مؤتمر “يورموني قطر” يحدد الإحداثيات ويرصد الطريق

 

جبال الجليد تواجه تيتانيك الاقتصاد العالمي وقطر سفينة إنقاذ

غيوم المشهد السياسي العالمي تمطر أزمات وتعقيدات والسياسات الحكيمة مظلة واقية 

قادة القطاع المصرفي:

قطـــر تمتلك استراتيجية واضحة في ظل حالة عدم التيقن التي يشهدها العالم 

التنوع الاقتصادي وتفعيل القطاع الخاص أداة مواجهة قوية للتحديات

العمادي: 46 مليار ريال قيمة عقود لمشاريع جديدة 2017

الكواري: 8% زيادة مساهمة القطاع غير النفطي بالناتج المحلي 2018

غانم: قطر نجحت في اتباع سياسة التنويع الاقتصادي

 

الدوحة بزنس كلاس 

 

يمر الاقتصاد العالمي حالياً بحالة من عدم الاستقرار وعدم التيقن الشديدين، وذلك نتيجة لمجموعة من الضغوط السياسية، إلا أن دولة قطــر تعتبر مثالاً إيجابياً يتجسد في قيادتها الرشيدة وسياساتها الواضحة، حسب رأي اقتصاديين كبار وقادة في القطاع المصرفي العالمي ممن يشاركون في مؤتمر يورموني قطر 2016، الذي انطلقت أعماله في الاسبوع المنصرم في العاصمة القطرية الدوحة.

احتمالات مفتوحة

خلال المؤتمر، اتفق المتحدثون على احتمالية استمرار مجموعة من العوامل التي تشمل حالة عدم اليقين بشأن سياسات التجارة في المستقبل التي قد تظهر خلال حقبة إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، والتحديات التي ظهرت نتيجة لصعود التيار الشعبوي في أوروبا، وخاصة بعد التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلى جانب المخاوف التي تحيط بملف الديون الصينية “الفجوة الائتمانية”، في إلقاء ظلالها على التجارة العالمية، والقطاع المالي العالمي خلال 2017.

وعند اجتماع هذه العوامل مع استمرار انخفاض أسعار النفط، وحالة عدم الاستقرار التي نشأت عما يعرف بالربيع العربي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فمن المرجح أن يلجأ المستثمرون العالميون إلى السعي خلال السنوات القادمة للحصول على عائدات أعلى على استثماراتهم في المنطقة بسبب هذه المخاطر.

 

وقد بين كبار القادة في قطر الخطوات المهمة التي اتخذتها دولة قطــــر لتحقيق نمو إيجابي، وتعزيز مكانة الدولة باعتبارها نموذجاً للتنمية المستدامة.

عن المشاريع الكبرى

في هذا السياق، أشار السيد علي شريف العمادي، وزير المالية بدولة قطــر إلى التحديات التي تواجه الاقتصادات المتقدمة خلال 2017، ولفت إلى ضرورة وجود سياسات مالية عالمية متوافقة لتتيح تحقيق نمو مستدام.

وقدر السيد العمادي التكلفة الإجمالية لعقود المشاريع الجديدة المزمع توقيعها خلال العام 2017 بنحو 46 مليار ريال، مفيداً بأن التكلفة الإجمالية للمشاريع التي تم الالتزام بها بلغت 374 مليار ريال.

وأكد سعادته، في كلمته التي ألقاها خلال افتتاح مؤتمر يوروموني قطر 2016 ، على أن أهم ما يميز الموازنة العامة للدولة للعام المالي المقبل هو الالتزام بخطط المشاريع التنموية، لافتاً إلى أنه تم زيادة مخصصات المشاريع الكبرى ومشاريع البنية التحتية في القطاعات الرئيسية، وهي الصحة والتعليم والمواصلات، بالإضافة إلى المشاريع المرتبطة باستضافة كأس العالم 2022.

وأوضح أنه نظراً للعدد الكبير من المشاريع التي يتم تنفيذها طبقاً للخطط والجدول الزمني المعتمد، فسيتم زيادة مصروفات المشاريع الكبرى في الدولة خلال السنوات الثلاث المقبلة، وذلك لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، حسب الركائز الأساسية في رؤية قطر الوطنية 2030.

التزام جكومي

وأشار العمادي إلى إن الاستمرار في زيادة المصروفات الاستثمارية على المشاريع الكبرى يؤكد التزام الدولة بخططها الاستراتيجية على المدى الطويل لتحقيق التنمية المستدامة والتنوع الاقتصادي، مؤكداً أن الاستمرار في تنفيذ المشاريع الكبرى سيكون له دور كبير في زيادة معدلات النمو في القطاعات غير النفطية.

