إطلاق نداء لإعادة الفتيات المفقودات في نيجيريا
الدوحة – بزنس كلاس
برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، بدأت أعمال الدورة الخامسة من “المنتدى العالمي للتعليم والمهارات”، المبادرة المتميزة من “مؤسسة فاركي” التي تقام في فندق “أتلانتيس النخلة” بدبي، يومي 18 و19 مارس 2017. وتصدرت أعمال المنتدى، عند افتتاحه، مواضيع المواطَنة العالمية، والدمج، والإمكانيات التي توفرها أنظمة البيانات الكبيرة لتحويل التعليم حول العالم.
وحضر افتتاح المنتدى أكثر من 2000 مندوب يمثلون 140 دولة، وشهدت انطلاقته أجواء محفوفة بالمشاعر الإنسانية عند لقاء الفتاتين “سا” و”راشيل” اللتين مرّتا بتجارب مريعة على أيدي ميليشيات “بوكو حرام”، وشاركت الفتيات الحاضرين في مأساتهما الإنسانية، ولفتتا انتباه العالم إلى 195 فتاة ما تزلن مفقودات في نيجيريا.
ومع إطلاق نداء “أعيدوا فتياتنا” #BringBackOurGirls، شهدت مراسم الحفل اعتلاء 195 طالبة من دبي للمنصة، في تعبير عن التعاطف القوي في “المنتدى العالمي للتعليم والمهارات” مع الضحايا، ولفت نظر العالم إلى الضرورة الملحة للشمولية في المناهج التعليمية في العالم.
ومن المنتدى، انطلقت أيضاً دعوة لاعتماد “نشيد عالمي” مع تأكيد الحكيم الهندي سادجورو على ضرورة تحقيق الشمولية في التعليم، ودمج 50% من المؤسسات التعليمية على مستوى العالم. كما تميز المنتدى بأجوائه المنفتحة، والحافلة باللمحات والأفكار النيرة مع توجّه تركيز الحاضرين خلال المناقشات نحو الموضوع الرئيسي للمنتدى، حول “كيفية إنشاء مواطنين عالميين حقيقيين”.
وتحدّى سادجورو في كلمته التي ألقاها خلال المنتدى، المفاهيم التقليدية للفكر والشمولية بقوله: “الشمولية ليست فكرة، وليست حلاً أيضاً. كما أنها ليست حملة جماعية، فمن الضروري أن تبدأ وتنمو بشكل فردي. وإن كلمات مثل المجتمع والأمة هي مجرّد كلمات. فهناك الأفراد فقط من بني البشر، والشمولية يجب أن تبدأ من خلال تجربتنا الشخصية. وفي حال لم نجعل من تلك الشمولية العالمية أساساً من أسس التعليم، فإننا مستمرون في تقسيم العالم وتفرّقه”.
وفي الكلمة التي ألقاها سعادة طارق القرق، الرئيس التنفيذي لدبي العطاء، أشار سعادته إلى الدور الذي تسهم به المواطَنة العالمية في تشجيع الناس على القيام بنظرة عميقة نقدية إلى كل ما هو منصف في عالمنا، ونحو كلّ ما قد يخفّف من الضرر والأذى الحاصل. وقد قامت مؤسسات المواطنة العالمية منذ وقت مبكر على مبدأ تأمين التعليم للأطفال، بصورة تزيد بكثير عما هو متوفر لهم، وتشجيعهم على اكتشاف القيم الخاصة بهم، واحترام ما لدى الآخرين من قيم ومفاهيم.
وقال القرق: “لقد غيرت الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة من قواعد اللعبة. وأصبحت الإنترنت نافذة على ملايين الاحتمالات، حيث تساعد وسائل التواصل الاجتماعي على تبسيط المحادثات الثنائية والتفاعل الفوري المباشر بين الناس، ويجب علينا أن نسعى لتنشئة مواطنين عالميين يتميزون بالمرونة والإبداع والمبادرة في حل المشكلات، واتخاذ القرارات، وتوصيل الأفكار بفاعلية وكفاءة، والعمل من أجل السلام. ومن هذه الاعتبارات جميعاً نضع الأسس الضرورية لنجاحنا في القرن الحادي والعشرين”.
كما سلّط سعادته الضوء على دور دبي العطاء في تنشئة الجيل الجديد من المواطنين العالميين، عبر اعتماد نماذج تعليمية شاملة ومبتكرة، وبديلة عن النماذج التعليمية التقليدية، بحيث تضمن للأطفال، وخاصة منهم الفتيات، امتلاك المهارات والمقومات اللازمة لتحقيق طموحاتهم الشخصية والمادية والاجتماعية.
