كندا – وكالات:
ركز مركز «جلوبال ريسيرش» الكندي، على التطورات الأخيرة التي جرت في السعودية، حيث قال إن خطوة السماح للمرأة بالقيادة مخاطرة ستستفز المتشددين الذين يخشون من أن يكون نظام آل سعود يفض تحالفه معهم، عبر تهميش المحافظين في مسعاه لعمل تحديث اقتصادي واجتماعي.
وأضاف المركز أن المتشددين في السعودية حذروا منذ عقود بأن السماح للمرأة بالقيادة سيكون تطوراً خطيراً للمملكة المحافظة، مجادلين بأن ذلك سيحدث تدهوراً في المجتمع من خلال تفشي الفجور الذي يتعارض مع الطريقة المثلى لتطبيق الإسلام.
لكن كاتب التقرير، يعتقد أن خطورة القرار الأخير المتعلق بالمرأة، لا ينبع من خشية علماء الدين السعوديين على تفشي الفسوق في المجتمع، بل تكمن الخطورة في رد فعلهم العنيف والمحتمل وغير المتوقع على ما يعتبروه خروقات للدين الإسلامي.
وأوضح التقرير أن رجال الدين في السعودية يدركون أن مخطط بن سلمان أوسع من مجرد السماح للمرأة بالقيادة، بل يريد تغيير الموقف الاجتماعي والثقافي ككل، ولذلك فإنه سيبدأ في إعطاء المرأة المزيد من الحقوق لتكون مثل الرجل.
هذا الانفتاح ـ يقول التقريرـ سبب رئيسي لمعارضة علماء الدين لرؤية 2030، لأنهم يعلمون أنها ستحدث تحولات اقتصادية واجتماعية ستؤدي في النهاية إلى تغييرات محورية يعتقدون أنها تتعارض مع الإسلام من وجهة نظرهم.
وتابع: «رغم عدم قول رجال الدين ذلك خشية اعتقالهم من قبل قوات الأمن، إلا أنه يمكن الافتراض بأن معظم الدعاة يعتقدون أن مبادرة ولي العهد محمد بن سلمان المسماة بـ (رؤية 2030) حرام شرعاً».
ويتكهن كاتب التقرير بأنه من الممكن أن يخطط علماء الدين لشيء ما ضد النظام السعودي إذا لم يستطع كبح جماح المتشددين وعقيدتهم.
ويولي التقرير أهمية بالهيكل السياسي للسعودية، ويقول: «ليس ديكتاتورية سلطوية بالمعني التقليدي، بل هو نظام سلطوي فيه السلطة مقسمة بين المشايخ المتشددين ونظام آل سعود، إذ لكل منطقة نفوذ لا ينبغي لطرف أن يتخطاها».
وتابع: «هذا الترتيب كان سائداً حتى جاء محمد بن سلمان برؤية 2030، وفيها رأى رجال الدين السعوديون نوعاً من انتزاع سلطتهم أو انقلاباً ناعماً».
ولذلك يقول التقرير، إن خطورة الموقف تكمن في رد الفعل القوي الذي يمكن أن يأتي به المتشددون، وهو السبب الأرجح لحملة القمع التي تحصل الآن ضد زعماء الدين، وكان يتوقع من أشدهم تطرفاً أن يحشد مظاهرات لقلب نظام الحكم عندما تم الإعلان عن السماح للمرأة بالقيادة.
وأوضح أن الصراع بين النظام السعودي ورجال الدين سيحدث زعزعة داخلية، وهو ما قد يجلب شماتة البعض بسبب ما يرتكبه النظام السعودي من جرائم، لكن هذا الاضطراب السياسي في المملكة ستكون له تداعيات عالمية.
ويرى كاتب التقرير أن الصراع بين آل سعود والمتشددين قد يؤدي إلى تقسيم المملكة لإمارات، وهي النتيجة ذاتها التي كان يمكن الوصول إليها لو نجح الحصار الإماراتي السعودي ضد قطر، الذي تم برعاية دونالد ترمب.
وأكد التقرير أن الإمارات المخطط الرئيسي للتوتر الحاصل الآن بين السعودية وقطر، بدعم من الولايات المتحدة التي تسعى إلى تفتيت السعودية، لو نجح ذلك سيعطي أبوظبي مزيداً من النفوذ داخل المملكة ومواردها الكبيرة.
ولذلك، يقول التقرير، فإن نشر الفوضى المحسوبة والمتحكم بها داخل المملكة السعودية يمكن أن يكون جزءاً من خطط الولايات المتحدة لإعادة هندسة الشرق الأوسط، وتكوين «شرق أوسط جديد» يعتمد على نموذج الحكم القائم في الإمارات.
وأضاف أن هذا الأمر لا يمكن أن يتم طالما بقت السعودية دولة موحدة، ولذلك فإن مصالح أميركا وحلفائها الإقليمين تكمن في تفتيت السعودية، وهو سيناريو فيه ربما تستخدم أميركا معارضة رجال الدين السعوديين لقرار السماح للمرأة بالقيادة.