الدوحة – وكالات – بزنس كلاس:
حققت الصناعات الصغيرة والمتوسطة طفرة قوية في الآونة الأخيرة في المشهد الاقتصادي القطري لا سيما مع لعبها دوراً مهماً جداً من خلال مبادرات خلاقة في تنويع مصادر الدخل وتنويع الاقتصاد القطري بشكل عام في خطوة أساسية على طريق تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030.
وتمضي دولة قطر بخطى ثابتة في دعم وتمكين المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وإرساء قواعد متينة، راسخة، لتوطين الصناعات الصغيرة والمتوسطة، استجابة لاحتياجاتها الآنية والمستقبلية، وفق أفضل معايير الجودة العالمية لدعم الاقتصاد الوطني.
ويأتي هذا التوجه في إطار رؤية شاملة، وخطط طموحة، فيما يتصل بتنويع مصادر الدخل الوطني ، والانتقال تدريجيا وبخطى مدروسة من اقتصاد قائم على النفط إلى اقتصاد متنوع، ومستدام، تلعب فيه الصناعات الصغيرة والمتوسطة دورا محوريا لتحقيق الأهداف الاستراتيجية التنموية للدولة.
وانسجاما مع ذلك عملت دولة قطر على تهيئة البيئة المناسبة للمستثمرين، عن طريق إصدار التشريعات والقوانين ووضع النظم الكفيلة بتشجيع وتحفيز القطاع الخاص المحلي والأجنبي على الاستثمار في القطاع الصناعي، وفق استراتيجية واضحة للقطاع ، تتكامل من خلالها جهود الكثير من الجهات في الدولة لإنجاحها، منها وزارة الطاقة والصناعة، ووزارة الاقتصاد والتجارة، وبنك قطر للتنمية، وغيرها.
وفي هذا السياق، يقول المهندس يوسف العمادي مدير إدارة المناطق الصناعية بوزارة الطاقة والصناعة في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ إن الاستراتيجية الصناعية لدولة قطر تهدف لتسريع معدل نمو الصناعات الصغيرة والمتوسطة التي تمتلك قدرة أكبر على زيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج الإجمالي المحلي.
وأوضح ” تقوم وزارة الطاقة والصناعة بموجب اختصاصاتها، بتهيئة قطاع الصناعة التحويلية لتحقيق الاكتفاء الذاتي ولتنويع مصادر الدخل، وجعل هذا القطاع رافداً أساسياً من روافد الدخل القومي”..مشيرا إلى جهود الوزارة التي أثمرت زيادة مطردة في عدد الموافقات المبدئية التي تصدر للكثير من المشروعات، وعدد التراخيص النهائية.
وقال أن عدد المصانع العاملة المسجلة لدى الوزارة ارتفع من 334 منشأة عام 2000، إلى 707 منشآت بنهاية عام 2016، أي بنسبة زيادة 211.7 في المائة، فيما بلغ حجم استثماراتها خلال عام 2016 حوالي (260.5) مليار ريال قطري ، وعدد العاملين في هذه المنشآت (88.6) ألف عامل وفني.
ولفت إلى أن منطقة الصناعات الصغيرة والمتوسطة ، تعد الأولى من نوعها في دولة قطر، وتحتل مساحة تربو إلى عشرة ملايين متر مربع، تم تخصيص 712 قطعة منها لإقامة مشروعات صناعية.
وتوضح بيانات وزارة الطاقة والصناعة، أن عدد المصانع التي بدأت الإنتاج في المنطقة بلغت 260 مصنعا، و79 مشروعا في المراحل النهائية لبدء بالإنتاج، و279 مشروعا على قائمة الانتظار.
ويشير المهندس العمادي إلى أن الوزارة بصدد الانتهاء من الإجراءات الإدارية مع الجهات المختصة بالدولة لتخصيص أرض لتوسعة المنطقة الحالية ، وقال إنه فور الانتهاء من هذه الإجراءات، سيتم البدء بعملية التوسعة.
وفي نفس الاطار، شكلت المبادرات التي أطلقتها وزارة الاقتصاد والتجارة خلال السنوات الأخيرة، رافدا مهما في مسيرة تطوير وتوطين قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة لتعزيز مساهمته في الاقتصاد الوطني من أجل إرساء اقتصاد متنوع وتنافسي مبني على المعرفة.