وبين العمادي أنه على الرغم من التراجع الكبير في أسعار الطاقة في الأسواق العالمية، والذي كان له تأثير على إيرادات الدولة من النفط والغاز خلال العامين الماضيين، تمكنت دولة قطر من الحفاظ على معدلات النمو الاقتصادي عند مستويات جيدة، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ معدل النمو في الدولة %3.4 خلال عام 2017، وهو أعلى معدل متوقع للنمو في منطقة مجلس التعاون الخليجي.

كفاءة

إجراءات مضاعفة

وأشار في هذا الصدد إلى أنه تم اتخاذ العديد من الإجراءات بهدف زيادة كفاءة الإنفاق العام وتطوير المالية العامة للدولة، وفي نفس الوقت زيادة مشاركة القطاع الخاص في مسيرة التنمية الاقتصادية وتعزيز النمو في القطاعات غير النفطية، والذي بلغ %5.8 خلال النصف الأول من العام الجاري.

كما أكد سعادته أن هذه الإجراءات أدت إلى تطورات مهمة تظهر بوضوح في الموازنة العامة للدولة، سواء موازنة عام 2016 أو موازنة السنة المالية المقبلة، التي من المتوقع الإعلان عنها قريباً، حيث تم مراجعتها وإقرارها من قِبَل مجلس الوزراء ومجلس الشورى. ونوه وزير المالية بأن من أهم الإجراءات التي تم اتخاذها مؤخراً لتعزيز الأداء الاقتصادي هو تطبيق قانون المناقصات الحكومية الجديد، بما يضمن تحقيق الشفافية وزيادة مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ المشاريع الكبرى، كما يسعى القانون إلى دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال إعفائها من بعض متطلبات المناقصات مثل الضمانات المالية.

وشدد سعادته على أنه سيتم اتخاذ مزيد من الإجراءات لتعزيز بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية خلال المرحلة المقبلة، مما سوف يؤدي إلى دعم النمو الاقتصادي وزيادة النشاط في القطاعات غير النفطية بما يحقق التنوع الاقتصادي.

كما أكد العمادي على أنه يتم السيطرة أيضاً على التضخم عند مستويات مقبولة من خلال التنسيق الدائم بين السياسات المالية والنقدية، منوهاً بأن هذا سيوفر مزيداً من الدعم لبيئة الأعمال والاستثمارات في الدولة.

خريطة موسّعة

وأشار سعادة السيد علي شريف العمادي، وزير المالية، إلى أن مؤتمر يوروموني قطر، أصبح حدثاً سنوياً هاماً يجمع نخبة مميزة من خبراء الاقتصاد والمال في المنطقة والعالم لمناقشة العديد من القضايا الرئيسية في الساحة الاقتصادية والمالية على المستويين العالمي والإقليمي.

وتطرق سعادته إلى بعض القضايا الملحة في المرحلة الحالية، حيث أشار إلى أن الآفاق الاقتصادية العالمية غير مشجعة بالقدر الكافي.

وقال: «إنه على الرغم من التوقعات بارتفاع طفيف في النمو الاقتصادي العالمي لعام 2017، إلا أن اقتصادات الدول المتقدمة تسجل نمواً ضعيفاً بالرغم من السياسات النقدية التيسيرية التي يتم تطبيقها منذ سنوات، والتي أصبح من الواضح أنها لم تكن كافية لتحقيق نمو اقتصادي متوازن وقابل للاستمرار، كما أن الدول المصدرة للسلع تعاني من تدني إيراداتها وتباطؤ في النمو الاقتصادي».

ونوه وزير المالية بضرورة أن يأخذ مؤتمر يوروموني قطر، والذي يسعى إلى وضع رؤى وتصورات حول بناء نظام مالي عالمي جديد، بعين الاعتبار التحولات الحالية والمخاطر والتحديات التي يشهدها العالم والبحث في تداعياتها المحتملة على الأداء الاقتصادي، لكي نتمكن من استشراف المستقبل ووضع خطط للتعامل معها، مؤكداً أن هناك حاجة ملحة لوضع وتنفيذ سياسة مالية عالمية تعمل على تعزيز الثقة وتدفع النمو الاقتصادي.

نحو اقتصاد محدث

من جانبه، أعرب السيد علي أحمد الكواري، الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك قطر الوطني QNB، عن ثقته بإمكانيات قطر. وأشار في كلمته خلال مؤتمر يوروموني قطر، إلى وضع الاقتصاد القطري وتوقعات النمو خلال الفترة القادمة، فالدولة تسعى إلى التحول إلى الاقتصاد المعرفي، وفقا لرؤية قطر 2030، وزيادة مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي، بحيث يصل نموه إلى 8% خلال عام 2018. وأوضح أنه رغم تراجع أسعار النفط إلا أن المشاريع الرئيسية للدولة لم تتأثر، وأهمها مشاريع قطاعات البناء والتشييد، النقل، النفط، الغاز، البتروكيماويات والبني التحتية.

