التي تتبدل مع مرور كل يوم، تجعل من الصعب اعتبار روايتها الأخيرة ذات مصداقية.
وأضاف السيناتور الديمقراطي كريس مورفي أن التفسير السعودي الجديد لمقتل خاشقجي منافٍ للعقل، بينما قال السيناتور الديمقراطي باتريك ليهي إن رواية الرياض تفوح منها رائحة التستر.
وعبرت الأمم المتحدة عن “انزعاجها الشديد” بعد تأكيد السعودية رسميا وفاة الصحفي جمال خاشقجي، وطالبت بتحقيق نزيه لكشف المتورطين في العملية والمدبرين لها، داعية إلى عدم التسرع في تصديق الرواية الرسمية للواقعة.
وبعد 18 يوما من اختفاء خاشقجي داخل سفارة بلاده في إسطنبول، اعترفت السعودية أمس بمقتله بسبب ما زعمت إنه شجار واشتباك بالأيدي اندلع بينه وبين أشخاص قابلوه في القنصلية، مما أدى إلى وفاته.