المُحلّيات الاصطناعية أكثر جاذبية من الكوكايين، وقد تسبب السمنة والسكري والقلب. لكن هذا لا يعني التخلي عنها!
هل تقلل من السكريات وتشرب الصودا الدايت أملاً في الحفاظ على صحتك ورشاقتك؟ في الحقيقة، قد يعرّضك ذلك للعديد من المخاطر الصحية؛ بل إنها قد تؤدي إلى عكس ما تريده تماماً.
فالمُحلّيات الاصطناعية ليست أفضل كثيراً من السكر، وقد تتسبب في أمراض مثل الزيادة المفرطة بالوزن، ومتلازمة التمثيل الغذائي، والسكري، مثلما حذرتجمعية القلب الأميركية وجمعية السكر الأميركية لدراسة جديدة نُشرت في مجلة الجمعية الطبية الكندية.
البداية: قدرات تحلية هائلة قادتها من معامل الكيمياء إلى طاولات المطاعم
المُحلّيات الاصطناعية هي المركبات التي توفر التحلية دون سعرات حرارية مرتفعة كالسكر، وتبلغ قدرتها على التحلية نحو 30 إلى 8 آلاف مرة قدرة التحلية العادية للسكر.المُحلّيات الاصطناعية هي المركبات التي توفر التحلية دون سعرات حرارية مرتفعة كالسكر، وتبلغ قدرتها على التحلية نحو 30 إلى 8 آلاف مرة قدرة التحلية العادية للسكر.
فعبوة المشروب الغازي المحلّاة بالمُحلّيات الاصطناعية لا تحوي أية سعرات حرارية أو سعرات منخفضة، في حين تحمل مثيلتها العادية نحو 150 سعراً حرارياً، معظمها من السكر.
وتم اكتشاف السكرين كأول المُحلّيات الاصطناعية في العام 1879، من قِبل كيميائي يُدعى كونستانتين فهلبرغ يعمل في مشتقات قطران الفحم بمختبر إيرا ريمسن في جامعة جون هوبكنز الأميركية.
إذ لاحظ فهلبرغ طَعماً حلواً على يده في إحدى الأمسيات، وربط هذا مع مركب بنزويك السلفايميد الذي كان يعمل فيه ذلك اليوم.
والآن بعد أكثر من 125 عاماً، انضم إلى السكرين قائمة متزايدة من المُحلّيات الاصطناعية.
ووفقاً لهيئة الغذاء والدواء الأميركية FDA، توجد نحو 6 مُحلّيات اصطناعية موافق عليها أشهرها السكرين، والأسبارتام ، والسكرالوز، وستيفيا.
وبحسب تقرير نشرته مجلة أكاديمية التغذية والحميات، بلغت نسبة الأميركيين الذين يستخدمون المُحلّيات الاصطناعية نحو 41%، في حين وصلت إلى 25% للأطفال.
المهمة الأساسية: هل تؤدي حقاً إلى فقدان الوزن؟
“لا يوجد دليل واضح على فائدة المُحلّيات الاصطناعية بالنسبة للوزن، استناداً إلى جميع الأبحاث التي أُجريت حتى الآن، لكن هناك أدلة على وجود ضرر محتمل من استهلاكها على المدى الطويل”، هذا ما تقوله ميغان آزاد، الباحث الرئيسي بالدراسة وأستاذ مساعد في كلية رادي للعلوم الصحية بجامعة مانيتوبا الكندية.”لا يوجد دليل واضح على فائدة المُحلّيات الاصطناعية بالنسبة للوزن، استناداً إلى جميع الأبحاث التي أُجريت حتى الآن، لكن هناك أدلة على وجود ضرر محتمل من استهلاكها على المدى الطويل”، هذا ما تقوله ميغان آزاد، الباحث الرئيسي بالدراسة وأستاذ مساعد في كلية رادي للعلوم الصحية بجامعة مانيتوبا الكندية.
راجع الباحثون في هذه الدراسة نحو 37 دراسة تتبعت بيانات أكثر من 400 ألف شخص على مدار قرابة 10 سنوات.
يقول آزاد “ينبغي أن يكون هذا مصدر تنبيه للمستهلكين للتفكير فيما إذا كانوا يرغبون في استهلاك المُحلّيات الاصطناعية، خاصةً لو كان بانتظام؛ لأننا لا نعرف ما إذا كانت بديلاً صحياً عن السكر”.
