الصين تحكم قبضتها على سوق السيارات في روسيا بعد فرض العقوبات الغربية

“رب ضارة نافعة”.. تمثل هذه الحكمة الوضع الحالي فيما يتعلق بالعقوبات الغربية على روسيا التي أبعدت العلامات التجارية الغربية للسيارات عن موسكو في الوقت الذي تشهد فيه صناعة السيارات الصينية مشكلات في الأسواق الأميركية والأوروبية بسبب التعرفات الجمركية الأعلى، وبالتالي كانت النتيجة أن روسيا أصبحت أكبر وجهة لصادرات شركات السيارات في الصين.

سجلت مبيعات السيارات الصينية في روسيا أرقاماً قياسية جديدة وهو ما قد يعني أنها وفرت بديلاً نوعاً ما للمستهلكين الروس عن منتجات الشركات الغربية، كما ساعدت تلك المبيعات شركات صناعة السيارات الصينية بعد رفع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية من الصين.

وقال إيليا فرولوف، وهو مدون سيارات مقيم في موسكو: “إذا كنت تشتري سيارة، فإن اختيارك هو إما Lada [روسية الصنع] أو سيارة أوروبية باهظة الثمن للغاية يتم جلبها كاستيراد رمادي (بطرق غير رسمية)، أو سيارة صينية مجهزة تجهيزاً جيداً ورخيصة نسبياً”، بحسب صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

أدت تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية إلى انخفاض حاد في مبيعات المركبات من شركات صناعة السيارات الأوروبية والكورية واليابانية والتي كانت تسيطر في وقت سابق على سوق السيارات في موسكو.

ف

ووفق تقرير الصحيفة، فقد كان توسع حضور الصين كبيراً لدرجة أنه لم يقتصر على العملاء فقط بل امتد إلى المهنيين في الصناعة الذين سارعوا إلى الشركات الجديدة.

إلى ذلك، قال مدير وكالة العلاقات العامة Krasnoe Slovo، مقرها موسكو وتعمل مع صناعة السيارات، فاديم جورزانكين: “كل شخص تقريباً [كان يعمل في شركات غربية] يعمل الآن لدى شركات صينية. في البداية، لم نكن نعرف شيئاً تقريباً عن هوية هؤلاء المنتجين، أو كيفية العمل معهم، أو حتى كيفية نطق أسماء علاماتهم التجارية”.

كشفت بيانات الجمارك الصينية عن تصدير سيارات إلى روسيا بقيمة 1.8 مليار دولار خلال شهر سبتمبر/ أيلول، وهو أحدث شهر تتوفر عنه أرقام كاملة، مقارنة بـ 96 مليون دولار في نفس الشهر في العام 2021 (قبل الحرب).

ارتفاع أسعار العلامات التجارية الغربية

وبينما لا يزال التجار غير الرسميين يدخلون السيارات ذات العلامات التجارية الغربية المألوفة إلى روسيا من خلال طرق الاستيراد الموازية، فإن الأسعار المرتفعة قد أبطأت بشكل كبير من قدرة العملاء التقليديين على الشراء.

في ألمانيا، يمكن للأشخاص شراء سيارة BMW X5 30d بحوالي 95 ألف دولار، وفقاً للموقع الرسمي للشركة. في المقابل تتراوح أسعار نفس الطراز من 152 ألفاً إلى 203 آلاف دولار في روسيا، وفقاً لسوق Auto.ru عبر الإنترنت.

تبلغ تكلفة سيارة Exeed VX الصينية المماثلة حوالي 56 ألف دولار. تعد شركة Chery المصنعة لهذا الطراز واحدة من أكثر العلامات التجارية مبيعاً في روسيا، إلى جانب Great Wall Motor وGeely.

تكتم الشركات الصينية عن نشاطها في روسيا

كانت بعض شركات صناعة السيارات الصينية متكتمة بشأن صادراتها في روسيا، وعزت الوجود المتزايد لسياراتها في شوارع البلاد إلى سوق رمادية يديرها تجار موازون.

ي فبراير/ شباط 2022 مع اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، شكلت العلامات التجارية للسيارات الأوروبية والكورية واليابانية 69% من إجمالي مبيعات السيارات في روسيا، وفقاً لوكالة التحليلات Avtostat.

لكن حصة هذه العلامات انخفضت إلى 8.5% فقط من السوق في الوقت الحالي، وفي المقابل ارتفعت حصة الشركات الصينية خلال نفس الفترة من 9% إلى 57%.

أصبحت روسيا أكبر وجهة تصدير للسيارات المصنعة في الصين خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2024، بعدد 849.951 ألف مركبة، وفقاً لبيانات من جمعية سيارات الركاب الصينية. وكانت المكسيك ثاني أكبر وجهة، لكنها استوردت أقل من نصف هذا العدد.

وقال الأمين العام لجمعية سيارات الركاب الصينية، كوي دونغشو: “النمو الكبير في صادرات السيارات الصينية خلال السنوات الأخيرة يعتمد بشكل أساسي على مساهمات السوق الروسية”.

وأضاف: “وفرت التقلبات والتغيرات الدراماتيكية في المشهد التنافسي لسوق السيارات في روسيا لشركات السيارات الصينية فرص بيع وفيرة وأرباحاً ضخمة”.

ويشار إلى أن حوالي 90% من المركبات الصينية التي تباع في روسيا مزودة بمحركات احتراق داخلي، على الرغم من بيع أكثر من 15 ألف سيارة في روسيا في الأشهر الثمانية الأولى من العام 2024 من إنتاج شركة Li Auto، وهي شركة تصنيع مركبات كهربائية ومتخصصة في سيارات الدفع الرباعي الهجينة.

السابق
النفط يهبط 2 % لضعف الطلب الصيني
التالي
ابتهاج الأحمداني عضواً بمجلس أمناء المستثمرات العرب