الدوحة – وكالات – بزنس كلاس:
كانت إحدى أهم الميزات الإيجابية للحصار الجائر الذي فرضته بعض الدول الخليجية ومصر ضد الدوحة، بأن السوق المحلية لا سيما في قطاع المنتجات الغذائية وبعد انحسار منتجات الدول المحاصرة وتحديداً المنتجات السعودية والإماراتية، شهد تنوعاً كبيراً في هذه المنتجات مع قيام الموردين القطريين باستيراد هذه المنتجات من دول كثيرة بلغت نحو 100 دولة. وكان الخاسر الأكبر في هذه المعادلة شركات دول رباعي الحصار التي كانت قطر تستورد منها ما مجمله 89% من إجمالي واردات قطر من دول الخليج.
وينظر كثير من المستهلكين إلى التنوع الكبير بين السلع والبضائع والمنتجات الاستهلاكية المعروضة اليوم في السوق القطري باعتباره واحداً من أبرز الإيجابيات التي أفرزها الحصار الظالم المفروض على قطر.
فحتى وقت قريب جداً -أي قبل الخامس من يونيو الماضي- لم يكن السوق القطري يحظى بهذا الثراء في تنوع أصناف المنتجات والسلع الغذائية خصوصاً والاستهلاكية بشكل عام، وذلك بالنظر إلى أن معظم تلك الأصناف كانت تأتي من مصادر محدودة جداً تعتمد في الأساس على السوقين السعودي والإماراتي. لكن اليوم أصبح هناك عشرات المصادر القريبة والبعيدة ومن مختلف دول العالم التي بدأت تزوّد السوق القطري بحاجته اليومية من متطلبات المستهلكين على اختلافها وخصوصاً الغذائية منها، حيث ما زالت الصناعات القطرية القائمة في هذا القطاع الحيوي المهم تتلمّس طريقها، وتستطيع استيعاب مليارات الريالات من الاستثمارات الجديدة.
تبدل
فعلى سبيل المثال، كانت السعودية تشكّل المصدر الأول للسوق القطري في ما يتعلق بمستوردات صناعة الألبان والحليب، حيث كانت شركة المراعي وحدها فقط تستحوذ على أكثر من 60 % من حاجة السوق القطري لمنتجات هذه الصناعة، فيما تتوزع النسبة المتبقية على شركات قطرية وإماراتية وأخرى متنوعة.
وغير ذلك، كانت السعودية تزوّد السوق القطري يومياً بكميات كبيرة جداً من الدواجن والسلع والمنتجات الغذائية والمعلّبات والمجمّدات، وكذلك السوق الإماراتي. أما اليوم وبعد نحو شهرين ونصف الشهر على اندلاع الأزمة الخليجية وفرض الحصار الظالم على قطر، فقد تحوّل السوق القطري من سوق يعتمد على مصدر واحد للاستيراد إلى سوق متنوع غني بكل ما يعرضه من منتجات وسلع غذائية واستهلاكية يومية.
المشهد تغيّر كثيراً على المستهلك في قطر، سواء كان مواطناً أو مقيماً. لقد أصبح هذا المستهلك يحصل على احتياجاته بشكل لم يعتد عليه من قبل، وبات هناك تنوع كبير وتباين في الأسعار والنوعية والمنشأ، وذلك بعد أن كان المستهلك في السوق القطري رهين مصدر أو مصدرين بالنسبة لاحتياجاته من السلع الغذائية بشكل خاص.
تنوع
وما من شك أن هذا الغنى في مصادر الاستيراد قد ساهم بشكل كبير وغير مسبوق في أي وقت مضى في تغيير صورة المشهد العام للسوق القطري ولمشهد البضائع والسلع الغذائية والاستهلاكية التي تعرضها المولات ومتاجر الهايبر ماركت في مختلف أسواق الدوحة.
فمشهد السوق القطري اليوم ليس كالأمس، هناك فروقات إيجابية كبيرة تصب كلها في صالح المستهلك وفي صالح السوق المحلي ذاته.
لقد أصبح هذا السوق اليوم يخضع بشكل فعلي وعملي لمعادلة المنافسة القائمة على عنصري السعر والجودة. ربما كانت هذه المنافسة موجودة في السابق، لكنها ليست كما هي الآن على أي حال، وليست بالصورة والشكل والمصدر التي اعتاد عليها المستهلك طوال عقود من الزمان.
وكان مسؤولون قطريون أكدوا مراراً وتكراراً عدم تأثر السوق المحلي بالحصار المفروض على قطر، خصوصاً وأن الدولة تستورد احتياجاتها من مختلف أصناف السلع والبضائع الاستهلاكة وغيرها من حوالي 100 سوق حول العالم، وهو ما يحول عملياً دون تأثر السوق القطري بتوقف صادرات هذا السوق أو ذاك.
إحصاءات
وبالاستناد إلى لغة الأرقام، يبدو جلياً أن خسائر دول الحصار الخليجية لا تُعدّ ولا تُحصى من جرّاء الحصار الذي فرضته هي ذاتها على قطر؛ فالميزان التجاري بينها وبين قطر متعادل إلى حد كبير، لكنه بالنسبة للسلع والمنتجات الغذائية تحديداً كان طوال العقود الماضية يميل بشكل كبير لصالحها.
وتمثّل نسبة التبادل التجاري بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي نحو 12 % من إجمالي حجم التبادل التجاري لقطر مع دول العالم، و84 % من حجم التبادل التجاري لقطر مع الدول العربية.
وفي العام الماضي، بلغ حجم التبادل التجاري بين قطر ودول الخليج قرابة 38 مليار ريال.
واستوردت قطر في 2016 سلعاً وبضائع خليجية تعادل ما قيمته 19 مليار ريال، فيما استحوذت الصادرات القادمة من السوقين السعودي والإماراتي على 83 % من واردات قطر الخليجية، فضلاً عن 6 % من البحرين، لتشكّل صادرات الدول الثلاث إلى قطر 89 % من إجمالي واردات قطر من الدول الخليجية.
وتجاوزت قيمة صادرات قطر إلى الدول الخليجية نحو 19 مليار ريال عام 2016، ما يمثّل 9 % من مجمل صادراتها، واستحوذت السعودية والإمارات على 65 % من صادرات قطر إلى الدول العربية.