عواصم – بزنس كلاس:
عندما بدأت الأزمة الخليجية في 5 يونيو / حزيران الماضي، كان سقف مطالب دول الحصار عالياً جداً وبعد توبيخ واشنطن لهم قاموا بنشر مطالبهم التي كان عددها 13 مطلباً، لكنهم عادوا ليقلصوها إلى 6 مطالب بعد أن أشبعهم العالم نقداً بشأن “لا معقولية” تلك “المطالب”. وفي سلسلة من التنازلات والتراجع هذا الذي سارت به دول الحصار يمكن التنبؤ بأنها سوف تتراجع بـ “طلباتها” إلى حد التلاشي. فها هي اليوم تخرج علينا بتراجع جديد. أبوظبي تتخلى عن شرط إغلاق الجزيرة ولحفظ ماء وجهها، مررت التراجع عن طريق صحيفة التايمز البريطانية واضعة بعض الشروط،فقط حتى لا تسقط من عيون المراقبين، والتي سرعان ما ستتخلى عنها لاحقاً كما يعتقد كثيرون.
فقد قالت صحيفة التايمز البريطانية، إن دولة الإمارات قد تراجعت عن مطلبها بأن تغلق قطر شبكة الجزيرة ومنافذ إعلامية أخرى، وذلك في إثر الاحتجاجات العالمية للدفاع عن حرية الصحافة.
ونقلت الصحيفة عن وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون المجلس الوطني الاتحادي نورة الكعبي قولها، إن بلدها يسعى الآن لإيجاد حلٍّ دبلوماسي للأزمة مع قطر.
وأعلنت كل من الإمارات والسعودية والبحرين ومصر مقاطعة قطر، منذ شهر يونيو/حزيران 2017، وفرضت الدول الثلاث الأولى حصاراً دبلوماسياً واقتصادياً على قطر، وهددت باستمراره إذا لم تستجب لقائمة من 13 مطلباً، تضمّنت ما سمّوه بـ”وقف دعم حركات الإسلام السياسي”، وإغلاق شبكة الجزيرة، مؤكدين أن هذه المطالب غير قابلة للتفاوض، وعلى الدوحة الاستجابة لها مباشرة، وهو ما اعتبرته الأخيرة انتهاكاً لسيادتها.
من جانبه وصف وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون رفض قطر تلبية المطالب المذكورة بالأمر “المعقول”، ووقع في وقت لاحق اتفاقاً يُلزِم قطر بمحاربة تمويل الشبكات الإرهابية، وهو أحد المطالب الـ13.
تراجع مشروط
وربما كان أكثر المطالب إثارة للجدل هو الأمر بإغلاق قناة الجزيرة وجميع القنوات المرتبطة بها، ومن بينها شبكة الجزيرة الإنكليزية التي تحظى باحترامٍ واسع. حيث أدان المفوّض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان هذا المطلب، باعتباره “هجوماً غير مقبول” على حرية التعبير.
وفي مقابلةٍ مع صحيفة التايمز البريطانية، وجدت وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون المجلس الوطني الاتحادي نورة الكعبي صعوبةً في شرح سبب مطالبة الدول الأربع بإغلاق الجزيرة الإنكليزية أيضاً، التي مدحت نورة ذاتها سلوكها المهني على خلاف نظيرتها العربية، على حسب قولها.
وتواصلت نورة لاحقاً مع صحيفة التايمز لتعلمها أنّ “الإمارات تراجعت عن مطالبها بإغلاق كلٍّ من القناتين، بشرط إجراء تغيير جوهري وإعادة هيكلة لقنوات الجزيرة. ويتضمن هذا التوقّف عن التحريض على الإرهاب، الذي كان يحدث من خلال استضافة دُعاة متطرفين وقادة ميليشيات”، وفق ما نقلته الصحيفة البريطانية عن الوزيرة الإماراتية.
وقالت الكعبي: “بإمكان طاقم الجزيرة الاحتفاظ بوظائفهم، وبإمكان قطر الاستمرار بتمويل القناة، لكن بشرط ألّا توفر تلك القناة منصةً للمتشددين، وألا تمثّل القناة الإنكليزية درعاً واقية لنظيرتها العربية الأكثر تطرّفاً”.
وكانت الجلسة الافتتاحية للدورة الـ48 لمجلس وزراء الإعلام العرب، أمس الأربعاء 12 يوليو/تموز 2017، في القاهرة، قد شهدت حالة من الارتباك بعد هجوم سعودي وبحريني على قطر وسياساتها الإعلامية.
“لا عقوبات جديدة”
وتراجعت الكعبي كذلك عن تهديدات الإمارات السابقة بزيادة حدّة الحصار الحالي على قطر وفرض عقوباتٍ جديدة، وذكرت أنّ الدول الأربع بقيادة السعودية مستعدة للتفاوض مع الدوحة، قائلة: “نحن بحاجة لحلٍّ دبلوماسي، فنحن لا نبحث عن التصعيد. ولا نتحدث عن فرض عقوباتٍ جديدة”.
وكانت الدول الأربع قد وصفت لائحة المطالب التي قدمتها بكونها “غير قابلة للتفاوض”، ورفضت طلبات قطر بإجراء المفاوضات بشأنها، وقالت إنها تبحث خيار إجبار شركائها التجاريين على الاختيار بين العمل معها أو مع قطر، إذا لم تلبّ الدوحة مطالبهم.
ووصل وزير الخارجية الأميركي اليوم إلى الدوحة عقب لقائه، أمس الأربعاء، بوزراء خارجية دول الحصار الأربع، في إطار محادثات حول الأزمة الخليجية الراهنة.