ويستطرد، “ترسل نتائجنا رسالة قوية للباحثين وهيئات تمويل الأبحاث بأن هناك حاجة لمزيد من الدراسات لفهم الأثر الصحي طويل المدى للمُحليات الاصطناعية”.
الأمر لا يقتصر على الشكوك في أن المُحلّيات الاصطناعية لا تقوم بمهمتها المفترضة؛ وهي عدم زيادة الوزن أو التخسيس؛ بل إنّ تزايُد استخدامها يطلق إشارات الإنذار لما قد تسببه من مشكلات صحية، منها التالي:
الإدمان: إنها أكثر جاذبية من الكوكايينهناك تأثير إدماني للمُحلّيات الاصطناعية، ظهر من بعض التجارب.
فوفقاً للدراسات التي أُجريت على فئران التجارب، وجدوا أن معظم الفئران اختارت تناول مادة السكرين عندما خيَّرها الباحثون بين تناول السكرين ومخدر الكوكايين.
تغيير في استجابة المخ: وداعاً لعشقك الفواكه
تناوُل المشروبات المُحلّاة بالمُحلّيات الاصطناعية يؤدي إلى إحداث خلل في الطريقة التي يستجيب بها الدماغ والجسم للغلوكوز.
فقد ثبت أنها تغير من نشاط مراكز المتعة في الدماغ التي تنشط عند تناول شيء ذي مذاق حلو، ويمكن أن تغيّر الطريقة التي نتذوق بها الطعام، ما يعني أن الذين اعتادوا استهلاك المُحلّيات الاصطناعية قد يزهدون في الأطعمة الحلوة الأخرى، مثل الفاكهة والخضراوات لصالح المواد الحلوة.
ففي حيوانات التجارب، وُجد أن تناول المُحلّيات الاصطناعية الموجودة بالمشروبات يتسبب في زيادة استهلاك فئران التجارب الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية والأطعمة الغنية بالسكريات؛ ما تسبب في زيادة الوزن.
أي إن المُحلّيات الاصطناعية يمكن أن تجعلك، بشكل أو بآخر، تتجنب تناوُل الأطعمة الصحية، في حين يزداد استهلاكك الأطعمة ذات النكهات الاصطناعية وقليلة القيمة الغذائية، مثلما يمكن أن تعبث بعمليات الأيض.
متلازمة الأيض: زيادة في الأشياء التي تخشاها
يمكن أن تسبب المُحلّيات في متلازمة الأيض، التي تشمل ارتفاعاً بمستويات ضغط الدم والسكر والكولسترول وزيادة الدهون في محيط الخصر، وتحدث هذه الاضطرابات معاً وتؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالسكتات الدماغية وأمراض القلب وغيرها.
و يزداد خطر الإصابة بهذه المتلازمة مع استهلاك مشروبات الحِمية يومياً بنحو 36%.
وظيفة عكسية لهدفك: إنها قد تزيد وزنك
عكس ما هو متوقع تماماً، تزداد البدانة وسط من يشربون مشروبات الحِمية عن نظرائهم الذين يشربون المشروبات العادية، وفقاً لما كشفته دراسة علمية.عكس ما هو متوقع تماماً، تزداد البدانة وسط من يشربون مشروبات الحِمية عن نظرائهم الذين يشربون المشروبات العادية، وفقاً لما كشفته دراسة علمية.
إذ يمكن لتناول المُحلّيات الاصطناعية أن يغير رؤية المرء للعلاقة بين الأطعمة الحلوة والسعرات الحرارية؛ فيميل إلى تناول الأطعمة الحلوة أكثر من الأطعمة المغذية، ما يؤدي إلى زيادة الوزن.
وقد وُجد في بعض الحالات أن من يشربون أكثر من 21 مشروباً غذائياً مُحلّى صناعياً أسبوعياً أكثر عرضة للإصابة بفرط الوزن أو السمنة أكثر من ضعفي الأشخاص الذين لم يتناولوها .
ضغط الدم والقلب: إيماءات تحذيرية
عندما تتناول مشروباً واحداً من مشروبات الحِمية يومياً يكون هناك خطر كبير للإصابة بارتفاع ضغط الدم، فيما يعرّضك استهلاك اثنين أو أكثر لخطر الإصابة بمرض القلب التاجي coronary heart disease.عندما تتناول مشروباً واحداً من مشروبات الحِمية يومياً يكون هناك خطر كبير للإصابة بارتفاع ضغط الدم، فيما يعرّضك استهلاك اثنين أو أكثر لخطر الإصابة بمرض القلب التاجي coronary heart disease.