وخلال كلمته، ناقش الدكتور أندرياس شلايشر، مدير التعليم والمهارات والمستشار الخاص للأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للسياسة التربوية في باريس، التحول الذي أحدثته تقنيات البيانات الكبيرة في قطاع التعليم، وآثارها على القطاع الذي يشهد العديد من التحديات والفرص. وقال الدكتور شلايشر: “إن دمج عناصر البشر والتكنولوجيا بشكل مبتكر مع مجال التعليم من شأنه تلبية متطلبات هذا القطاع الحيوي وفتح آفاق جديدة تنعكس إيجاباً على الأجيال القادمة.”
وأشار الدكتور أندرياس في معرض حديثه إلى أن تعزيز الأساس الاجتماعي بين أفراد المجتمع يتطلب بذل جهود جبارة، وذلك بغية إيجاد أرض مشتركة بين الناس، وبالتالي توسعة دائرة الثقة فيما بينهم، الأمر الذي يجسد جوهر مفهوم المواطنة العالمية. وقال الدكتور شلايشر: “إن المجتمعات التي تعمل على تعزيز الروابط الاجتماعية فيما بينها هي الأكثر إبداعاً. ومن هذا المنطلق، فعلينا أن نعمل على تعزيز ثقة أفراد الجيل المقبل فيما بينهم، مما سيسهم بتعزيز الكفاءة عالمياً، والتي أضحت عنصراً أساسياً في العصر الرقمي الذي نعيشه اليوم.”
وبدوره، توجه صني فاركي، مؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة “جيمس للتعليم” و”مؤسسة فاركي”، بالشكر إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لدعمه المستمر لأعمال المنتدى العالمي للتعليم والمهارات، وهو الأمر الذي أثمر بجعل هذا الحدث منصة عالمية تعدّ الأبرز من نوعها ضمن قطاع التعليم حيث بات يعرف اليوم على نطاق واسع باسم “دافوس للتعليم”.
وأكد فاركي أن المنتدى العالمي للتعليم والمهارات قد نجح بتسليط الضوء على أهم القضايا المتعلقة بالقطاع. وأضاف: “إن جميع أطفال العالم يولدون أنقياء، لا يعرفون الكراهية أو العنف. ومن ثم يتعرضون للعديد من المتغيرات الجغرافية والثقافية وغيرها من العوامل التي تغيرهم. وعندها فقط، يدركون أنهم ورثوا عبئاً ثقيلاً عن آبائهم وأجدادهم.”
وأضاف صني فاركي: “إن الجيل القادم هو الجيل الحقيقي من المواطنين العالميين، الذين ولدوا في زمن يشهد تطوراً تكنولوجياً لم يسبق له مثيل، مما أسهم بوضع العالم بين يديهم. اليوم، يحتاج العالم لذكاء شمولي، وقادة من الجيل الشاب من مختلف الأعراق والأجناس والثقافات لنتمكن من حل التحديات التي تواجهنا.”
واستطرد فاركي: “يتوجب على العالم تثقيف الجيل المقبل إلى إن اختلاف بلادهم وثقافاتهم ومعتقداتهم هي عناصر من شأنها أن تجمعهم لا أن تفرقهم، كما يتوجب علينا أن نوصل لهم رسالة واضحة مفادها أن الناس في كل مكان يتقاسمون نفس القيم والأحلام، وخيبات الأمل. إذا قمنا بهذا معاً، فإنهم سيصبحون صنّاع للسلام، وسيتمكنون، معاً، من إيجاد حلولٍ لكل المعضلات التي ستواجههم.”
واختتم فاركي كلمته التي وجهها لجمهور التربويين والخبراء: “اذا علمنا أطفال اليوم فقط ما تعلمناه أمس، فلن يكونوا مستعدين غداً. يجب أن نسلحهم بالإلهام والأدوات اللازمة لإحداث أثر إيجابي على حياة الآخرين. وإذا قمنا بذلك الآن، فإننا سننجح حيث فشلنا، وبناء ما دمرنا، والوقوف متحدين حيث انقسمنا.”
وبدوره، قال فيكاس بوتا، الرئيس التنفيذي لمؤسسة فاركي: “تركز النسخة الخامسة من المنتدى العالمي للتعليم والمهارات على وضع أسس المواطنة العالمية، وهو ما يجعل منه منصة مختلفة عن سواها. ويسعدنا أن نستضيف خلال نسخة هذا العام من المنتدى أكثر من 40 وزيراً للتعليم و112 متحدثاً من مختلف أنحاء العالم ليشاركونا خبراتهم خلال 98 جلسة حوارية.”
ويتضمن المنتدى جلسات نقاش تشارك فيها نخبة من المتحدثين العالميين، ومن بينهم: جوليا جيلارد، رئيسة الوزراء السابعة والعشرين لأستراليا؛ وتوماس فريدمان، الكاتب الصحفي في جريدة “نيويورك تايمز” والحائز على جائزة “بوليتزر”؛ وإيرينا بوكوفا، مدير عام “منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة” (اليونسكو)؛ وجيم رايان، العميد الحادي عشر في “كلية هارفارد للدراسات العليا في التعليم”.