لا شك أنك سبق أن شاهدت ذكريات دوّنها أحدهم على جدار أو داخل كتاب، أو حتى رأيت من نحت اسمه واسم من يحب على صخرة أو ورقة لفها ورماها في زجاجة تعبر المحيط على طريقة فيلم “Message in a Bottle”، ولكن تشارلز ديوك رائد الفضاء الذي صعد سطح القمر في 20 نيسان/إبريل 1972 عبر بعثة “أبولو 16” – الرحلة قبل الأخيرة لإرسال رواد فضاء من ناسا إلى القمر- رمى على سطح القمر صورة عائلته.
صورة يظهر فيها ديوك بصحبة زوجته وطفليه، رماها هناك قبل أعوام، محاطة بغلاف بلاستيكي رقيق لتبقى ذكرى منذ 45 عاماً حتى اليوم.
وكتب ديوك، الذي كان عاشر إنسان تطأ قدماه سطح القمر، على الجانب الخلفي للصورة: “هذه هي عائلة رائد الفضاء تشارلي ديوك من كوكب الأرض الذي هبط على سطح القمر في 20 إبريل 1972”.
وعن تلك الرحلة تحدث ديوك إلى موقع “بيزنس إنسايدر”، وذكر وهو اليوم يتخطى الثمانين من العمر، أنه في تلك الرحلة كان يبلغ من العمر 36 عاماً كأصغر رائد فضاء يصل القمر، مبيناً أن قصة الصورة العائلية أضفت على رحلات الفضاء جانباً إنسانياً مفقوداً.
وكشف أن الفكرة جاءت بعد أن أبدى طفلاه تشارلز الثالث وتوماس حماساً لمرافقته في الرحلة المحفوفة بروح المغامرة والمخاطر، وكان حينها يقضي فترات طويلة في فلوريدا للتدريب مع طاقم بعثة “أبولو 16″، الأمر الذي يحرمهم من رؤيته، لأنهم يقيمون في هيوستن، ففكر في مكافأتهم بصعود العائلة جميعاً معه عبر الصورة والبقاء هناك.
ديوك الذي كانت مهمته الرئيسية بصحبة رفيقيه “جون يونغ” و”كين ماتينجلي” جلب الصخور والرمال القمرية، حيث أسفرت تلك الرحلة التي استمرت 11 يوماً عن نقل 94.7 كيلوغرام من التربة والصخور، وتم فيها التحليق على ما يزيد عن 350 ألف كيلو متر عن الأرض.
مصير الصورة والحسرة
ديوك أبدى حزناً تجلى بوضوح في عباراته عندما سئل عن توقعه لما حصل للصورة الآن بعد هذه الفترة الزمنية، فقال متحسراً: “أتوقع أنها ليست في حالة جيدة، وفي منطقة هبوطنا ترتفع درجات الحرارة 400 درجة على مقياس فهرنهايت، وفي الليل تهبط إلى درجات الصفر المطلق”. وأضاف: “أتوقع أنها انكمشت ولن أراها مرة أخرى بحالة جيدة بل على الأرجح أن الصورة تلاشت”.
وتحسر في سياق حديثه كونه لا توجد لديه وسيلة تشبع فضوله وتساعده على رؤية الصورة من مقر إقامته في هيوستن والتغيرات التي طرأت عليها، في ظل عدم استطاعة الأقمار الصناعية التقاطها كونها صغيرة جداً كما يقول، إلا أنه دائماً ما يسلّي نفسه عندما يتذكر بأنه فعلها وأوصل زوجته وطفليه إلى سطح القمر.