وقامت الوزارة بدراسة العديد من القطاعات الاقتصادية وتقييم درجة المنافسة فيها، وتم رفع مقترحات بشأنها إلى الجهات المختصة،حيث تعلقت هذه المقترحات بتفعيل آليات المنافسة العادلة، وتشجيع المستثمرين، وتسهيل إجراءات مزاولة النشاط، وإزالة الحواجز أمام النفاذ إلى الأسواق، وكسر الاحتكار.
وقد تجسدت تلك الجهود في تبوء دولة قطر لمراتب متقدمة في مختلف التقارير الدولية، حيث احتلت المرتبة الثانية عالميا من حيث توفير بيئة مستقرة للاقتصاد الكلي، والثامنة عالميا في مؤشر الأداء الاقتصادي، والثامنة عشر في مؤشر التنافسية العالمي لعام 2016.
وعلى الصعيد التشريعي، حرصت وزارة الاقتصاد والتجارة على سن التشريعات القانونية التي ساهمت في تطوير بيئة الأعمال بدولة قطر بصورة عامة، ومن بينها إصدار قانون الشركات التجارية الجديد، الذي ساهم في تسهيل إجراءات تأسيس الشركات الصغيرة والمتوسطة، من خلال إلغاء المتطلبات المتعلقة بالحد الأدنى لرأس المال لتأسيس الشركات ذات المسؤولية المحدودة، التي تشكل نسبة كبيرة من الشركات التي يتم تأسيسها من قبل صغار المستثمرين ورواد الأعمال.
وبادرت الوزارة ، أيضا بإطلاق خدمة النافذة الواحدة لخدمات المستثمر التي تهدف إلى تبسيط وتسريع إجراءات جميع معاملات بدء النشاط التجاري وممارسة الأعمال أمام المستثمرين ورجال الأعمال وتحفيز القطاع الخاص وتذليل العقبات التي تواجههم.
وفي إطار السعي إلى تحسين وتطوير بيئة الأعمال في الدولة، أطلقت الوزارة بالتعاون مع وزارة البلدية والبيئة مبادرة تتمثل في تحديد وتسهيل إجراءات وشروط الرخص الإنشائية لمراكز الأعمال، وبمزايا تدعم رجال الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمبتدئة.
كما تم وضع الإطار القانوني والمؤسسي للشراكة بين القطاعين العام والخاص، من خلال إنشاء اللجنة الفنية لتحفيز ومشاركة القطاع الخاص في مشروعات التنمية الاقتصادية بوزارة الاقتصاد والتجارة، والتي تضم ممثلين عن عشر جهات بالدولة.
وتختص اللجنة بتقديم الاقتراحات للمشروعات الاقتصادية وتقديم وسائل دعم وتحفيز القطاع الخاص ووضع السياسات والمعايير والضوابط لبرامج التحفيز ، بالإضافة إلى الإشراف على تنفيذ مشروعات التحفيز ومشاركة القطاع الخاص في مشروعات التنمية الاقتصادية بالدولة.
كما بادرت الدولة عبر وزارة الاقتصاد والتجارة بإطلاق مبادرات رائدة في مجال دعم القطاع الخاص وتحفيزه، مثل إنشاء (4) مناطق تخزينية منخفضة التكاليف تمد السوق بمساحات تخزين تقدر بمليوني متر مربع بشكل سريع وبأسعار تنافسية تتلاءم مع طلباتهم، خلال سنتي 2018 و2019.
ويتوقع أن تحفز هذه المشاريع القطاع الخاص لضخ استثمارات تقدر بمليارين و800 مليون ريال قطري في هذا المجال.
وفي السياق ذاته، يجري العمل على (4) مناطق لوجستية، لسد النقص في المساحات التخزينية عبر توفير (8) ملايين متر مربع لتغطية حاجة الشركات الصغيرة والمتوسطة وتأمين خدمات لوجستية ، ويتوقع أن تجلب هذه المشاريع استثمارات من القطاع الخاص تقدر بأكثر من (24) مليار ريال قطري.
من جانبه، يلعب بنك قطر للتنمية دورا كبيرا في تعزيز توطين القطاع الصناعي سواء عن طريق الشراكة مع الجهات التي تعكف على تنفيذ مشاريع تنموية بالدولة، أو عن طريق تقديم الدعم المباشر للمساعدة على إدراج المصنعين القطريين في سلاسل التوريد المعتمدة لدى الجهات التي تتولى إقامة المشاريع التنموية بالدولة خاصة مشاريع البنى التحتية.
