وسجلت “لوموند” أن أمير قطر أدار دفة الأزمة بذكاء، وأن “تواريه عن الأنظار يخضع أيضًا لعدة اعتبارات تكتيكية، وهي: تفويت فرص الرد على خصومه، وسجنهم في دور المعتدي، وربح الوقت في انتظار حشد الدعم الدولي الكافي للخروج من الأزمة بهامة مرفوعة”.
واستندت الصحيفة إلى مصدر مقرب من الديوان الأميري، أكد لها أن قطر “مقتنعة بأن هذه القضية مدبرة ومخطط لها منذ وقت طويل بهدف تركيع الإمارة، وجعلها دولة ظل تابعة للسعودية”، قبل أن يضيف هذا المصدر لـ”لوموند” إن “الأمير مستعد للحوار، لكن ليس تحت الضغط”.
واعتبرت “لوموند” أن “أزمة 5 يونيو ستظل منقوشة في ذاكرة الدوحة لأمد طويل”، وذلك بعد أن تعرضت، في وقت وجيز، لحصار بري وبحري وجوي غير مسبوق من طرف السعودية وحلفائها، وبات من المستحيل عبور الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية عبر الحدود الأرضية مع السعودية، وتعرض ميناؤها للحصار، ومطارها لمقاطعة شركات الطيران التابعة لدول المعسكر السعودي، وتم منع شركات الطيران القطرية من استعمال المجال الجوي للسعودية والإمارات والبحرين. وكتبت الصحيفة: “هذا البلد الذي لا تتجاوز مساحته سوى بقليل مساحة جزيرة كورسيكا الفرنسية، والذي يمارس، منذ عقدين، سياسة اقتصادية ودبلوماسية منفتحة وبدون عُقد، وجد نفسه فجأة في مواجهة الطبيعة القاحلة والضيقة التي تميز جغرافيتَه، ثم زادت عزلته مع انضمام دول أخرى من الشرق الأوسط وأفريقيا للحصار السعودي”.
وخلصت الصحيفة الفرنسية إلى أن “سيناريو الاستسلام القطري بات مستبعدًا في الوقت الراهن، بعد أن تمكّن أمير قطر من الحصول على دعم دبلوماسي دولي لبلاده، خاصة من طرف ألمانيا وتركيا. كما أن مساندة الإدارة الأميركية للدوحة، رغم تغريدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتناقضة، عززت هذا الاتجاه. هذا بالإضافة إلى أن تمكن الدوحة من الالتفاف على الحصار وكسره، ووقوف القطريين وراء الأمير، جعل قطر تتنفس وتصمد”.
وأضافت “لوموند”: “لقد مرت المرحلة الأكثر صعوبة من هذه الأزمة بالنسبة إلى الشيخ تميم، وبات خصومه مضطرين الآن إلى التصريح بشكل علني بالإجراءات التي يطالبون قطر باتخاذها من أجل التوصل إلى مصالحة سياسية. وإذا كان المطلوب هو إبعاد قيادات الإخوان المسلمين وحركة حماس، من قطر وتكميم قناة الجزيرة، وقطع العلاقات مع إيران؛ فإن الدوحة أعلنت مسبقًا عن رفضها لهذه التنازلات التي ترى فيها مساسًا بسيادتها”. وتنبأت “لوموند” في خاتمة مقالها بأن “مسار المفاوضات من أجل المصالحة بين قطر وخصومها سيكون طويلًا وشاقًّا، بعد أن انكسرت الثقة بين الدوحة والإخوة الخليجيين المفترضين”.