وأعطت جمعية القلب الأميركية (AHA) إيماءة تحذير من لاستخدام المُحلّيات الاصطناعية بدلاً من السكر لمكافحة جميع عوامل أمراض القلب.
السكري: احتمالات الإصابة تتضاعفيتناول الناس عادة -وخاصة مرضى السكري- مشروبات الحِمية بهدف المحافظة على مستويات السكر في الدم.
لكن المثير في الأمر، أنه وفقاً للعديد من الدراسات، يضاعف تناول هذه المشروبات من خطر الإصابة بالسكري بنحو مرتين، وذلك في حال تناول مشروب واحد يومياً، كما يؤدي إلى تفاقم الآثار السلبية لمرض السكري.
في المقابل، فإن الأطعمة التي تحتوي على السكر في شكله الطبيعي مثل الفواكه الكاملة، عادة ما تكون ذات قيمة غذائية عالية وغنية بالمغذيات والألياف ولا تسبب ارتفاعاً كبيراً في نسبة السكر بالدم، حسب د. ديفيد لودفيج أخصائي السمنة وخسارة الوزن في مستشفى بوسطن التابع لجامعة هارفارد الأميركية.
ويرتبط استهلاك مشروبات الحمية بزيادة مخاطر الإصابة بالتمثيل الغذائي بنسبة 36٪ وزيادة خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني بنسبة 67٪.
أليست هذه هي الأمراض التي يفترض أن تساعد المُحليات الاصطناعية في منعها في المقام الأول؟
مشكلة نفسية: تساعدك في خداع الذات
أحد أهم دواعي القلق التي تسببها المُحلّيات الاصطناعية هو أن الأشخاص الذين يستخدمون المحليات الاصطناعية قد يعوّضون السعرات الحرارية المفقودة، من خلال مصادر أخرى، كما يقول الدكتور ديفيد لودفيغ.أحد أهم دواعي القلق التي تسببها المُحلّيات الاصطناعية هو أن الأشخاص الذين يستخدمون المحليات الاصطناعية قد يعوّضون السعرات الحرارية المفقودة، من خلال مصادر أخرى، كما يقول الدكتور ديفيد لودفيغ.
يمكن أن يحدث هذا؛ لأننا نحب أن نخدع أنفسنا، حسب لودفيغ؛ إذ يقول المرء لنفسه: “أنا أشرب مشروب الحمية؛ لذا من المستحسن تناول الكعك”، بما يفشل محاولات فقدان الوزن أو غيره من الفوائد الصحية.
وبعبارة أخرى، فإن استخدام المُحلّيات الاصطناعية يمكن أن يجعلك تتجنب تناول الأطعمة الصحية والمليئة بالمواد الغذائية عالية الجودة في الوقت الذي تستهلك فيه المزيد من الأطعمة ذات النكهة الاصطناعية ذات القيمة الغذائية الأقل.
السرطان: مستبعَد.. ولكن هناك عدم يقين في حالات بعينهااستبعدت الدراسات التي تؤدي إلى موافقة إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية خطر الإصابة بالسرطان بالنسبة لمستهلكي المحليات الاصطناعية، في معظم الأحيان.
ومع ذلك، تم إجراء هذه الدراسات باستخدام كميات أقل بكثير من الصودا المُحلاة اصطناعياً من تلك التي يستهلكها العديد من الأشخاص الذين يشربون صودا الحمية.
ويقول بعض العلماء إنهم لا يدرون حقاً التأثير الذي ستحدثه مقادير كبيرة من هذه المواد الكيميائية على مدار سنوات عديدة.
الحل: هل نتخلى عنها إذن؟”الاستخدام المعتدل لا خطورة فيه”، هكذا يقول د. كريستوفر غاردنر، الأستاذ المساعد في الطب بجامعة ستانفورد في كاليفورنيا.
إذ يمكن للمُحليات الاصطناعية أن تكون مفيدة، حسب الدكتور غاردنر الذي يقول: “في حين أنها ليست وسيلة سحرية، فإن الاستخدام الذكي للمُحليات الاصطناعية يمكن أن يساعد في تقليل السكريات بنظامك الغذائي؛ ومن ثم تقليل عدد السعرات الحرارية التي تتناولها. ومن الممكن عند تقليل السعرات الحرارية الوصول للوزن الصحي والحفاظ عليه، ومن ثم تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكري”.