نفط فنزويلا وقرض الصين.. التاريخ يعيد نفسه؟!!

في أكتوبر/تشرين الأول من عام 1347 بدأت أكبر كارثة عرفها الجنس البشري على الإطلاق، عندما رست سفن تجارية على شواطئ صقلية بينما كانت تحمل على متنها شحنات جاءت بها من الصين عبر طريق الحرير.

حملت هذه البضائع سراً قاتلاً وهو “براغيث الفئران الشرقية” المصابة ببكتيريا “يرسينيا بيستيس” التي تسبب الطاعون الدبلي، ويتفق حوالي 97% من العلماء على أن هذه البكتيريا القاتلة ربما تم تطوريها في الصين أو في مكان قريب منها.

 

 

تسبب هذا الطاعون الذي أطلق عليه “الموت الأسود” في كم هائل من البؤس والتعاسة للبشرية، حيث انهارات الاقتصادات الأوروبية، إضافة  إلى فقدان ما يصل إلى 200 مليون شخص لحياتهم، وذلك بحسب تقرير نشرته “بيزنس ميرور”.

 

وللمفارقة، شهد الاقتصاد الصيني خلال هذه الفترة حقبة غير مسبوقة من الازدهار الاقتصادي، حيث تم تشييد العديد من مشاريع البنية التحتية الضخمة، والتي كان أبرزها القناة الكبرى – أكبر قناة مائية وأعظم مشروع ري عرفته الصين القديمة – التي  تربط بين النهر الأصفر ونهر اليانغتسي.

 

لو قام الأوروبيون في ذلك الوقت برفض شراء المنتجات الصينية – الحرير والبورسلين والمظلات – التي لا لزوم لها، إلى أي مدى كان من الممكن أن يجعل ذلك العالم اليوم أفضل؟

 

فنزويلا والمليارات المسمومة

 

– في عام 2010 اقترضت فنزويلا مليارات الدولارات من الصين، واليوم لا تستطيع فنزويلا تحمل تكلفة الغذاء والأدوية وحتى ورق التواليت.

 

– طوال الشهرين الماضيين يتظاهر الآلاف من الفنزويلين احتجاجاً على مقتل العشرات على يد الحكومة التي تحاول أن توضح لهم أنه ليس ذنبها أن الناس اضطروا لأكل حيواناتهم الأليفة من أجل البقاء.

 

– في القرن الرابع العشر كان طريق الحرير هو “الطريق السريع” للموت بالنسبة لأوروبا، واليوم يبدو أن فنزويلا حصلت هي الأخرى على طريقها الخاص وهو “المليارات الصينية المقترضة”، ما حدث للبلاد منذ أن اقترضت هذه المليارات أقل ما يوصف بأنه دراماتيكي.

 

 

– اتفقت الصين وفنزويلا على تخفيض حجم برنامج الإقراض في عام 2010 إلى 10 مليارات دولار تتسلمها الأخيرة فوراً، بالإضافة إلى ذات المبلغ في وقت لاحق.

 

– اقترضت فنزويلا هذه الأموال لرفع مستوى صناعة النفط المتعثرة ومساعدتها على تحقيق الأرباح من الإنتاج المستقبلي، وفي المقابل ارتضت الصين بأن تسترد قيمة قروضها بالإضافة إلى فوائدها في صورة كميات من النفط الخام.

 

– كان سعر الخام الفنزويلي في عام 2010 يقترب من 70 دولاراً للبرميل، وكانت كراكاس ملتزمة بتوريد 200 ألف برميل/يومياً من النفط إلى الصين، ارتفعت إلى 300 ألف برميل/يومياً في عام 2012، وذلك من إنتاجها اليومي البالغ حوالي 3 ملايين برميل (2009).

 

أين ذهبت الأموال؟

 

– في عام 2012 كانت مبيعات النفط تمثل 96% من صادرات البلاد، و50% من إجمالي الإيردات الحكومية.

 

– الأموال المقترضة من الصين لم تنفق على تطوير شركة النفط الوطنية الفنزويلية “PDVSA”، لذلك بحلول عام 2016 انخفض الإنتاج اليومي بنسبة 27% إلى 2.15 مليون برميل يومياً.

 

 

– منذ عام 2015 وفنزويلا تقوم بشحن 23% من إنتاجها اليومي إلى الصين لخدمة ديونها، وفي عام 2017 تدهوت أحوال ” PDVSA” أكثر حيث لم يعد بمقدورها تصدير النفط من خلال المياه الدولية، وهو الأمر الذي يتطلب تفتيش حول إجراءات السلامة بموجب القانون البحري.

 

– القروض التي حصلت عليها فنزويلا من الصين لم يكشف حتى الآن عن شروطها، بل إنها حتى لم تعرف طريقاً إلى الموازنة العامة، وغني عن الذكر أن البرلمان هو الآخر لم يناقشها أو يوافق عليها.

 

– وقتها أعلنت الحكومة الفنزويلية أن هذه القروض ستستخدم في بناء سكك حديدية وطرق ومصانع، وكل ذلك لم يتجاوز مرحلة قص الشريط.

 

– يقول الفيلسوف والاقتصادي الألماني الشهير كارل ماركس “التاريخ يعيد نفسه في المرة الأولى كمأساة وفي الثانية كمهزلة”.

 

– ولكن هل هو خطأ الصين أن اقتصاد فنزويلا يرقد حالياً في التراب؟

السابق
‘AlBawarih’ winds to gain strength in coming days
التالي
“الجزيرة المسحورة” تظهر مجدداً في المالديف