الدوحة – قنا:
أكد سعادة وزير المالية علي شريف العمادي أن حصار قطر الذي كان يهدف إلى إجبارها على الاستسلام أتى بنتيجة عسكية تماماً، وأن قطر استشعرت الخطر؛ واستغلت الفرصة لتعزيز قوتها الاقتصادية والسياسية.
وقال العمادي -في مقال نشرته مجلة نيوزويك الأميركية- إن قطر انتهجت لسنوات استراتيجية قائمة على التنويع الاقتصادي عالمياً، واستثمرت أموالها بحكمة في مشروعات طويلة الأمد، ونتيجة لذلك؛ فإنها نسجت علاقات اقتصادية قوية مع أمم كثيرة حول العالم.
وأضاف أنه منذ بدء الحصار في 5 يونيو ضاعفت قطر جهودها؛ لتعزيز العلاقات الاقتصادية القائمة، وإقامة علاقات جديدة، وهو أمر نتائجه واضحة للعيان، مؤكداً أن الاقتصاد القطري أظهر مرونته تجاه الحصار، وتكيف معه بنجاح، وهو ما تجلى في الفرص الجديدة التي تظهر كل يوم، فضلاً عن أن السعي نحو الاكتفاء الذاتي صار طموحاً لكل سكان قطر.
وبشكل عام، يقول العمادي، فإن الحياة اليومية في قطر من منظور اقتصادي لم تتأثر، بل تتحسن في كثير من النواحي. وضرب العمادي مثالاً على ذلك بالاتفاقية المعلن عنها حديثاً بين قطر وبنجلاديش لتصدير الغاز الطبيعي المسال على مدار الـ 15 عاماً المقبلة، مشيراً إلى أن قطر كانت سريعة في تحديد منطقة جنوب آسيا كسوق جديد ومتوسع للغاز الطبيعي، وهي فرصة ستستغلها قطر كلية.
وألقى العمادي الضوء على حالة عدم تأثر قطر بإجراءات الحصار، وقال: إن ميناء حمد المفتتح حديثاً قد دشن خطوطاً بحرية جديدة لعدة دول؛ منها: عمان، وتركيا، والهند، وباكستان، ومن ثم فإنه تجاوز ميناء جبل علي في الإمارات، ونتيجة لذلك فإن تكاليف الشحن انخفضت بنسبة 31 % منذ فرض الحصار.
وتابع وزير المالية قائلاً: “بشكل مشابه للحصار البحري، فإن الحصار الجوي دفع بقطر إلى فتح خطوط تجارية جديدة أدت إلى زيادة الكفاءة، فعلى سبيل المثال، اعتادت شركات الأغذية الهندية أن تتوقف في الإمارات أو السعودية أثناء نقل الإمدادات إلى قطر، لكنها الآن ترسل وارداتها الغذائية مباشرة عبر طائرات الشحن إلى قطر، وهو أمر سيحد على المدى الطويل من الكلفة والقيمة.
وأشار العمادي إلى أن وفرة بدائل الأغذية القادمة من السعودية والإمارات أيضاً سيكون له أثر طويل الأمد على بقاء الأسعار منخفضة. وأكد أن قطر قادرة على مواجهة المخاطر المالية، وأن المستثمرين سيتساءلون عن المخاطر المالية التي تتعرض لها قطر أمام الدول المحاصرة، ليجيب أن دولة قطر لديها الكثير من الأصول والسيولة بفضل ثروتها النفطية؛ ما يضمن استقراراها الاقتصادي على المدى الطويل. وأضاف أن الحصار أدى إلى مسارعة قطر إلى تنويع اقتصادها بعيداً النفط والغاز؛ ونحو المشروعات القائمة على المعرفة.
وحول كيفة مواجهة قطر للمخاطر المالية، لفت العمادي إلى أن الأصول الأجنبية والاستثمارات المملوكة لقطر تمثل 250 % من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي لا يسمح فقط بالدفاع عن الريال والاقتصاد بشكل عام، ولكنه يتيح أيضاً التنويع نحو اتجاهات جديدة مبتكرة.
وعن الأثر السلبي للحصار على قطر والجيران، قال العمادي إن القطريين يرفضون هذا الحصار؛ “الذي تسبب في تداعيات إنسانية، إذ فرق الأطفال عن أسرهم، والطلاب عن مدارسهم، والأحباء عن بعضهم، لكننا نعتبر الحصار محفزاً لفكر جديد، وفرصة جديدة من الناحيتين التجارية والدبلوماسية”.
وشدد العمادي على أن الحصار لا يستهدف قيادة قطر فقط، بل هدفه الأساسي حصار المواطنين العاديين الذين يرغبون في العمل والتعلم والتعايش، مشيراً إلى أن نهج قطر في مواجهة الحصار يحقق نجاحاً، ويحقق حياة جيدة لمعظم القطريين.
وأشار العمادي إلى أن قطر ستحضر إلى جانب وفود العالم في واشنطن هذا الأسبوع، من أجل الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد، مشيراً إلى أن وفد الدوحة سيناقش قضايا تمثل مثار قلق عالمي؛ مثل القضاء على الفقر، والتنمية الاقتصادية، وفعالية الإعانات.
ودعا وزير مالية قطر دول العالم إلى التأكد من أن الأزمة الإنسانية التي فرضتها دول الحصار لن تنسى، وأن قطر ستواصل دورها في التأكد من استمرار النمو العالمي والتطوير الإقليمي.
وختم العمادي مقالته بالقول إن هذا الحصار غير القانوني يمثل سابقة خطيرة تتحدى الأعراف الدولية الراسخة، داعياً مجتمع المال العالمي الذي سينعقد في واشنطن إلى استغلال هذه الفرصة، من أجل التصدي لهذا الظلم الفادح من دول الحصار.