وأشار الكواري إلى إطلاق مجموعة “QNB” استراتيجيتها الجديدة، التي تركز على أن يكون البنك الرائد في المنطقة وشمال إفريقيا، لافتا إلى تضاعف أصول البنك، وزيادة محفظة القروض والودائع إلى أعلى مستوياتها خلال العام الحالي، حيث احتل البنك المرتبة الأولى في منطقة الخليج. ونوه الرئيس التنفيذي لمجموعة “QNB”، بأن البنك لديه خطة لزيادة التوسع الإقليمي خلال الفترة القادمة من خلال استثمارات جديدة في الأسواق الخارجية، كما أنه انتهى من تطوير استراتيجية دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث تم إنشاء مركز لدعم هذه الشركات بالبنك من خلال التنسيق مع الجهات الحكومية، موضحا في الوقت ذاته أن البنك يدعم مشاريع التعليم والبناء والطب والصناعات الصغيرة والمتوسطة.

 

تغييرات بنيوية

 

جورج ماجنوس، الخبير الاقتصادي المشهور، يرى أن الوضع الاقتصادي إيجابي تماماً، ولذلك فمن المرجح أن تسهم العوامل السياسية في زيادة حالة عدم اليقين وعدم الاستقرار خلال 2017 وما بعدها. وأشار ماجنوس إلى تباطؤ النمو في التجارة العالمية منذ الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008، وأوضح بأن هذه التباطؤ لم يعد تباطؤاً دورياً منتظماً، بل هو تغيير بنيوي سيتفاقم كثيراً في حال دفعت الإدارة الأمريكية الجديدة إلى وضع عوائق أمام التجارة العالمية.

 

وأشار ماجنوس أيضاً إلى النمو الكبير في الديون الصينية، وإلى اتساع الفجوة الائتمانية نسبة إلى الديون كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، والتي تعتبر أحد المخاطر المحتملة في المستقبل.

مصادر موازية

من جانبه، أوضح حافظ غانم، نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعض التحديات الاقتصادية التي يحتمل أن تؤثر على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأكد بشكل خاص على الدور الذي يمكن أن يلعبه الرضا عن ظروف الحياة، والقدرة على الاستفادة من الخدمات الأساسية، والشمول الاقتصادي في تحقيق الاستقرار.

وأكد غانم أن دولة قطر نجحت في اتباع سياسة التنويع الاقتصادي، وذلك في إطار تحقيق أهداف رؤيتها الوطنية 2030، واليوم بدأت دول الخليج تسير على هذا النهج، وهذا بدوره يساعد على النهوض باقتصاد المنطقة واستقلاله عن الاعتماد على النفط والغاز فقط.

ونوه غانم، في تصريحات صحافية على هامش مؤتمر يوروموني قطر، بضرورة الحاجة إلى التنويع الاقتصادي، وأن يتم النظر إلى انخفاض أسعار النفط على أنها فرصة تدفع للإسراع في اتخاذ قرارات وسياسات تدعم التنويع الاقتصادي، مشيرا في هذا الصدد إلى أن البنك الدولي يقوم مع دول الخليج بدراسة آليات وطرق تنويع الاستثمارات.

وقال إن أهم النقاط التي أثيرت في المؤتمر هي التغيير الذي يحصل في الاقتصاد العالمي نتيجة انخفاض معدلات النمو في أوروبا والصين، فضلا عن انخفاض أسعار النفط. وبخصوص ضريبة القيمة المضافة، أوضح نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أنها من إحدى مصادر تنويع الدخل للحكومات، مشددا على أنه لا يمكن الاعتماد على الإيرادات النفطية أو بعض الضرائب المحدودة فقط، فضريبة القيمة المضافة تعد من أكثر الآليات كفاءة خاصة أنها ضريبة على الاستهلاك وليست ضريبة على الاستثمار.;

 

فقد حضر مؤتمر يورموني قطر 2016 أكثر من 600 من كبار المتخصصين في الشؤون المالية وقادة القطاع المصرفي، حيث استمعوا إلى كلمات عدد من كبار المتحدثين حول المخاطر والفرص التي تواجه الاقتصادات المحلية والإقليمية والعالمية في عالمنا اليوم.

 

السابق
الدوحة: توقيع 50 عقد بنهاية معرض “الأردن اليوم”
التالي
اتفاقية شراكة بين انصار جاليري وقطر الخيرية لمشروع “بطاقات الخير”