وكالات – بزنس كلاس:
سلط موقع «ميدل إيست مونيتور» البريطاني الضوء على الآليات التي اتبعتها قطر في التغلب على الحصار السعودي الإمارتي، موضحاً أن الدوحة سلكت ثلاثة طرق؛ تجارية ودبلوماسية ونقدية، أفضت في نهاية المطاف إلى منع الاضطراب الاقتصادي، بينما بدأت في الوقت ذاته معاناة بعض القطاعات الاقتصادية الإماراتية جراء المقاطعة.
أضاف الموقع في تقريره، أن أكثر الآثار السلبية حدة جراء أي مقاطعة إقليمية لدولة ما، غالباً ما تضر بالجانب التجاري، بسبب غلق طرق التجارة وفقدان المصدّرين والمورّدين، ما يسبب بارتفاع أسعار المواد الغذائية وانسحاب المستثمرين، ولم تكن قطر استثناء، لكن صناع السياسة فيها ناوروا بكل السبل الممكنة لتخطي الحواجز التجارية.
ولفت التقرير إلى أن قطر تمتعت بحظوظ كبيرة كونها أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، إذ لم تتمكن دول الحصار من قطع المصدر الرئيسي للحكومة، التي تحركت سريعاً للتعافي من الخسائر، من خلال التوجه لسلطنة عُمان المحايدة في الأزمة الخليجية، وإعادة نقل الدوحة مركز شحنها الإقليمي من دبي إلى ميناء صحار.
وتابع أن المستثمرين العُمانيين كثفوا من نشاطهم في السوق القطري بحثاً عن فرص تجارية جديدة، إذ ارتفعت تجارة السلطنة مع قطر بمقدار 1000% بين شهري يناير وسبتمبر من العام الماضي، وخاصة خلال أشهر الصيف.
ومن بين الاستراتيجيات التي اتبعتها قطر، العمل على تعزيز شراكاتها الإقليمة خارج دول مجلس التعاون، فقد سارعت تركيا إلى التدخل وإرسال 200 طائرة شحن وسفينة إمدادات خلال أول شهر من الحصار، لتلبية احتياجات قطر اليومية، وتوقيع 15 اتفاقية تجارية جديدة.
كما شملت الشراكات أيضاً إيران، التي وقّعت إلى جانب أنقرة والدوحة اتفاقاً للنقل والتجارة في نوفمبر بغرض خفض قيمة نقل البضائع بمقدار 80% عبر الطرق البحرية والبرية الإيرانية.
وذكر التقرير أن الدوحة عززت من وضعها المالي داخلياً، بعد سحب دول الحصار ودائعها من القطاع المصرفي، من خلال ضخ مليارات الدولارات في البنوك، وسط ثناء من مؤسسات دولية مثل صندوق النقد، الذي أثنى على مرونة القطاع المصرفي القطري، الذي تخطى مرحلة التدهور الأولي، ولم يعد الآن بحاجة لأي دعم حكومي.
وتحركت أيضاً قطر -كما يشير التقرير- على الصعيد الدبلوماسي من أجل خفض أثر العزلة الإقليمية، التي دفعت الدوحة لتعزيز روابطها السياسية مع الدول الأجنبية، وخاصة الولايات المتحدة التي ظلت وثيقة الصلة بقطر، ووصف القائم بأعمال السفارة الأميركية في الدوحة، راين كليها، العلاقة بين الدولتين بالأقوى خلال أي مرحلة.
وتمثل الحشد الدبلوماسي القطري في زيارة وفد بريطاني يرأسه وكيل وزارة التجارة الدولية مارك جارنير، والذي وصف قطر بأنها شريك لا يمكن الاستغناء عنه في المستقبل، واعداً بدعم لندن لقطر في إنجاح بطولة كأس العالم 2022.
وأشار «ميدل إيست مونيتور» إلى أن قطر نجحت في ما يبدو في التغلب على الصعوبات المميتة التي شكلها الحاصر، بل ظهرت أدلة على أن الإماراتيين والسعوديين يعانون إلى درجة ما بسبب مقاطعتهم للدوحة، بعدما فسخوا عدة عقود مربحة مع قطر.
وتخشى دبي على وجه الخصوص من تداعيات طويلة الأمد على سوق العقار لديها، مع شراء قطريين عقارات هناك بنصف مليار دولار عام 2016 وحده، كما ساهم الحصار في معاناة دول مجلس التعاون، بسبب إعاقة حرية البضائع والمواطنين عبره، ومن خلال دفع قطر للتقارب أكثر مع إيران.
وختم التقرير بالقول إن قطر نجت من الحصار، لكنها الآن بحاجة للخروج بخطة حول كيفية ازدهارها مجدداً، وإنه رغم البداية الجديدة للدوحة، فإن هناك تحديات ستظهر في المستقبل، يتوجب معها على القطريين دراسة أفضل الطرق للتعامل معها.