بزنس كلاس – خاص
عندما يُسمح، لأول مرة في الخليج العربي، لطائرة القيام برحلة مباشرة من الرياض إلى تل أبيب ويمنع عبور الطائرات القطرية بالسماء السعودية ذاتها نكون قد وصلنا إلى نهاية المطاف في فهم ما يجري. من يريد أن يعترف بإسرائيل ويمد لها يد الصداقة ليصافح اليد الملوثة بدماء أهلنا ومن يريد رمي الفلسطينيين، أخوتنا وأهلنا، في البحر ليبعد شبح تهمة الإرهاب عن رأسه لابد له أن يفعل ذلك.
المؤسف في الموقف السعودي – الإماراتي اليوم أنه يأتي ليكرس ويطرح بنفس الوقت جملة من الأفكار الخطيرة للغاية لعل أبرزها هذا التناغم والتوقيت الموحد بموقف مستغرب يصل حد إعلان قطيعة كاملة بين أبناء أسرة واحدة في ضربة قاتلة لكل ما تعنيه وحدة مصير دول الخليج العربي ليبرز السؤال المؤلم فعلاً… لماذا؟!! ماذا ترجو الرياض وأبوظبي وسواهما من هكذا تصعيد خطير.. وما هو الشيء الأثمن من حياة أبناء الخليج ولمصلحة من يتم اتخاذ مثل هذه الخطوة؟!! مهما كانت المبررات وبغض النظر عن التداعيات المتحملة لهكذا قرار كارثي، يجب أن نفكر نحن أهل الخليج، بعقلية المؤسسة الواحدة ونتخذ قراراتنا بناء على ما يقتضيه هذا الأمر الاستراتيجي المصيري لنا جميعاً. وهذا للاسف ما لم تفعله السعودية أو الإمارات وكأنهما تسعيان لخدمة مشروع خبيث يريد للوحدة الخليجية الطبيعية والأسرة الواحدة أن تهب فيها نيران الانقسام والشقاق كما تستعر هذه النيران في كل محيطها وأن تتفت إلى فرق تصارع الأخرى ليتسابق الجميع في نهاية المطاف، ضعفاء وبلا حيل لتقبيل اليد التي تذبح أهلنا في فلسطين.. ومن أجل ماذا أو لصالح من.. ربما من أجل أن نعتبر “معتدلين”!!
ما لم نكن نرغب بقوله عند بداية هذه الهجمة المؤذية للجميع، وليس للدوحة وحدها، ونجد أنفسنا اليوم مضطرين لمواجهته، أن ما كرسته قمة الرياض الأمريكية الإسلامية ربما يكون امر غريب كل الغرابة بالنسبة لمفاهيمنا وحياتنا وديننا. إذ يخال المرء للوهلة الأولى أن ذلك اللقاء جمع عدد كبير من الدول على رأسها الولايات المتحدة لتكفير السواد الأعظم من المسلمين مقابل عتق فئة قليلة منهم. فقد صنف المسلمون وفق تلك الرؤية إما أعداء لإسرائيل وبالتالي إرهابيين أو أصدقاء لها من موقع الضعيف وهؤلاء هم المقبولون!! ليست قطر الوحيدة التي لا تجد نفسها في هكذا موقف ولأنها دولة قوية تدرك جيداً ابعاد المشهد الدولي وتحولاته في كل حين كانت شجاعة بما يكفي ولديها كل مقدرة على مقارعة الإسرائيلي سياسياً وإعلامياً وأن تكون نداً وخصماً قويا له في دفاعها عن حق أهلها في فلسطين. هي لم تذهب للباب الخلفي وتعقد مختلف أنواع الصفقات المشبوهة تحت الطاولة مع إسرائيل، فيما في العلن تزايد على الآخرين وتحاضر بهم في العروبة والإسلام والوطنية.
الأهم، مقياس قطر في التعامل مع الدول لا سيما العربية كان وما يزال أنها تتعامل مع مصلحة الشعوب وترى الأمور من منظار تلك الشعوب، لا من خلال مصلحة من يقودون تلك الشعوب، لذلك كثرت العداوات لقطر ووسائل إعلامها لاسيما قناة الجزيرة التي أصبحت هدفاً لكل من هب ودب ليس لسبب سوى لأنها كما قطر تقول للأعور :” أنت أعور بعينك!” لأنها كما قطر تنشر الحقيقة وتنقل هم الناس الذين لأجلهم يجب أن يعيش الحكام ومن أجل صالحهم يجب أن يعملوا..
حتى لا نستفيض وفي الجعبة من أسى الأهل كثير للأسف، ما يجب أن يقال في هكذا مقام، ما هكذا تورد الإبل أيها الأشقاء في الخليج. أنتم تكبرون بالدوحة كما تكبر بكم وتغدون مكشوفين وضعفاء عندما تهاجموها. نحن كتلة واحدة ويجب أن نتعامل على هذا الأساس لا رأس وذيل. الخطر الذي نفتح الباب له ليدخل بيت شقيقنا سينقل النار إلى عقر دارنا.. هذا الأمر الذي يجب أن يفهمه جيداً من أصدر قرارات قطع العلاقات مع قطر اليوم. يفهمه ويفكر به ويعتبره أولوية حتى يعرف أنه اتخذ قراراً انفعالياً ربما يؤدي بنا جميعاً إلى كارثة لا أحد منا يريد أن نصل إليها!