وتهدف هذه الجهود إلى زيادة الاعتماد على القطاع الصناعي المحلي ورفع قدرات المنتجات القطرية وتعزيز مشاركة المصانع المحلية في المشاريع التنموية ، فضلا عن تشجيع المستثمرين الوطنيين الحاليين والجدد على ضخ استثماراتهم في إنشاء مصانع جديدة تساهم في توفير متطلبات مشاريع الدولة الحالية والمستقبلية.
وأطلق البنك سلسلة من المبادرات في هذا الإطار، كان آخرها مبادرة /تأهيل/ بالتعاون مع هيئة الأشغال العامة /أشغال/ التي دشنت على هامش النسخة الثانية من معرض /اشتر المنتج الوطني/.
وتسعى المبادرة إلى اعتماد منتجات المصانع الوطنية وإتاحة المزيد من الفرص أمام المصنعين القطريين للمشاركة في تنفيذ برامج ومشاريع الهيئة الهندسية والإنشائية، سواء المشاريع الجاري تنفيذها حاليا أو المشاريع المستقبلية ، كما تهدف إلى تشجيع المزيد من المستثمرين الوطنيين على إقامة مشاريع التصنيع الجديدة للمساهمة في مشاريع الدولة اعتمادا على القدرات والموارد والصناعات والطاقات البشرية القطرية.
وتشمل المبادرة كافة المشاريع سواء كانت جسورا أو طرقا أو مبان مدرسية أو مرافق صحية أو شبكة الصرف الصحي، وذلك بهدف استغلال المنتجات المحلية في المشاريع التي تنفذها هيئة /أشغال/ بنسبة تتراوح بين 70 إلى 80 بالمائة.
وقد كان للجهود المبذولة من أجل تقديم الدعم الكبير للقطاع الصناعي ثمارها حيث ظهرت صناعات قطرية تتميز بالجودة والتنافسية، وبرز مصنعون قطريون يمتلكون خبرات متراكمة.
وتشير البيانات إلى أن نسبة إنتاج الصناعات المحلية تتراوح ما بين 30 إلى 35 بالمائة من المنتجات التي تستوردها الدولة، في حين وصل عدد المنشآت الصناعية إلى 723 منشأة العام الحالي، بفضل الدعم التكاملي من مختلف الجهات المعنية.
ويمتلك بنك قطر للتنمية تجربة متميزة عبر برنامج /تصدير/ الذي يعمل مع المصنعين القطريين. واستطاع البرنامج خلال سنوات عمله منذ عام 2011 أن يصل بنسبة الصادرات القطرية غير النفطية إلى 14 في المائة من مجمل الصادرات،علما بأن نسبة التصدير قبل البرنامج لم تكن تتجاوز 6 بالمائة.
وفيما استطاعت 250 شركة صغيرة ومتوسطة الوصول لعدد كبير من الأسواق، ووضع قدم راسخة فيها، يسعى بنك قطر للتنمية إلى زيادة مساهمة هذا القطاع، وإدخال صناعات جديدة مبنية على المعرفة.
وقد بلغت المحفظة التمويلية في بنك قطر للتنمية 5, 7 مليار ريال، علما أن البنك يلتزم بتمويل كافة المشاريع التي تصب في مصلحة الاكتفاء الذاتي وتحقيق القيمة المضافة للاقتصاد المحلي، إلى جانب دوره الكبير في تقديم الخدمات التدريبية والاستشارية واللوجستية والتصديرية .
ولا يعمل بنك قطر للتنمية على تقديم الدعم اللازم للمصنعين القطريين فقط ، بل يعمل أيضا على الترويج لصادراتهم من خلال ذراعه التصديرية “تصدير” وذلك عبر تسهيل مشاركة المصدرين في المعارض الدولية المعروفة لدى الأسواق المستهدفة، وإتاحة الفرصة أمامهم للمشاركة كمجموعة في إطار “الجناح القطري” المقام بالمعارض المحلية والإقليمية والعالمية.
كما ينظم برنامج “تصدير” عقب إجراء الدراسة التسويقية القطرية في الأسواق المستهدفة، اجتماعات التوافق بين المصدرين القطريين والمشترين الدوليين.
ومن المبادرات النوعية الأخرى في القطاع الصناعي، /امتلك مصنعا في قطر خلال 72 ساعة/ وهي المبادرة الثانية لمشروع النافذة الواحدة والتي تم فيها طرح 250 فرصة استثمارية بالقطاع الصناعي، وشهدت إقبالا تنافسيا كبيرا من جانب 9349 مستثمرا.